مراقبون إعتبروا الإعلان عنها لإحباط مؤتمر الخريف
إرباك فلسطيني وإصرار إسرائيلي بشأن محاولة اغتيال اولمرت
أسامة العيسة من القدس: هل حاولت خلية فلسطينية اغتيال ايهود اولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي، لدى اجتماعه في أريحا مع محمود عباس (أبو مازن)، رئيس السلطة الفلسطينية، في شهر آب (أغسطس) الماضي؟ هذا السؤال اربك الفلسطينيين، بعد أن أعلن اوفيل ديسكن، رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية الإسرائيلية (الشاباك) عن إحباط جهازه لعملية استهدفت اغتيال اولمرت، في حين أن الإسرائيليين اعتبروا أن الأمر جدي اكثر من اللازم، وانتقدوا ما أسموه التعامل الفلسطيني الرسمي مع الأمر.
ديسكن اختار الإعلان عن الأمر خلال جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية يوم الأحد، متحدثا عن إحباط محاولة للجناح المسلح لحركة فتح، لاغتيال اولمرت، وان ثلاثة من افراد الخلية التي خططت للعملية اعتقلت من قبل الاستخبارات الفلسطينية، قبل أن يتم إطلاق سراحهم مؤخرا، في حين أن الشاباك اعتقل اثنين من عناصر الخلية، خلال عمليةدهم لاريحا.
وما أثار السلطة الفلسطينية، هو توقيت الإعلان، الذي يأتي عشية التحضيرات لمؤتمر الخريف، ورأى متحدثون باسم السلطة، ان الإعلان الإسرائيلي عن العملية الفاشلة، يأتي ضمن جهود إسرائيل لإحباط المؤتمر، خصوصا إصرار ديسكن على أن عناصر الخلية المفترضة ينتمون إلى أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية.
وبالنسبة إلى المراقبين، فانهم لم يستبعدوا أن تفكر مجموعة من الأشخاص، باغتيال اولمرت، ولكن الأمر يبدو مستحيلا تنفيذه، على ارض الواقع، فالطريق إلى أريحا، مؤمنة من ناحية أمنية من قبل الإسرائيليين، برا وجوا، ومكان الاجتماع في أول مدينة أريحا، على بعد قليل من الحاجز العسكري الإسرائيلي على مدخل أريحا الجنوبي الرئيس.
وحسب هؤلاء فان الحديث، عن تخطيط الخلية للانتشار على طول الطريق المؤدي إلى مكان الاجتماع، هو من قبيل المبالغة، واكبر من قدرات ليس خلية فلسطينية، ولكن من قدرات الأجهزة الأمنية الفلسطينية نفسها، التي تنفذ أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية مدعومة بالجيش عمليات دهم روتينية في أريحا، التي تخضع اسميا للسلطة الفلسطينية.ورد توفيق الطيراوي، مدير الاستخبارات الفلسطينية، بان جهازه لم يطلق سراح المعتقلين، في اعتراف ضمني بالرواية الإسرائيلية حول عملية الاغتيال.
وسمحت السلطة الفلسطينية لمندوب صحيفة هارتس الإسرائيلية بمقابلة أحد المتهمين ويدعى محمد حمدان (24) عاما في السجن، للتدليل على أنها لم تطلق سراحه كما زعم ديسكن.وقال مندوب الصحيفة، ان محمد محتجز في زنزانة صغيرة، في سجن تديره الاستخبارات العسكرية الفلسطينية، وينام على فرشة رقيقة، وحين حاول الصحافي التقاط صور له، منعته إدارة سجن أريحا، من فعل ذلك.
وعندما دخل الصحافي الإسرائيلي على حمدان كان الأخير يؤدي الصلاة، وهو من مخيم عقبة جبر، جنوب أريحا، الذي يقع في الجهة المقابلة للفندق الذي تم فيه عقد اللقاء بين اولمرت وعباس.ونقل مراسل صحيفة معاريف عن اثنين من المتهمين سمح له بلقائهما في السجن الفلسطيني، نفيهما للرواية الاسرائيلية، واعتبروها محض اكاذيب.
وحسب المصادر الإسرائيلية، فان معلومات توفرت لدى الشاباك، حول هجوم يجري التخطيط له ضد اولمرت، ولكن طبيعة الهجوم لم تكن معلومة، ونقل الشاباك هذه المعلومات إلى الطرف الفلسطيني، حيث تم اعتقال ثلاثة من الأسماء التي سلمها الجانب الإسرائيلي في 28 حزيران (يونيو) قبل ستة أسابيع من اللقاء المنتظر بين اولمرت وعباس الذي تم في 6 آب (أغسطس)، بينما كان المتهمون محتجزين.
وقال مسؤول فلسطيني كبير ان إسرائيل بالغت كثيرا في الموضوع، الذي على الأرجح يتعلق بمكالمة هاتفية بين شبان متحمسين، ذكر فيها التعرض لاولمرت، ويبدو أن هناك في إسرائيل من استمع لهذه المحادثة الهاتفية، فاعتبر انه يوجد مخطط لاستهداف اولمرت، نافيا هذا المسؤول أن تكون لدى أي جهة فلسطينية الوسائل لتنفيذ اي عملية ضد اولمرت.
