بدأ وفد من حركة حماس الفلسطينية مفاوضات مع المسؤولين المصريين، في العاصمة القاهرة، الاثنين، لبحث الخطة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة، كما يصل القاهرة أيضا وفد إسرائيلي لبدء مفاوضات غير مباشرة، بحسب تقارير إسرائيلية.
وتأتي مفاوضات الوفدين بالتزامن مع وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إلى المملكة العربية السعودية لبحث التهدئة في غزة، وأيضا التطبيع بين المملكة وإسرائيل.
وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، الاثنين، إن إسرائيل أخبرت واشنطن أنها لن تقوم بغزو مدينة رفح جنوبيّ قطاع غزة حتى تتحدث مع القادة الأميركيين بشأن مخاوفهم.
ويترأس خليل الحية، نائب رئيس الحركة وفد حماس في القاهرة، بينما ذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أن وفدا إسرائيليا قد يزور القاهرة أيضا للاستماع إلى رد وفد حماس على الوسطاء بشأن مقترحات التهدئة.
وأكد مصدر مصري قريب من المفاوضات أن محادثات الهدنة في القاهرة تشهد "تجاوبا لافتا من مفاوضي حماس وردودا حاسمة بشأن النقاط المطروحة".
وقال المصدر لبي بي سي، إن اجتماعا يشارك فيه وفد من حركة حماس قد بدأ بالفعل وإن هناك طرحا لجميع النقاط التي جاءت في المبادرات المختلفة للتهدئة.
نيويورك تايمز: "أمام إسرائيل خياران: إما رفح أو الرياض"
محمود عباس: واشنطن وحدها القادرة على منع أكبر كارثة في تاريخ الشعب الفلسطيني
اجتياح إسرائيل لرفح قد يكون "خدعة" أو مقدمة لحرب مدمرة
ووجهت مصر دعوة إلى الوفد الإسرائيلي للحضور للرد على أية إيضاحات أو مطالب يقدمها وفد حماس، ولتقريب وجهات النظر بين الجانبين واختصارا لوقت المفاوضات غير المباشرة التي ستقوم بها القاهرة.
وأعرب وزير الخارجية المصري سامح شكري، عن تفاؤل مصر بشأن مقترح الهدنة في قطاع غزة.
وقال على هامش مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي في العاصمة السعودية الرياض، الاثنين، إن القاهرة تنتظر ردا على الاقتراح من إسرائيل وكذلك من حركة حماس.
جولة بلينكن السابعة
يقوم وزير الخارجية الأميركي بجولته السابعة في المنطقة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، ووصل بالفعل إلى السعودية وبعد ذلك الأردن وإسرائيل للوصول إلى وقف إطلاق النار واتفاق عودة المختطفين.
ودعا بلينكن الجانب الإسرائيلي لبذل جهود أكبر من أجل زيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر.
وقال بلينكن خلال اجتماع وزراء مجلس التعاون الخليجي في الرياض، إنه سيستغل رحلته الحالية إلى الشرق الأوسط، "للضغط على القادة الإسرائيليين في هذه القضية"، بحسب ما نقلته وكالات الأنباء.
وأضاف: "على حماس أن تقرر سريعا موقفها من مقترح تبادل المحتجزين".
وبحسب وزارة الخارجية فإن بلينكن سيجتمع في الرياض مع زملائه من الخليج وأوروبا، لدراسة خطط إعادة إعمار غزة في اليوم التالي للحرب وغيرها من النقاط المهمة.
وشدد على إصرار الرئيس الأميركي جو بايدن على أن تفعل إسرائيل المزيد، وأن بايدن أكد على ذلك في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الأحد، وقد طرأ بعض التحسن (في الموقف الإسرائيلي)، وإن كان ذلك ليس كافيا.
وعلقت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية على الجولة بأنها تتضمن العمل على وقف إطلاق النار في غزة وبحث مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل، وكلاهما مرتبط ببعضه.
وقالت الصحيفة إن التطبيع مع السعودية، وتشكيل قوات حفظ سلام عربية وتحالف أمني تقوده الولايات المتحدة في المنطقة ضد إيران، "سيكون له ثمن مختلف يتضمن التزام الحكومة الإسرائيلية بالعمل في اتجاه دولة فلسطينية وسلطة فلسطينية، بالإضافة إلى دمج إسرائيل في التحالف الأمني العربي الإسرائيلي بقيادة أميركية".
خطة ثلاثية حتى إعلان الدولة
كان اللواء عباس كامل، رئيس المخابرات العامة المصرية، قد وصل إلى إسرائيل في زيارة مفاجئة على رأس وفد أمني، الجمعة 26 نيسان (أبريل)، لبحث تفاصيل الخطة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة، مقابل الإفراج عن رهائن إسرائيليين تحتجزهم حماس.
جاءت الزيارة المصرية لنزع فتيل هجوم إسرائيل محتمل على رفح، حيث يوجد مليون ونصف المليون نازح فلسطيني من مختلف مناطق غزة، مما يعقد الموقف ويزيد من المخاوف الإقليمية والدولية.
وقالت قناة آي 24 نيوز العبرية، إن الوفد المصري أراد توسيع نطاق الهدنة لتشمل الانسحاب الإسرائيلي من ممر نيتزر ومنح حرية الحركة على الطرق الرئيسية في غزة، وهو ما يأتي في إطار الرؤية المصرية الجديدة التي تتضمن عودة النازحين إلى شماليّ القطاع.
عززت مصر من استعداداتها الأمنية والعسكرية للتعامل مع أي هجوم إسرائيلي على رفح حال فشل مفاوضات وقف إطلاق النار، بحسب مسؤولين أمنيين مصريين.
