نجلاء عبد ربه من غزة: مع قرب بداية العام الدراسي الجديد ظهرت هموم جديدة للمواطن الفلسطيني داخل قطاع غزة.. هموم اتكلت ظهور أولياء الأمور من كثرتها, فطلاب المدارس اعتادوا علي طقوس معينه مع بداية الدراسة من تحضيرات للقرطاسية كالدفاتر والأقلام والشنط، إضافة إلى الزي المدرسي. فالطلاب عادة ما يتباهون أمام زملائهم علي من يقتني فيهم الأجمل والأغلى بينهم، ولا يهمهم من أين النقود للشراء وهل يوجد بالسوق أصلا ما يريدون شرائه أم لا ...؟؟ المهم أن تلبى كل متطلباتهم بغض النظر عن أي من المعيقات التي أصبحت تعترض طريق أهالي قطاع غزة وتحول دون تحقيق أي من هذه المتطلبات.
ما يزيد الخناق حول أرباب الأسر في قطاع غزة، الحصار الخانق على غزة من قبل إسرائيل، الأمر الذي أدى إلي إغلاق الكثير من المصانع وخصوصا مصانع الخياطة التي كانت تعتمد أساسا علي القماش المستورد والتي تسمح بدخوله إسرائيل إلي مصانع القطاع، وهناك مصانع داخل غزة كانت تعمل لصالح مصانع كبرى داخل إسرائيل، فيحيكون الأقمشة ويرسلونها إلى المصنع الإسرائيلي بشكل جاهز. كل هذا إنتهى وتوقف الآن.
كانت الخيارات أمام المواطن كثيرة فمنهم من يحب أن يشتري الملابس الإسرائيلية ومنهم من كان يفضل شراء الملابس المصنعة في فلسطين، ومنهم من يشتري الملابس المستوردة من أي دولة أجنبية أخرى . الأمر كان بحسب ذوق أرباب الأسر وحسب إمكانياته المادية.. بيد أن هذا الوقت لا خيار هنا في غزة تحت هذا الحصار، فلا يوجد أي من الخيارات السابقة وحتى القماش نفسه أصبح غير موجود بالأسواق .
quot;حمد مرزوقquot; أب لخمس أطفال بدء من هذا الوقت بالتفكير في كيفية شراء مستلزمات الدراسة والملابس لأولاده الخمسة. ورغم أن الدراسة ستفتح أبوابها في 24 -8- 2008، إلا أن التفكير في كيفية توفير الزي المدرسي لهؤلاء الأولاد أصبح هاجس يراود ذهن مرزوق. حاله في ذلك حال جميع المواطنين في قطاع غزة كونهم يدركون مدى الحصار الخانق الذي يتعرضون له، ومعرفتهم بأن الخيارات أمامهم محدودة، لا بل معدومة دوماً.
ويسرد مرزوق ما يدور بباله من هموم لـ إيلاف قائلا quot;السنوات السابقة كنا نوفر النقود لشراء مستلزمات المدرسة بصعوبة بالغة، فما بالنا الآن وفي مثل هذا الوضعquot;. متسائلاً، كيف لشخص مثلي لا يعمل أن يوفر هذه المستلزمات بعد أن أصبحت الأسعار في قمة الغلاء هذا أن وجدت أصلا!!؟ وكيف سأقنع أولادي بأن الظروف لا تسمح بأن يشتروا هذا العام ملابس جديدة مثل السابق!!؟.
ويضيف مرزوق quot;التفكير في هذا الموضوع شل تفكيري تماما، عندما خرجنا أنا وزوجتي للسوق لشراء لو جزء بسيط من احتياجات أبنائي، لم نجد أي من هذه الحاجات.. فللأسف الباعة في مثل هذا الوقت كانوا يشتكون من كثرت المشترين ومن الازدحام الذي كان يشهده السوق، أما الآن فلا يوجد لا مشتري ولا بضاعةquot;.
quot; الشيء الذي يحزنني هو عدم رؤيتي للفرحة ترتسم علي وجه أبنائيquot; هذا ما بدء الحديث به أبو منار حول التحضيرات للعام الدراسي الجديد. ويضيف أبو منار لـ إيلاف quot;كنت أشعر بالسعادة الفائقة وأنا أشاهد الفرحة في عيون أبنائي الأربعة بملابسهم المدرسية والشنط والأحذية التي كنا نسعى دائما لشرائها لهم أنا وزوجتي لكي يكونوا دائما في أفضل شكل أمام زملائهمquot;.
ويضيف أبو منارquot;لكن دائما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن. كنت قد ادخرت مبلغ من المال لكي أشتري به مستلزمات الدراسة لهذا العام، ومع سوء الأوضاع داخل القطاع أضررت لصرف المبلغ، فأنا كنت عامل في مصنع للرخام ومع الحصار توقفت كل المصانع مما دعاني لصرف كل ما أملك من المال لكي استطيع إطعام أبنائي وكل يوم تأتي مستلزمات جديدة لم تكن في الحسبان ولابد من توفيرها, والآن أقف أنا مكتوف الأيدي لا حول لي ولا قوة quot; .
عندما يعجز الرجال عن توفير ما يطلب منهم كتوفير زي مدرسي مثلا لأبنائهم، فما بالنا في quot;سعاد عبد الهاديquot; التي تقف لوحدها في مهب هذه الرياح القوية بعد وفاة زوجها. تقول السيدة سعاد لـ إيلاف quot; زوجي توفي منذ حوالي الأربع سنوات وعندي خمسة أطفال يدرسون. وكنت قد أخذت علي نفسي عهد أن أوفر لهم كل ما يحتاجوا ولا أبخل عليهم بأي شيءquot;.
وتضيف سعاد quot;خرجنا أنا وأولادي إلي السوق كثيرا لكي أشتري لهم الزي المدرسي والأحذية والشنط الخاصة بالمدرسة استعدادا للعام الدراسي، لكن دون جدوى، فالسوق شبه خالي من الملابس والأحذية، وإن وجدت فهي لا تناسب كل الأذواق وأيضا عدم توفر كل المقاسات مما يحول دون شراء أي من متطلبات الدراسة، ولا يسعني غير أن انتظر لعل المعابر تفتح في الأيام القليلة القادمة لإدخال مستلزمات الدراسة، ولإدخال البسمة علي وجوه الأطفالquot;.
على كلٍ، إن سمحت إسرائيل بدخول ما يحتاجه العام الدراسي لطلاب وطالبات قطاع غزة، هل ستكون فرصة لذوي الأمور في شراء تلك القرطاسية، أم أن الأسعار ستشتعل كما الوقع في غزة!!؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.