أطلق رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دعوة لعقد مؤتمر اقليمي لمناقشة طريق التنمية، خلال زيارته إلى أنقرة عاصمة تركيا، حيث توجه لرجال الاعمال الاتراك، والعرب والأجانب لحثّهم على توطين نشاطاتهم الصناعية والتجارية في المدينة الصناعية الملحقة بميناء الفاو الكبير، والإسراع بحجز مواقعهم إسهاماً في هذا المسار الاقتصادي الواعد، آملاً أن يكونوا جزءًا من هذه المنطقة الحيوية المتنامية.
وتشير التوقعات إلى أن "السوداني" سيناقش في أنقرة الملفات العاجلة العالقة كأزمة المياه، وعلى رأسها "مشروع القناة الجافة" الذي يتطلب مناقشة بشكل تفصيلي بجميع مراحله، لكونه يشكل شريانا اقتصاديا بطول الف ومائتين كيلومتر، ويطمح العراق من خلاله لان يصبح حلقة الوصل التجارية الرئيسية بين آسيا وأوروبا.

وتبلغ كلفة هذا المشروع الكبير حتى الان قرابة 20 مليار دولار. ولقد وصفه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بـ"طريق الحرير الجديد".

وتشير التحليلات إلى أن السوداني يهدف من خلال هذا المشروع الاستراتيجي الى تعظيم التعاون مع المحيط الإقليمي والدول المجاورة وبناء الشراكات الثنائية والمتعددة التي يعد طريق التنمية طرفا اصيلا فيها حيث سيربط العراق بأوروبا واسيا من ناحية، ويعزز ارتباطه التجاري والاقتصادي بجيرانه مثل سوريا والأردن وتركيا.

وهذا المشروع سيسمح بنقل البضائع بين شرق العالم وغربه حيث سيتم شحن البضائع في قطارات وشاحنات من ميناء الفاو جنوب العراق الى تركيا ومنها الى أوروبا عبر شبكة الطرق والسكك الحديدية، كما ستتدفق البضائع من اسيا واوروبا عبر تركيا ليتم نقلها الى الخليج باستخدام هذه الشبكة الهائلة من الطرق والسكك الحديدية وميناء الفاو الذي تعمل الحكومة العراقية على تطويره بشكل كبير، ليستطيع استيعاب هذا الحجم من التجارة العالمية.

لكن، تحقق هذا الحلم الكبير يتطلب من العراق ان يمضي في خطة طموحة لجذب الاستثمارات وتعزيز التعاون الثنائي مع دول الجوار.
هو ما يحرص عليه رئيس الوزراء العراقي بشكلٍ لافت لأنه يعي ضرورة جذب هذه الاستثمارات الاستراتيجية في قطاعات النقل والطرق والتكنولوجيا فضلا عن تدريب الكوادر العراقية في هذه المجالات.

فرص عمل

ومن المتوقع أن يؤمن هذا المشروع الضخم عشرات الالاف من فرص العمل للمواطنين العراقيين والشركات العراقية، كما سيسمح بتبادل الخبرات والتدريب. وهي النقاط التي طالما يركز عليها رئيس الوزراء العراقي في زياراته الخارجية.
والأهم أنه سيسهم في تنمية محافظات الجنوب مثل ذي قار وميسان والديوانية، وكذلك سيحقق تنويع مصادر دخل الدولة العراقية. وهو ما شدد عليه رئيس الوزراء عبر كلماته التي دشن بها إطلاق خطة عراق 2050 والتي تهدف الى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي لموارد الدولة.
فتنويع مصادر الدخل ركيزة أساسية وهدف حيوي للنهضة الاقتصادية التي ينشدها العراق من خلال مشروعات وطنية عملاقة مثل الميناء الجاف. فموقع العراق الجغرافي الاستراتيجي وامكانياته المتاحة لكي يقوم بربط شمال العالم بجنوبه ستجعل منه نقطة التقاء اقتصادي وتجاري في عالم بات يسعى للتكامل بشكل حثيث.

هذا المشروع العملاق لن يحقق فوائد اقتصادية وتجارية هائلة للعراق فحسب، ولكنه سيكون حجر زاوية في زيادة وتعزيز تعاونه مع محيطه الإقليمي مما سيحقق تنمية شاملة في المنطقة.