وشملت الإجراءات الأمنية رفع حالة التأهب في منطقة قناة السويس وفي مناطق أخرى بسيناء، وإعلان حالة الطوارئ في المستشفيات في منطقة القناة.
وتتضمن الخطة ثلاث مراحل، المرحلة الأولى وقف كل الاستعدادات للقيام بعملية عسكرية في رفح.
وتتضمن المرحلة الثانية إطلاق سراح "كل الرهائن الإسرائيليين" في قطاع غزة على مدار عشرة أسابيع في مقابل إطلاق إسرائيل سراح المئات من السجناء الفلسطينيين.
المرحلة الثالثة فتتضمن وقف إطلاق النار لمدة عام، ويكون ذلك أساسا لبدء محادثات سياسية لإقامة دولة فلسطينية.
وتطالب حماس بإطلاق سراح 50 معتقلا مقابل كل عسكري أو أمني لديها، و30 أسيرا مقابل كل مدني مخطوف.
ولفت موقع آي 24 نيوز، إلى أن التحركات لإقامة الدولة الفلسطينية، ستشمل مفاوضات مباشرة بين الجانبين الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية برعاية الولايات المتحدة ومصر والأردن.
وقال مسؤول في حماس إن الحركة لديها حوالي 30 جنرالا وضابطا من الشاباك ألقي القبض عليهم من وحدات خاصة ومن عدة مواقع عسكرية شديدة الحساسية، وأنهم يتواجدون في أماكن "محروسة جدا بعيدة عن إسرائيل، ولا يمكن الوصول اليهم"، بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية.
ولا تزال هذه النقاط قيد المناقشة والتفاوض، ولم يعلن عن أي منها بشكل رسمي من أي طرف حتى الآن، لكن صحيفة "يسرائيل هيوم" الإسرائيلية قالت إن هناك احتمالا لصفقة بوساطة مصرية مقابل إلغاء العملية العسكرية البرية في رفح جنوبي قطاع غزة.
حماس وإلقاء السلاح
وفي تطور لافت في موقف حماس تجاه المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل برعاية مصرية، صرحت شخصيات قيادية في الحركة أن حماس مستعدة لنزع سلاحها إذا حصل الفلسطينيون على دولة مستقلة في الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" المقيم في اسطنبول، باسم نعيم، لشبكة سي إن إن الأميركية، في وقت سابق، إن الحركة ستوافق على نزع سلاحها إذا أنشئت دولة فلسطينية مستقلة.
وأضاف نعيم "إذا تم إنشاء دولة مستقلة وعاصمتها القدس مع الحفاظ على حق العودة للاجئين فمن الممكن دمج كتائب القسام في الجيش الوطني (المستقبلي)"، في إشارة إلى الجناح المسلح للحركة.
وكان موقف حماس التاريخي يرفض حل الدولتين الذي سيؤدي إلى إنشاء دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، ودعت بدلا من ذلك إلى إنشاء دولة فلسطينية في كل "فلسطين التاريخية" التي تشمل اليوم إسرائيل والضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة.
انقسام في إسرائيل
قال مسؤول إسرائيلي إن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أوضحت للوفد المصري أنها مستعدة لإعطاء "فرصة أخيرة" للتوصل إلى صفقة، وأنها أعطت الضوء الأخضر تقريبا لكل ما عرضه الوفد المصري، بحسب صحيفة يسرائيل هيوم.
لكن هناك انقسام داخل حكومة الحرب الإسرائيلية في التعامل مع الخطة المصرية، ويتزعم المعسكر الرافض لاتفاق وقف إطلاق النار وزير المالية بتسلئيل سموتريش، رئيس الصهيونية الدينية/هتصيونوت هداتيت، الذي وصف الخطة المصرية عبر حسابه على منصة إكس بأنها "استسلام تام لإسرائيل ونصر كامل لحماس"، وأضاف بأنه "لن يحدث".
إن "الموافقة على الصفقة هو استسلام مهين، يمنح النصر للنازيين (في إشارة إلى حركة حماس)".
وأضاف سموتريتش، أن الموافقة على صفقة مع حماس ستكون بمثابة "حكم إعدام لبقية المختطفين غير المشمولين بالصفقة، وفوق كل ذلك - تشكل خطراً وجودياً على الدولة".
ووجه تحذيرا لرئيس الوزراء نتانياهو من وقف خطة اقتحام رفح، وقال فيه "إذا قررت رفع العلم الأبيض وإلغاء أمر احتلال رفح - فلن يكون للحكومة التي ترأسها أي حق في الوجود".
ورفض بيني غانتس، رئيس حزب "المعسكر الوطني" وعضو حكومة الحرب الإسرائيلية، تهديدات سموتيرتش بتفكيك الحكومة الإسرائيلية، وقال "الدخول الى رفح هام في الصراع الطويل ضد حماس. لكن استعادة مختطفينا، الذين أهملوا من جانب حكومة السابع من أكتوبر، أمر ملح وله أهمية أعلى بكثير".
كما رفض زعيم المعارضة يائير لابيد، تحذيرات سموتريتش أيضا، ودفع باتجاه القبول بالصفقة وفقا للخطة المصرية.
وقال في تغريدة على أكس، تويتر سابقا، "الحكومة لديها أغلبية لإبرام صفقة رهائن، ولديها أغلبية في الكنيست لإبرام صفقة رهائن، وطالما ذكر سموتريتش النازيين، فهذا بالضبط ما لم يكن لدى اليهود إبان المحرقة: حكومة يهودية تنقذهم".
وكان نتانياهو قد شدد على أن "إسرائيل ستوجه قريباً ضربات إضافية ومؤلمة وستزيد الضغوط العسكرية والسياسية على حماس من أجل تأمين إطلاق سراح هؤلاء الرهائن".
التعليقات