إيلاف من واشنطن: في تطور لافت، نفت هيئة قناة بنما إعفاء السفن الحكومية الأميركية من رسوم العبور، رغم إعلان سابق لوزارة الخارجية الأميركية أكد أن واشنطن وبنما توصلتا إلى اتفاق بهذا الشأن. وجاء في بيان رسمي صادر عن الهيئة، وهي الجهة المستقلة المسؤولة عن إدارة القناة: "تعلن هيئة قناة بنما، التي تتمتع بسلطة تحديد الرسوم والحقوق الأخرى لعبور القناة، أنها لم تجرِ أي تعديلات على هذه الحقوق". هذا التصريح الذي جاء بعد ساعات من إعلان وزارة الخارجية الأميركية إعفاء السفن العابرة للقناة من الرسوم يفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة حول حقيقة الاتفاق، وما إذا كانت هناك محادثات سرية لم تخرج إلى العلن، أو ضغوط سياسية تحاول واشنطن ممارستها على الحكومة البنمية.
الجدل بدأ عندما نشرت وزارة الخارجية الأميركية بيانًا عبر منصة "إكس"، أكدت فيه أن الحكومة البنمية وافقت على إعفاء السفن الأميركية التابعة للحكومة من رسوم العبور، وهو ما اعتبرته واشنطن مكسبًا استراتيجيًا سيوفر ملايين الدولارات سنويًا للخزينة الأميركية. ولكن بعد النفي القاطع من هيئة قناة بنما، يصبح من غير الواضح ما إذا كان هناك سوء تفاهم، أو ربما اتفاق سياسي لم يتم التصديق عليه رسميًا بعد.
الأزمة الحالية تأتي في سياق اهتمام متزايد من الولايات المتحدة بقناة بنما، خصوصًا خلال إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي لم يُخفِ انتقاداته لسياسة بنما فيما يتعلق برسوم العبور. في تصريحات نارية الشهر الماضي، قال ترامب: "سنطالب بإعادة قناة بنما إلينا بالكامل، دون شك، إذا لم يتم إلغاء الرسوم". هذا التهديد الصريح يعيد إلى الأذهان الصراع القديم حول القناة، التي كانت تحت السيطرة الأميركية لعقود طويلة قبل أن تنتقل السيادة عليها إلى بنما.
تاريخ قناة بنما معقد ومليء بالتوترات السياسية. القناة، التي تعد أحد أهم الممرات المائية في العالم، كانت جزءًا من النفوذ الأميركي منذ بداية القرن العشرين، حيث قامت الولايات المتحدة بتمويل بنائها وإدارتها لعقود. ولكن في عام 1977، وقّعت واشنطن وبنما اتفاقًا مهد الطريق لعودة القناة إلى السيادة البنمية الكاملة، وهو ما تحقق رسميًا عام 1999. على الرغم من ذلك، لا تزال الولايات المتحدة تعتبر القناة مصلحة استراتيجية، وتراقب عن كثب أي تغييرات في إدارتها، خصوصًا ما يتعلق بالتكاليف والرسوم المفروضة على السفن الأميركية.
التناقض بين إعلان وزارة الخارجية الأميركية ونفي هيئة قناة بنما يثير احتمال وجود مفاوضات تجري خلف الأبواب المغلقة، أو ربما ضغوط تحاول واشنطن فرضها على بنما لتقديم امتيازات أكبر للسفن الأميركية. قد يكون هناك اتفاق لم يُكشف عنه رسميًا بعد، أو ربما تحاول بنما التراجع عن تفاهمات غير موثقة بسبب ردود الفعل الداخلية. في المقابل، قد تكون واشنطن نفسها تستغل القضية سياسيًا، خاصة في ظل التوترات الاقتصادية العالمية وسعي الإدارة الأميركية إلى خفض النفقات الحكومية.
التعليقات