أسامة مهدي من لندن : شكك المتهمون ومحاموهم بخطابات سرية صادرة عن رئاسات الجمهورية والاستخبارات العسكرية والاركان السابقة تأمر باستخدام اسلحة كيمياوية ضد مناطق في شمال العراق الكردية وذلك خلال جلسة لمحكمة الجناية العراقية اليوم والتي تأجلت الى غد الثلاثاء لمتابعة النظر في قضية الانفال المتهم فيها الرئيس العراقي السابق صدام حسين وستة من مساعديه السابقين بابادة 180 الف كردي وحرق قراهم عام 1988 والتي اكد خلالها صدام انه يتحمل مسؤولية أي ضربة وجهت الى ايران سواء كانت بالاسلحة الكيمياوية او التقليدية .

وفي جلسة بعد الظهر بعد ان شهدت جلسة الصباح تقديم الادعاء حوالي 30 خطابا رسميا صادرا عن مؤسسات النظام السابق العسكرية تتضمن اوامر باستخدام اسلحة كيمياوية في مناطق بشمال العراق تحدث محامو الضحايا مؤكدين صحة هذه الخطابات لان مضمونها يتطابق مع اقوال مشتكين ادلوا باقوالهم امام المحكمة في وقت سابق . لكن محامي المتهمين شككوا بالخطابات وقالوا انها مصورة وليست اصلية ولذلك فان القانون لايعترف بها واوضحوا ان بعض الضربات اذا كانت وجهت فانها استهدفت قوات الحرس الايراني التي اخترقت الاراضي العراقية .

صدام يتحمل المسؤولية

وتحدث صدام حسين قائلا انه يريد ان يوضح شيئا برغم انه ملتزم الصمت .. مشيرا الى quot; انا اوضح بان أي مسؤول يقول ان امرا صدر له من صدام فانه لايناقشه لانه يتحمل شرف المسؤولية سواء كان الكلام صحيحا ام لاquot; . واضاف انه فيما يتعلق بايران فان أي ضربة سواء كانت بالاسلحة الكيمياوية او التقليدية امر بها أي مسؤول عسكري او مدني ضد ايران quot; فان صدام حسين يتحمل مسؤوليتهاquot; . وقال لكن أي عمل ضد مواطن عراقي كردي ام عربي من الشمال او الجنوب ومن الشرق او الغرب فانه يناقش فيه لانه لايسمح بان يساء اليه . واكد قائلا quot;انا اضرب كل رجل يخرج عن الطريقquot; . واوضح انه ليس من واجب الاستخبارات العسكرية اتخاذ قرارات وانما هي مسؤولة فقط عن جمع المعلومات وهي مرتبطة برئاسة الجمهورية .

.. والدوري يناقش

وقبلها تقدم رئيس جهاز الاستخبارات السابق صابر الدوري بمناقشة طويلة للخطابات مشيرا الى ان مؤسسته لم تكن مسؤولة عن توجيه أي ضربات عسكرية . ووضح انه كان يطلب رايها في توجيه ضربات لقوات ايرانية دخلت اراضي العراق ولاحزاب كردية تعاونت معها استنادا الى مهمتها في التصنت على اتصالات العدو الايراني والاستماع لشهادات اكراد . واكد ان الاستخبارات لاتامر عادة بتوجيه ضربات عسكرية لان المسؤول عن ذلك هي رئاسة اركان الجيش . وقال ان واجب الاستخبارات يتحدد بتقديم المعلومات وليس تقديم المشورة للجنة المختصين الين يمثلون القوة الجوية والجيش والتصنيع العسكري موضحاً أن الاستخبارات لا علاقة لها بإنتاج الأسلحة أو تخزينها أو التنسيق أو غير ذلك وإنما تقديم المعلومات العسكرية الاستخباراتية مؤكدا ذلك من خلال خطابات رسمية سرية يمتلكها هو وعرضها على المحكمة.

