إيلاف من بيروت: شنت إسرائيل فجر اليوم غارة جوية مدمرة على مبنى سكني في منطقة البسطة في العاصمة اللبنانية بيروت. الهجوم ترك حفرةً ضخمة وسط أنقاض المبنى الذي دُمّر بالكامل، وأسفر عن خسائر مادية هائلة. المشهد في الموقع يُظهر دقة ودموية الضربة، حيث تشير المعطيات إلى استخدام صواريخ من طراز MK-84، وهي قنابل خارقة للتحصينات قادرة على تسوية أهداف محصّنة بالأرض.

محمد حيدر: الهدف الذي لا ينام
بحسب المراسل العسكري الإسرائيلي إيتاي بلومنتال، كان المستهدف في هذا الهجوم شخصية تُعد من أهم عقول "حزب الله" الأمنية، محمد حيدر، الملقب بـ"أبو علي". حيدر ليس اسماً عادياً في هرم قيادة الحزب؛ فهو رئيس قسم العمليات، وأحد أبرز القيادات التي تولت أدواراً سرية منذ سنوات.

لم يكن حيدر مجرد قيادي؛ بل كان جزءاً أساسياً من الاستراتيجية العسكرية للحزب. تشير التقارير الإسرائيلية إلى أن الرجل قاد العمليات ضد إسرائيل في الأسابيع الأخيرة. وقد سبق لإسرائيل أن حاولت اغتياله في حادثة الطائرات المسيّرة في ضاحية بيروت الجنوبية، إلا أن حيدر نجا حينها، ما جعله هدفاً دائماً للأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية.

موقع "إنتيلي تايمز" الأمني أفاد بأن حيدر كان مسؤولاً عن إدارة مشاريع عسكرية سرية تُشرف عليها وحدة "8000" التابعة لفيلق القدس. هذه الوحدة، التي تعمل على تطوير تقنيات قتالية ونقل مستشارين وخبراء من سوريا، تشكل العمود الفقري لبرنامج "حزب الله" العسكري.

MK-84: المطرقة الخارقة
العملية في البسطة كشفت عن استخدام قنابل MK-84، وهي من أشد الأسلحة التدميرية في الترسانة الجوية. هذه القنابل، المعروفة بـ"المطرقة"، قادرة على سحق التحصينات وتدمير أهداف بدقة مميتة. تزن القنبلة 2000 رطل وتحتوي على 400 كغم من المتفجرات، تشكل 45% من وزنها الإجمالي.

عند انفجارها، تُحدث موجة ضغط خارقة تصل سرعتها إلى مستويات تفوق سرعة الصوت، قادرة على تمزيق الأنسجة البشرية، وإحداث انهيار شامل للمباني في دائرة نصف قطرها 350 متراً. كما أن تأثيرها المادي يُترجم بحفر هائلة تصل إلى 15 متراً عرضاً و10 أمتار عمقاً، مما يجعلها أداة تدمير شاملة.

القنبلة، التي ظهرت لأول مرة خلال حرب فيتنام، اُستخدمت سابقاً من قبل إسرائيل خلال عملياتها في غزة، حيث وُجدت بقايا منها في مواقع الغارات الجوية وفقاً لفريق التخلص من الذخائر المتفجرة في غزة.

رسائل نارية: أبعاد عملية البسطة
الهجوم الإسرائيلي على البسطة لا يمكن اعتباره مجرد استهداف شخصي؛ فهو رسالة نارية تتجاوز الحدود اللبنانية، وتؤكد تصعيداً غير مسبوق في قواعد الاشتباك. استهداف محمد حيدر، الذي كان يقيم في شقة مخفية بحسب الإعلام الإسرائيلي، يهدف إلى ضرب قلب الجهاز الأمني والعسكري لـ"حزب الله".
لكن هل نجحت إسرائيل في تحقيق هدفها؟ حتى الآن، لم يصدر أي تأكيد رسمي عن مصير حيدر، وسط صمت إسرائيلي معتاد. في المقابل، يُثار السؤال الأهم: كيف سيرد "حزب الله"؟ فالرجل الذي طالما صُنّف كأحد أهم ورثة إرث القياديين البارزين عماد مغنية ومصطفى بدر الدين، كان يلعب دوراً محورياً في منظومة حزب الله "الجهادية".

تصعيد أم مواجهة شاملة؟
غارة البسطة تأتي في وقت حساس؛ فالتوتر بين إسرائيل و"حزب الله" يتصاعد على طول الحدود، والهجوم يُظهر تحولاً في الاستراتيجية الإسرائيلية نحو استهداف مباشر لقيادات الصف الأول في الحزب. استخدام قنابل من نوعية MK-84 يعكس رغبة في تحقيق أقصى درجات التدمير والترويع، مع استعراض القوة والقدرة الاستخباراتية.