الياس توما من براغ،وكالات:في مسعى لحل النزاع الذي نشب في الاسبوع الماضي بين جورجيا وجارتها الكبيرة روسيا، تصل الى العاصمة الجورجية اليوم الجمعة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس. وستجتمع رايس بالرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي، وتطلعه على اتفاق وقف اطلاق النار الرسمي الذي توسطت فرنسا في التوصل اليه وحاز على دعم وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي اضافة الى الولايات المتحدة.

ومن المتوقع ان تعبر رايس عن دعم بلادها القوي للجانب الجورجي في صراعه ضد روسيا. وكانت واشنطن قد قالت في وقت سابق إن علاقتها بموسكو ستتأثر لسنوات عدة نتيجة ما وصفته quot;باعمال روسيا العدوانية.quot; وكان وزير الدفاع الأميركي روبرت جيتس قد قال للصحفيين في واشنطن إن لتصرفات موسكو عواقب امنية وخيمة، الا انه اكد على انه لا يرى اية ضرورة لتدخل الولايات المتحدة في الصراع.

في غضون ذلك، ناشد الرئيس جورج بوش مجددا روسيا احترام وحدة وسلامة الاراضي الجورجية والالتزام باتفاق وقف اطلاق النار. من جانبها، ستبذل المستشارة الالمانية انجيلا ميركل جهدها للتوصل الى حل سلمي للنزاع عند لقائها بالرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف في منتجع سوتشي الروسي الواقع على البحر الاسود اليوم الجمعة. ومن المعتقد ان ميركل ستتمنى على ميدفيديف ان يتخذ موقفا اقل عدائية، وان يمتنع عن التشكيك في سيادة جورجيا وشرعية حكومتها.

في تلك الاثناء، اعلنت كندا انها قررت الغاء التمارين العسكرية المشتركة مع روسيا التي كانت قواتها تستعد للمشاركة فيها وذلك احتجاجا على السياسة الروسية في جورجيا. وقال وزير الدفاع الكندي بيتر مكاي إن بلاده قررت الانسحاب من التمارين التي كان مقررا لها ان تنطلق في الاسبوع المقبل بعد ان تشاورت في الامر مع الولايات المتحدة.

quot;تقدمquot;

ومن المقرر ان تصل وزيرة الخارجية الأميركية رايس الى العاصمة الجورجية يوم الجمعة لتقديم اتفاق وقف اطلاق النار الرسمي الى الرئيس ساكاشفيلي. وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد سلم رايس النسخة النهائية من الاتفاق لدى اجتماعه بها في مقر اقامته الصيفي جنوبي فرنسا.

ولا تنوي رايس زيارة موسكو. وكانت الوزيرة الأميركية قد قالت عقب المحادثات التي اجرتها مع القادة الفرنسيين إن الوقت قد حان لانهاء هذه الازمة. ومضت المسؤولة الأميركية للقول إن الولايات المتحدة وفرنسا تؤيدان بقوة سلامة جورجيا الاقليمية، واتهمت روسيا بعدم الالتزام باتفاق وقف اطلاق النار.

وقالت: quot;يجب ان يتاح لجورجيا، التي تحظى سلامتها الاقليمية واستقلالها وسيادتها باحترامنا الكامل، استئناف حياتها الاعتيادية.quot; من جانبه، حث الرئيس ساركوزي، الذي توسط للتوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار، الجانبين على quot;تعزيز وقف النار والاسراع في سحب القوات الروسية الى المواقع التي كانت تحتلها قبل السابع من اغسطس/آب.quot;

واضاف الرئيس الفرنسي: quot;علينا ايقاف صدمة الحرب. سيستغرق ذلك وقتا، ولكننا نحرز تقدما في هذا المجال.quot; كما كشف الرئيس ساركوزي عن ان فرنسا تنوي طرح مشروع قرار في مجلس الامن يتضمن البنود الستة الواردة في اتفاق وقف اطلاق النار.

