طرابلس: استكملت قوات الحكومة الموازية في ليبيا بقيادة الفريق اول خليفة حفتر سيطرتها على كامل منطقة الهلال النفطي بعدما دخلت ميناء البريقة الثلاثاء "من دون قتال" في اطار هجوم نددت به الولايات المتحدة وخمسة من كبار حلفائها الاوروبيين.

وقال العقيد مفتاح المقريف آمر جهاز حرس المنشآت النفطية التابع للقوات التي يقودها حفتر لوكالة فرانس برس "سيطرنا على ميناء البريقة النفطي بالكامل من دون قتال (...) وجرى ذلك بواسطة اهالي واعيان البريقة".

واضاف "منطقة الهلال النفطي بكاملها اصبحت في ايدينا".

وبدأت هذه القوات الاحد هجوما على منطقة الهلال النفطي الواقعة بين بنغازي (الف كلم شرق طرابلس) وسرت (450 كلم شرق طرابلس) وسيطرت على ميناءي راس لانوف والسدرة، اكبر موانئ تصدير النفط، قبل ان تعلن الاثنين السيطرة على ميناء الزويتينة.

ومع سيطرتها على ميناء البريقة، تكون القوات المعادية لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس قد بسطت سلطتها على كامل منطقة الهلال النفطي بعدما وضعت يدها على الموانئ الاربعة التي تضمها هذه المنطقة.

ودفع الهجوم المباغت الولايات المتحدة وخمسة من كبار حلفائها الاوروبيين الداعمين لحكومة الوفاق الوطني الى اصدار بيان دعوا فيه "كل القوات المسلحة الموجودة في الهلال النفطي للانسحاب الفوري وغير المشروط".

وقالت الدول الست ان "حكومات فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة تدين الهجمات التي استهدفت في نهاية الاسبوع موانئ زويتينة وراس لانوف والسدرة والبريقة النفطية في ليبيا".

وترعى هذه الدول العملية المعقدة لاعادة توحيد ليبيا واعادة اعمار هذا البلد الغارق في الفوضى منذ الاطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011.

وشدد البيان على ان النفط ملك للشعب الليبي ويجب بالتالي أن تديره حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الامم المتحدة ومقرها طرابلس.

وأضافت الدول الست "ندعو كل القوات المسلحة الموجودة في الهلال النفطي للانسحاب الفوري وغير المشروط" مطالبة ب"وقف فوري لاطلاق النار" ومجددة دعمها لحكومة الوفاق.

وتعتبر الدول الكبرى حكومة الوفاق الوطني الجهة السياسية الشرعية الوحيدة في ليبيا، ولا تعترف بسلطة الحكومة الموازية التي تتخذ من مدينة البيضاء في الشرق مقرا وترفض تسليم السلطة.

والمواجهات التي شهدتها المنطقة النفطية على مدى الايام الماضية بين قوات الحكومة الموازية وجهاز حرس المنشآت الموالي لحكومة الوفاق هي الاولى بين قوات كل من السلطتين منذ وصول الحكومة المدعومة من المجتمع الدولي الى العاصمة الليبية في نهاية مارس الماضي.

الجيش سيخرج من الموانئ

وستحرم سيطرة القوات التي يقودها حفتر على المنطقة النفطية حكومة الوفاق الوطني من أهم مواردها المالية، في وقت كانت تستعد لإعادة إطلاق قطاع النفط عبر استئناف التصدير من الموانئ النفطية.

وكان حرس المنشآت النفطية التابع لحكومة الوفاق اعلن في أغسطس إعادة افتتاح قريبة لميناءي السدرة وراس لانوف اللذين تبلغ طاقتهما التصديرية نحو 600 الف برميل في اليوم.

والى جانب دعم الحكومة الموازية، تحظى العملية العسكرية في منطقة الهلال النفطي بدعم رئيس البرلمان المنتخب الذي يتخذ من مدينة طبرق في الشرق مقرا.

واعتبرت عقيلة صالح في بيان الثلاثاء ان الهجوم يهدف الى "تحرير المواقع النفطية من حقول وموانئ من محتلي ومعرقلي تصدير النفط الليبي".

واكد رئيس البرلمان المعارض لحكومة الوفاق ان "الجيش سوف يخرج من الحقول والموانئ (...) ولن تتواجد مظاهر مسلحة داخل الحقول والموانئ بعد ذلك" على ان يتم التصدير عبر المؤسسة الوطنية للنفط.

وتبذل منذ يوليو مساع من اجل انهاء الانقسام في المؤسسة الوطنية للنفط بين فرعيها، الاول في طرابلس ويتبع حكومة الوفاق الوطني، والثاني في بنغازي ويتبع سلطة الحكومة الموازية.

لكن تصدير النفط حتى وان تقرر ان يتم عبر مؤسسة نفطية موحدة لن يكون لصالح حكومة الوفاق الوطني بل لصالح الحكومة الموازية غير المعترف بها دوليا بما ان قواتها العسكرية هي التي باتت تسيطر على الموانئ.

ويتعارض هذا الامر مع قرار الدول الكبرى حصر تعاملها مع حكومة الوفاق، ما يعني ان تصدير النفط من الموانئ الليبية في ظل استمرار سلطة الحكومة الموازية عليها قد لا يتحقق.

ومنذ انتفاضة العام 2011 والاطاحة بنظام معمر القذافي، يعيش قطاع النفط في ليبيا تراجعا مستمرا، إذ انخفضت معدلات الانتاج اليومي من نحو مليون و600 الف برميل يوميا الى نحو 200 الف برميل، لتصبح ليبيا، أغنى دول افريقيا بالنفط مع احتياطي يبلغ 48 مليار برميل، أقل دول منظمة "اوبك" إنتاجا في العام 2015، بحسب أوبك.

وتعصف بهذا البلد الشمال افريقي الذي يسكنه نحو ستة ملايين نسمة أزمات سياسية ونزاعات عسكرية عنوانها الصراع على السلطة، الى جانب التهديدات الجهادية، ما تسبب بوقف الانتاج النفطي في العديد من الحقول وباغلاق موانئ التصدير على فترات متقطعة وبانقسام المؤسسة الوطنية للنفط التي تدير قطاعا يمثل العمود الفقري لاقتصاد البلاد.

وأغلقت موانئ التصدير في المنطقة النفطية في مراحل عدة منذ 2011، كان آخرها بداية العام الحالي اثر تعرضها لهجمات شنها تنظيم الدولة الاسلامية وتمكن حرس المنشآت من صدها.

وتصدر ليبيا حاليا كميات بسيطة من النفط من عدد محدود من موانئها، بينها البريقة وطبرق في الشرق.