سوتشي: أشاد الرئيس الروسي فلاديمير الجمعة بـ"الاتحاد" الروسي البيلاروسي قيد البناء، وذلك أثناء استقباله في سوتشي نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو المستهدف بانتقادات أوروبية بعد "تحويل وجهة" طائرة ركاب واعتقال معارض على متنها.

وقال بوتين "أنا سعيد جدًا لرؤيتك"، فيما ارتسمت ابتسامة على وجهه وهو يرحب بلوكاشنكو في مقر إقامته الصيفي.

وأضاف "نحن بصدد بناء اتحاد" معزز بين روسيا وبيلاروس، معتبرا أنه يشعر "منذ الآن نتائج ملموسة لمواطنينا".

وقال لوكاشنكو لنظيره الروسي إن "هناك محاولة جارية لإحداث اضطرابات يصل مستواها إلى ما حصل في آب/اغسطس الفائت"، في إشارة إلى الاحتجاجات المناهضة لنظامه التي هزّت بيلاروس حينها.

وتأتي الزيارة إثر تعرض بيلاروس لانتقادات وعقوبات أوروبية بعد تحويلها الأحد مسار طائرة ركاب كانت تجري رحلة بين أثينا وفلنيوس وإجبارها على النزول في أراضيها. وقد بررت ميسنك العملية بورود تهديد حول وجود قنبلة على متن الطائرة، لكن التبرير لم يكن مقنعا للغربيين بسبب اعتقال صحافي معارض كان بين الركاب.

واعتبر الاتحاد الأوروبي أن تهديد القنبلة مدبر، وطلب إثر العملية من شركات الطيران تجنب المجال الجوي البيلاروسي.

من جهتها، اعتبرت وزارة الخارجية الروسية أن مينسك تتعامل بشفافية في ملف الطائرة.

وقالت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا إن الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي تتصرف "بشكل غير مسؤول يعرض سلامة الركاب للخطر" من خلال توجيه شركات الطيران إلى تجنب المجال الجوي البيلاروسي.

أعقب قرار الاتحاد الأوروبي إلغاء العديد من رحلات الخطوط الجوية الفرنسية والخطوط الجوية النمساوية إلى موسكو لأن روسيا لم تصادق على خطط تجنب المجال الجوي البيلاروسي.

وقالت هيئة الطيران الروسية "روسافياتسيا" إن تأخر المصادقة على خطط الرحلات التي تتجنب المجال الجوي البيلاروسي ناتج عن "زيادة عدد طلبات شركات الطيران"، وأعلنت الخطوط الجوية النمساوية حصولها على الوثائق اللازمة لرحلاتها.

تؤكد مينسك أن قائد الطائرة لم يتعرض لأي ضغوط، في حين أنه تم حثه على الهبوط في بيلاروس إضافة إلى إرسال لوكاشنكو مقاتلة لمرافقة الطائرة المدنية من طراز بوينغ 737 التي تشغلها شركة "راين إير".

يعتقد لوكاشنكو أن أوروبا تريد "خنق" بلاده التي استُهدف العديد من كبار مسؤوليها بالفعل بعقوبات بسبب القمع الذي طاول منتقدي النظام منذ انطلاق حركة الاحتجاج غير المسبوقة عام 2020.

ودعت الرئيسة الإستونية كيرستي كالجولايد الجمعة الغرب إلى الذهاب أبعد من ذلك في العقوبات ووقف "تدفق الأموال" التي تذهب إلى ألكسندر لوكاشنكو.

من جانبها، قدمت بروكسل مشروع دعم لبيلاروس يقدم ما يصل إلى 3 مليارات يورو كمساعدة للبلاد في حال بدء تحول ديموقراطي وتنحي لوكاشنكو عن السلطة.

ودعت زعيمة المعارضة البيلاروسية سفيتلانا تيخانوفسكايا الاتحاد الأوروبي إلى أن يكون "أكثر شجاعة وقوة" وفرض عقوبات إضافية على بيلاروس، بعد تحويل مسار طائرة رايان إير.

ولم يبد الكرملين أي مؤشر على رغبته في الضغط على حليفه البيلاروسي، مؤكدا أن ليس لديه سبب للشك في روايته للأحداث.

تقول مينسك إن تغيير وجهة الطائرة جاء إثر إنذار بوجود قنبلة على متنها، دون أن يكون لها علم أن المعارض رومان بروتاسيفيتش بين ركابها، أما توقيفه ورفيقته صوفيا سابيغا فهو محض صدفة.

لكن يوجد أمران عززا الظنون بأن العمليّة مدبرة.

كشفت شركة "بروتون تكنولوجيز" التي تستضيف عنوان البريد الإلكتروني الذي جاء التهديد منه، أن "الرسالة المعنية بعثت بعد تحويل وجهة الطائرة".

ونشر موقع "دوسييه دوت سنتر" صورة لما قال إنها رسالة البريد الإلكتروني التي تحوي التهديد، وقد تم إرسالها على الساعة 12:57 بتوقيت مينسك (09:57 بتوقيت غرينتش).

في المقابل، يظهر نص المحادثات بين الطائرة ومراقبي الحركة الجوية البيلاروسيين الذي نشرته مينسك أن الطيار أُبلغ بالتهديد في الساعة 09:30 بتوقيت غرينتش، وأوصي بالهبوط بعد ذلك بدقيقة.

لذلك، أعلنت منظمة الطيران المدني الدولي بعد اجتماع طارئ الخميس، عن إجراء تحقيق حول شرعية تغيير مسار الطائرة.

ووجهت والدة الصحافي المعتقل نداء مؤثرا الخميس من وارسو إلى الأسرة الدولية، قالت فيه "أريد منكم أن تنقلوا مطلبنا إلى جميع أنحاء العالم، إلى ممثلي الحكومات وإلى دول الاتحاد الأوروبي وقادة الاتحاد الأوروبي والمسؤولين الأميركيين". وأضافت "أنا أصرخ: أرجوكم ساعدوني على تحرير ابني".

ورومان بروتاسيفيتش مهدد بحكم قاس بالسجن، إذ تتهمه سلطات بيلاروس بتنظيم "اضطرابات واسعة" خلال تظاهرات العام 2020 ضد إعادة انتخاب لوكاشنكو.