ويتضمن اتفاق وقف اطلاق النار تعهدا من الجانبين بسحب قواتهما الى المواقع التي كانت تحتلها قبل اندلاع الازمة الاخيرة، اضافة الى خطة تقضي ببدء مشاورات دولية حول الوضع المستقبلي لاقليمي اوسيتيا الجنوبية وابخازيا. الا ان الرئيس الجورجي ساكاشفيلي قال إنه لن يوقع على الاتفاق قبل ان يدقق في تفاصيله، وقال لشبكة سي ان ان: quot;لنر ما تحمله رايس في جعبتها.quot;

وتقول مراسلة بي بي سي في تبليسي ناتاليا انتيلافا إن الحكومة الجورجية تأمل في ان تسلط زيارة رايس ضغطا اضافيا على موسكو وان تساعد في ايجاد الظروف الملائمة لعودة عشرات الآلاف من النازحين الذي هجروا مساكنهم هربا من القتال الذي دار في الايام الاخيرة.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغيه لافروف قد قال في وقت سابق إن مسألة سلامة جورجيا الاقليمية غير ذات اهمية. وقال لافروف: quot;اعتقد انه من المحال اقناع اوسيتيا الجنوبية وابخازيا بالموافقة على الفكرة القائلة بوجوب عودتهما الى احضان الدولة الجورجية.quot;

واضاف لافروف إن الاقليمين لن يوافقا ابدا ان يكونا جزءا من جورجيا. وكانت روسيا قد قالت يوم الخميس إنها شرعت في اعادة بلدة جوري الجورجية القريبة من الحدود مع اوسيتيا الجنوبية الى الشرطة الجورجية، الا انه اصرت على ان قواتها ستبقى في المنطقة.

ولم يتمكن الجيش الروسي من الاتفاق مع الشرطة الجورجية على تسيير دوريات في جوري التي ما زالت تخضع للسيطرة الروسية. وقال ضابط روسي رفيع إن قواته ستبقى في جوري من اجل ازالة الاسلحة والمتفجرات التي تركها الجانبان بعد المعارك التي دارت مؤخرا.

كما وردت تقارير تتحدث عن تحركات عسكرية روسية قرب مدينتي سيناكي وبوتي الجورجيتين. يذكر ان جورجيا اتخذت من جوري قاعدة لانطلاق قواتها في مسعى خائب لاحتلال اوسيتيا الجنوبية في الاسبوع الماضي، الامر الذي ادى الى تدخل روسيا عسكريا. ويدعي الجورجيون إنهم انما كانوا يردون على quot;استفزازاتquot;.

فيتسو يحمل جورجيا مسؤولية التدهور الأمني

من جهة أخرى حمل رئيس الحكومة السلوفاكية روبرت فيستو القيادة الجورجية مسؤولية التدهور الأمني من دون أن يسميها مباشرة. ونقلت وكالة الأنباء السلوفاكية عنه قوله أنه يرفض النظر باللونين الأبيض والأسود إلى الوضع هناك كما يفعل البعض مشددا على أن جهة في هذا الخلاف هي التي قامت بالاستفزاز في إشارة إلى الطرف الجورجي الأمر الذي أدى إلى رد فعل قوي حسب قوله ولهذا فمن الضروري وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المباحثات.

ويختلف هذا الموقف عن الموقف الرسمي الذي تبنته وزارة الخارجية السلوفاكية التي أعلنت دعمها لوحدة وسيادة أراضي جورجيا واعتبار الخطوات التي تشكك بحدود جورجيا الدولية في إشارة إلى المواقف الروسية بأنها غير مقبولة بالنسبة لسلوفاكيا.

وأكد الناطق الصحفي باسم الوزارة يان شكودا بان سلوفاكيا رفضت على الدوام وسترفض في المستقبل أي استخدام للقوة من قبل أي طرف لحل الخلافات وفتح القضايا بما فيها الخلافات القائمة حول ابخازيا واوسيتيا الجنوبية. وأكد استعداد بلاده لدعم إرسال بعثة سلام من الاتحاد الأوربي إلى جورجيا.

من جهتها اعتبرت نائبة رئيس البرلمان السلوفاكي يانا بيلوسوقوفا بان جورجيا تصرفت في هذا النزاع كمعتدي عندما هاجم جيشها وبشكل لا يمكن فهمه السكان المدنيين في اوسيتيا الجنوبية وكان من نتيجة هذه العملية التي أطلق عليها تسمية الأرض النظيفة تسوية 10 مدن وبلدات في اوسيتيا الجنوبية بالأرض وقتل نحو 2000 من المواطنين.