طلال سلامة من روما: تتخبط الأنسجة السياسية اليوم في مشروعين متعلقين بإصلاحات العدالة والنظام الفدرالي. ويبدو أن ملامح هذين المشروعين بدأت الابتعاد بعضها عن بعض. وثمة من يعتقد أن هذين المشروعين سيدخلان حلبة الصراع قريباً كي يخرج منها رابحاً واحداً فقط. ان الطريقة التي يعانق الحزب الديموقراطي اليساري وحزب الاتحاد الوطني اليميني، من خلالها، اقتراحات حزب رابطة الشمال تجعل من quot;أومبرتو بوسيquot;، رئيس هذه الرابطة، منفرداً في قرارات بطولية قد تخوله تأديب سيلفيو برلسكوني، رئيس الوزراء الحالي، وفق طريقته الشمالية الخاصة. فالإصلاحات المتعلقة بالنظام القضائي لن يتمكن برلسكوني من انتزاعها من البرلمان من دون موافقة بوسي عليها. إذ أضحى بوسي عقرب التوازن السياسي داخل ائتلاف برلسكوني.
لذلك، بدأ برلسكوني يتماطل في هذه الإصلاحات لا سيما حين يرى أن جان فرانكو فيني، رئيس البرلمان الحالي، يريد الحوار مع الوسط اليساري قبل إقناع بوسي بتقديم بعض التنازلات لصالح برلسكوني. بالأحرى، يعرب القصر الجمهوري عن قلقه إزاء عمليات المغازلة الحزبية، غير المفهومة أبعادها بعد، مما قد يتسبب بصدام مباشر بين الأغلبية الحاكمة والسلطات القضائية العليا. وهذا ما يخشاه كذلك quot;أنتونيو دي بياتروquot;، زعيم حزب quot;قيم ايطالياquot;، الذي ينذر رئيس الجمهورية بسيناريو سوداوي في حال تشوهت العلاقات بين برلسكوني وفريقه التنفيذي، من جهة، والقضاة والمدعين العامين واللوبي الواقفة ورائهم، من جهة ثانية. مع ذلك، يعلم الجميع أن الموافقة على الإصلاحات القضائية، في جلسة التصويت البرلمانية، ستكون بفارق كمشة أصوات فقط.
هاهو أومبرتو بوسي يبرز مجدداً لفرض النظام الفيدرالي على حكومة برلسكوني. من جانبه، تنطلق من الحزب الديموقراطي اليساري إشارات تضامن متواضعة مع مخطط رابطة الشمال الفيدرالي. في الحقيقة، يعلم الجميع، ومنهم بوسي، أن أولوية حزبه في انتزاع القانون الفيدرالي من برلسكوني صعب حالياً. فالأزمة الطلابية والمالية الراهنة تجعل الحكوميون يدرسون خطواتهم ألف مرة قبل الانتقال من الوعود الى الأفعال. كما أن الوقت غير مناسب لتزيين أقاليم ايطاليا الغنية بالديكور الأيديولوجي لرابطة الشمال على حساب الأقاليم الفقيرة، الواقع معظمها جنوب ايطاليا.
التعليقات