وتم إطلاق سراح المعتقلين الثلاثة لدى السلطة يوم 25 أيلول (سبتمبر)، وبعد أن أعلن ديسكن عن الموضوع، تضاربت الروايات الفلسطينية حول الموضوع، فهناك من اعتبر الإفراج عن المتهمين تم بطريق الخطأ، وانه تم إلقاء القبض عليهم مجددا بعد اكتشاف الخطأ، بينما رأى آخرون أنه تم إطلاق سراح المتهمين بعد ان تبين بأنه ليس لديهم أي خطة للنيل من اولمرت.
وعلقت المصادر الإسرائيلية على إعلان ديسكن، بان تصرف السلطة الفلسطينية مع المتهمين بإطلاق سراحهم، هو عودة من هذه السلطة، إلى ما كان عليه الحال زمن رئيسها الراحل ياسر عرفات، حيث كانت تتهمه إسرائيل بسلوك نهج quot;الباب الدوارquot; مع معتقلي حماس والجهاد الإسلامي الذين تطلب إسرائيل اعتقالهم، أي انه يتم اعتقالهم لفترة من الوقت لاسترضاء إسرائيل، ثم يطلق سراحهم لاحقا.
ووصف آفي ديختر، وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، إطلاق سراح المتهمين المفترض، بأنه يعبر عن سياسية تقليدية للسلطة الفلسطينية، كان هو خبرها بنفسه عندما كان يترأس جهاز الشاباك.وصرح اولمرت، بان ما حدث لن يمر بالنسبة إليه مرور الكرام، ولكنه لا يريد أن يجعل من محاولة اغتياله سببا لوقف الحوار مع الفلسطينيين.
واعلن مصدر سياسي إسرائيلي بان إسرائيل تنظر للموضوع بأقسى درجات الخطورة، وقال ان مكتب اولمرت قدم احتجاجا شديدا على ما جرى لمكتب عباس، مطالبا إياهباتخاذ إجراء ضد ما جرى من إطلاق سراح المتهمين، وان وزيرة الخارجية الاسرائيلية وضعت نظيرتها الاميركية في تفاصيل المخطط خلال زيارة الاخيرة للمنطقة.
وطلب الشاباك، من رئيسة الكنيست داليا اتسك، التي كان من المقرر أن تلتقي سلام فياض رئيس الحكومة الفلسطينية في أريحا، نقل مكان الاجتماع إلى مدينة القدس.وصدرت تصريحات وردود فعل من الأحزاب الإسرائيلية اليمينية، مشككة في النوايا الفلسطينية من مؤتمر الخريف، مثل حزب شاس الذي دعا الحكومة إلى عدم حضور المؤتمر.أما زفولون اورليف، رئيس الحزب الوطني الديني، فدعا أولمرت إلى وقف اتصالاته فورا مع أبي مازن، وعدم حضور قمة الخريف، ما دام أبو مازن يوفر quot;غطاء للإرهابيينquot;.
وقال النائب اليميني في الكنيست اريه الداد، إنه على اولمرت تلاوة صلاة لنجاته من الاغتيال، وعلى أبي مازن تلاوة صلاة على نعمة وجود شريك إسرائيلي له، رغم ما تفعله السلطة الفلسطينية.
واتهم عضو الكنيست تسفي هاندل، اولمرت بالجنون، لانه ما زال على استعداد quot;للاجتماع مع اولئك الذين يفرجون عن الإرهابيين الذين حاولوا اغتيالهquot;.ووصلت الاحتجاجات على اولمرت حتى إلى داخل حزبه، وحثه عضو الكنيست عن حزب كديما، زئيف اليكن، على تجميد المحادثات مع ابي مازن، احتجاجا على الإفراج عن أعضاء الخلية التي حاولت اغتياله.
وقال عضو الكنيست ايفي ايتام، ان على اولمرت ان يستيقظ من حلم لا طائل من ورائه بان شريكه أبا مازن شخص معتدل.أما في الجانب الفلسطيني فبدا الإرباك واضحا، ففي حين نفت حركة فتح وجناحها المسلح كتائب شهداء الأقصى، القصة، واعتبروها ملفقة، فان الطيراوي، يبدو انه الوحيد في السلطة الفلسطينية الذي تابع الملف منذ البداية، واقر بالرواية الإسرائيلية إلا انه نفى إطلاق سراح المتهمين، أما الدكتور سلام فياض، رئيس الوزراء الفلسطيني، الذي يبدو انه علم بالموضوع بعد أن اثاره الإسرائيليون، فقال ان السلطة ما زالت تحتجز المتهمين بمحاولة اغتيال اولمرت الفاشلة.
ورغم تصريحات الطيراوي وفياض، إلا أن ناطقا باسم وزارة الداخلية الفلسطينية، أكد الإفراج عن الموقوفين، لانه لم يثبت ان لهم علاقة بمخطط لاغتيال اولمرت.مصادر فلسطينية تحدثت لإيلاف قالت إنه تم الإفراج فعلا عن المتهمين، ولكن تمت إعادتهم على عجل إلى السجن، بعد الإعلان الإسرائيلي، لعرضهم على وسائل الإعلام الإسرائيلية، لاثبات ان السلطة تقوم بواجبها، رغم القناعة بان المتهمين لا علاقة لهم باي مخطط لاغتيال اولمرت، ولكنهم اصبحوا ضحية، لموضوع تحول إلى مصدر تجاذب سياسي، يزداد، كلما اقترب موعد مؤتمر الخريف.
التعليقات