.. وثابت سلطان ينفي

وقال وزير الدفاع السابق المتهم سلطان هاشم ان الوثائق المعروضة امام المحكمة تتعلق باحداث جرت عام 1987 بينما هو كان فذ ذلك الوقت قائدا للفيلق السادس في مدينة العمارة الجنوبية ولم تكن له علاقة بالحركات العسكرية .

.. وحسين التكريتي يتنصل

واشار رئيس هيئة اركان الجيش السابق المتهم حسين التكريتي بدوره الى انه كان في عام 1987 يعمل في مدينة البصرة وليس له علاقة بوزارة الدفاع والاوامر الصادرة عنها .

عرض خطابات سرية في جلسة الصباح

وعرض رئيس هيئة الادعاء العام منذر ال فرعون في جلسة الصباح قبل رفعها للاستراحة حوالي 30 خطابا رسميا سريا صادرة عن رئاسة الجمهورية ورئاسة الاستخبارات العسكرية ووزارة الدفاع السابقة عام 1987 وهي تامر باستخدام اسلحة quot;خاصةquot; كيمياوية تتضمن مواد من الخردل والسارين ضد القرى الكردية وهو ما يؤكد اقوال المشتكين والشهود الذين ادلوا باقوال عن مشاهداتهم في ضرب القرى الكردية بالاسلحة الكيمياوية . وقد استمعت المحكمة لحد الان الى 91 مشتكيا وشاهدا وخبيرا اجنبيا منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي حيث يوجد هناك 1270 شاهدا ومشتكيا لكنها اكتفت بهؤلاء موضحة انه في قضايا جرائم الابادة الجماعية يكون هناك عادة عدد ضخم من الشهود والمشتكين مما يتعذر الاستماع اليهم جميعهم .

كما عرض الادعاء اليوم ايضا خطابات سرية صادرة عن رئاسة الجمهورية يأمر فيها صدام حسين بضرب قواعد للحرس الثوري الايراني داخل الاراضي العراقية بالاسلحة الخاصة وهو مصطلح عن استعمال الاسلحة الكيمياوية وذلك باستخدام الطائرات الحربية والمروحية والمدفعية . وقرأا خطابات اخرى من رئاسة الاستخبارات العسكرية صادرة في اذار (مارس) عام 1987 تشير الى صعوبة استخدام اسلحة كيمياوية بالسارين والخردل في ذلك الوقت نظرا لان المنطقة مغطاة بالثلوج وتقترح تأجيل الضربة الى حزيران (يونيو) . ثم تلا خطابات من رئاسة اركان الجيش السابق موجهة الى الفيلقين الاول والسادس تامر باستخدام اسلحة خاصة ضد قواعد قوات البيشمركة الكردية وقواعد الحرس الثوري الايراني على الحدود المشتركة في منطقة قرة داغ باقصى الشمال العراقي .

ثم عرض الادعاء خطابات صادرة عن رئاسة الاركان تشير الى ضرب قواعد للحزب الشيوعي وللحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني عام 1987 بالاسلحة الكيمياوية مما اسفر عن مقتل 30 شخصا واصابة 100 اخرين . ويشير خطاب اخر الى توجيه ضربات لقواعد قوات البيشمركة التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة الرئيس العراقي الحالي جلال طالباني ادت الى مقتل اثنين واصابة 12 من عناصر قيادتها .

ويعاني المتهمون ومحاميهم من صعوبة تقديم شهود دفاع حيث اشار المتهم صابر الدوري رئيس جهاز المخابرات العسكرية السابق في اخر جلسة للمحكمة في السابع من الشهر الحالي الى ان غالبية الشهود المفترض قدومهم للادلاء باقوالهم هم من العسكريين السابقين غير انهم اما قتلوا او غادروا العراق خوفا من الظروف الامنية المتدهورة ومن بقي منهم في العراق امتنع عن التقدم للشهادة مؤكدا ان quot;رفاق السلاحquot; قد تخلوا عن المتهمين .

المتهمون في قضية الانفال

والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988 .
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيمائيةquot; على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.

وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot; إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان quot;.