أُعلن عن هذا الأسبوع باعتباره أسبوعاً حاسماً لأوكرانيا، وفرصة للرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، لتقديم خطته، التي أطلق عليها اسماً جريئاً وهو: "خطة النصر"، إلى أقوى السياسيين في أمريكا، خلال زيارة للولايات المتحدة.
ومن غير الواضح ما إذا كانت كييف قريبة من الحصول على أي من المطالب الرئيسية المدرجة في قائمة أمنياتها. وقد أثار زيلينسكي استياء كبار الجمهوريين، بما في ذلك دونالد ترامب، عندما قال لمجلة نيويوركر إنه يعتقد أن ترامب "لا يعرف حقاً كيف يوقف الحرب"، وكذلك وصفه للمرشح لمنصب نائب الرئيس، جيه دي فانس، بأنه "متطرف للغاية".
تقول ماريا زولكينا، المحللة السياسية الأوكرانية وزميلة الأبحاث في كلية لندن للاقتصاد، إن تصريحاته حول ترامب وفانس كانت "خطأً كبيراً". وبشكل منفصل، اعتبر أحد كبار الجمهوريين في الكونغرس زيارة زيلينسكي للقاء كبار الديمقراطيين في مصنع للذخيرة في ولاية بنسلفانيا -المتأرجحة- بأنها تدخل في الانتخابات.
وأضافت ماريا زولكينا أن رد الفعل العنيف على الزيارة كان بمثابة "مفاجأة كبيرة" لفريق زيلينسكي، إذ إن مثل هذه الزيارة تعد إحدى وسائل بناء وتوثيق العلاقات. جاء توقيت زيارة زيلينسكي، التي رُوج لها كثيراً بعناية، لمحاولة تأمين الدعم الحاسم لجهود الحرب الأوكرانية من الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الذي لم يتبق له سوى بضعة أشهر في منصبه.
قد هذا يعني أيضاً التورط مباشرة في حملة انتخابية أمريكية مشحونة للغاية، وهو ما يعد أمراً محفوفاً بالمخاطر. وبعد التقارير التي أفادت بأن ترامب قرر التجميد وعدم لقاء زيلينسكي، التقى الثنائي في النهاية يوم الجمعة، في برج ترامب في مدينة نيويورك.
بدى وقوفهما جنباً إلى جنب أمام الصحفيين، في بعض الأحيان، أمراً محرجاً. أعلن ترامب أنه يتمتع "بعلاقة جيدة جداً" مع كل من زيلينسكي وبوتين، وهذه المقاربة تُعد ثقيلة على مسامع الأوكرانيين. لكن زيلينسكي قاطع بلطف ليقول إنه يأمل أن تكون العلاقات معه أفضل من تلك التي كانت مع بوتين، وهي الملاحظة التي جعلت ترامب يضحك.
كان ترامب مشغولاً، خلال الأسبوع، في التجمعات التي حضرها بالإشادة بالسجل العسكري التاريخي لروسيا، بينما انتقد الإدارة الأمريكية الحالية لإعطاء "مليارات الدولارات" لزيلينسكي الذي زعم أنه "رفض إبرام صفقة" لإنهاء الصراع.
وفي وقت لاحق، أشاد زيلينسكي بالمحادثات ووصفها بأنها "مثمرة للغاية"، ولكن لا توجد سوى القليل من الدلائل حتى الآن على أنه تمكن من التأثير أو تعديل النهج الأساسي لترامب.
على الرغم من أنه قال لقناة فوكس نيوز الإخبارية، يوم السبت، إنه تلقى "معلومات مباشرة للغاية" من ترامب بأنه "سيكون إلى جانبنا".
وفي تجمع حاشد في ميشيغان ليلة الجمعة، أعرب المرشح الجمهوري، ترامب، مرة أخرى عن نيته "تسوية" الحرب بسرعة، وهو أمر يكرره ترامب دائماً، مما دفع الكثيرين إلى استنتاج أنه يمكنه قطع المساعدات عن كييف والضغط على أوكرانيا للتنازل عن الأراضي.
في غضون ذلك، وفي هجوم مبطن على ترامب، قالت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس هذا الأسبوع، بينما كان زيلينسكي إلى جانبها، إن أولئك الذين يريدون من أوكرانيا مبادلة الأرض بالسلام يدعمون "مقترحات الاستسلام".
