يعتبر سعيد سعدي المولود في منطقة القبايل البربرية عام1947، أحد المناضلين الديمقراطيين البارزين في الجزائر. وبسبب أفكاره التحررية المناهضة لكل أشكال القمع والاستبداد، سجن أكثر من مرة.

وهو مؤسس "حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" في التسعينات من القرن الماضي الذي تصدى للإسلاميين وللعسكر في نفس الوقت رافعًا شعار الديمقراطية والتعددية الفكرية والسياسية.

إلى جانب نضالاته السياسية، أصدر سعيد سعدي العديد من الكتب التي لاقت رواجًا واسعًا داخل بلاده. ومؤخرًا أصدر مذكراته في ثلاث مجلدات.
المجلد الأول عن سنوات الطفولة والمراهقة :"الحرب كمهد-1947-1967)، والثاني بعنوان: "الشهامة كزاد-1967-1987"، والثالث بعنوان:" الكراهية كمنافس-1987-1997"

في حوار أجرته معه الأسبوعية الفرنسية "لوبوان" في عددها الصادر في الأسبوع الأول من شهر يوليو-تموز من العام الحالي، قال سعيد سعدي مشيرًا إلى الأسباب التي قادت الجزائر إلى وضعها المشين راهنًا بأن الاستقلال "صودر" منذ البداية بحسب عبارة للمناضل الوطني الكبير فرحات عباس. فمنذ البداية احتكر السلطة كل من أحمد بن بلة وهواري بومدين الذي كان ضابطًا في الجيش الوطني الجزائري على الحدود مع تونس، ومع المغرب. ومنذ ذلك الوقت، أي منذ مطلع الستينات من القرن الماضي، أصبح العنف سيد الموقف في الجزائر بحيث لم يعد باستطاعة أي أحد أن يفتح فمه للإدلاء برأيه حول ما يحدث في الجزائر على جميع المستويات.

وأضاف: الداء الذي تعاني منه الجزائر هو نفي تاريخ يمتد إلى آلاف السنين موسوم بثقافات متعددة ومختلفة جسدت الذاكرة الجزائرية. لذلك فإن الحكام الجزائريين دأبوا منذ الاستقلال على التنكر لكل هذه التعدد فلا يعترفون إلا بما هو عربي-إسلامي. أما غير ذلك فممنوع ومهمل ولا يُقاس عليه. ومعنى ذلك أنهم يريدون ان يفرضوا على الجزائر هوية مبتورة ومشوهة. ويرى سعيد سعدي أن "تقديس" الحكام الجزائريين للثورة الوطنية التي أفضت إلى استقال البلاد وسيلة للبقاء في السلطة وللتغطية على الإخفاقات والخسارات الكبيرة التي طبعت مرحلة ما بعد الاستقلال. أما بومدين الذي نصّب نفسه "أبا للثورة" فإن المعركة الوحيدة التي خاضها بحسب فرحات عباس هي تلك التي قادها في عام 1962، للسيطرة على الجيش الوطني الجزائري وتصفيته من كل العناصر التي كانت مناهضة له. كما أن عدد الذين استشهدوا لم يكن مليون، بل 400000 ألف بحسب الجنرال ديغول وكريم بلقاسم الذي كان أحد كبار قادة الثورة.

وفي حواره، انتقد "سعدي" اليسار الفرنسي قائلا بإنه دأب على اظهار العداء لكل الحركات الديمقراطية الحقيقية في الجزائر، بل أنه لم يكن يخفي في بعض الأحيان تعاطفه مع الإسلاميين والرجعيين. وخلال الحرب التحريرية كان الاشتراكي فراسوا ميتران يردد دائما: "الجزائر هي فرنسا".
لذلك يرى "سعدي" أن اليسار الفرنسي بجميع مكوناته كان ولا يزال عدوًا لليسار الجزائري محافظًا دومًا على علاقات حسنة مع الحكام الجزائريين على مدى الستين سنة الماضية.