وقد أجرى زيلينسكي جولة مذهلة من اللقاءات الدبلوماسية السريعة والمقابلات الإعلامية طوال الأسبوع، بما في ذلك في الأمم المتحدة.
وقبيل الاجتماع الذي عقده مع بايدن في البيت الأبيض، والذي وُصف بأنه محادثات ودية لكنها غامضة من حيث نتيجتها، إذ سلم زيلينسكي "خطة النصر" لإنهاء الحرب إلى الرئيس المنتهية ولايته، كانت هناك أنباء عن بعض الدعم المالي الإضافي.
ولم تُنشر محتويات الخطة، لكن يُعتقد على نطاق واسع أن طلب أوكرانيا السماح لها باستخدام الصواريخ بعيدة المدى المصنوعة في الغرب لضرب أهداف عسكرية في عمق روسيا هو أحد عناصرها.
ويطلب زيلينسكي منذ وقتٍ لا بأس به الإذن من الدول الغربية باستخدام الصواريخ، لكنه لم يُمنح الضوء الأخضر حتى الآن. ومن المعتقد أيضاً أن الخطة تتضمن الحصول على ضمانات أمنية أكثر قوة، بما في ذلك الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي العسكري. وفي حين يصدر الحلف أصواتاً مشجعة بشأن احتمالات عضوية أوكرانيا في المستقبل، فقد أصبح من الواضح أن هذا لن يحدث بينما لا تزال البلاد في حالة حرب.
وتستمر قوات موسكو في شن هجماتها على شرق أوكرانيا، على الرغم من التوغل المفاجئ الذي قامت به كييف في منطقة كورسك الروسية.
وإجمالاً، فإن "خطة النصر" تهدف إلى تعزيز موقف أوكرانيا في ساحة المعركة ودفع بوتين نحو السلام الدبلوماسي.
لكن الأمر كان بمثابة عدم توافق سياسي آخر، بحسب اعتقاد الزميلة والباحثة في كلية لندن للاقتصاد، إذ فشلت مجموعة المقترحات في "إثارة قدر كبير من الحماس" لدى الأمريكيين.
وتقول ماريا زولكينا: "إن أوكرانيا لديها فكرة مفادها أنه يجب عليها أن تكون طموحاتها كبيرة".
وتضيف أن زيلينسكي "متمسك بفكرة الحصول على دعوة للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، لكن الولايات المتحدة لم تصل إلى هذه القناعة بعد".
وفيما يتعلق بالإذن باستخدام الصواريخ بعيدة المدى، اتهم منتقدو بايدن، الرئيس الأمريكي بالتردد في محاولة مساعدة هاريس في الوصول إلى البيت الأبيض.
ومع ذلك، تقول ماريا زولكينا إن الإعلانات الكبيرة هذا الأسبوع لم تكن بالضرورة على المحك - مع أن الآمال لا تزال قائمة في أن الإذن قد يأتي فيما بعد - على الرغم من ازدياد التهديدات النووية من بوتين.
وفي كييف، يصر الناس على أنهم لا يمكنهم تصور التنازل عن الأرض لروسيا، إذ يرون أنه وعلى الأغلب، ستسمح الهدنة ببساطة لبوتين بإعادة تجميع صفوفه وإعادة شن هجمات جديدة في المستقبل.
ومع ذلك، تعتقد ماريا أن المحادثات حول وقف إطلاق النار يمكن أن تتغير إذا كانت الضمانات الأمنية ذات المغزى الحقيقي على الطاولة.
وتضيف: "إذا حصلت أوكرانيا على وعد بعضوية حلف شمال الأطلسي أو إذا وقعت أوكرانيا اتفاقية أمنية قوية حقاً مع لاعب دولي كبير، فإن هذه المناقشة حول وقف إطلاق النار التكتيكي المحتمل ستتحول بطريقة مختلفة ولن تكون المقاومة السياسية قوية كما هي الآن".
لقد كان أسبوعاً مليئاً بالعمل بالنسبة لزيلينسكي الذي يحاول بيع "خطة النصر" الخاصة به لأمريكا والغرب.
لكن الواقع هو أن واشنطن العاصمة لم تظهر بعد حماساً كبيراً، في حين تستمر الأحداث في الشرق الأوسط في تحويل الانتباه بعيداً عن الغزو الروسي.
التعليقات