رغم الحرب التكنولوجية التي تستخدمها إسرائيل
المقاتلون الفلسطينيون يحاولون استدراج الإسرائيليين لحرب المدن
نجلاء عبد ربه من غزة: ما أن تغرب الشمس في غزة ويبدأ الظلام بإسدال ستاره على القطاع الواقع تحت القصف المدمر، حتى تخلو الشوارع تماما من المواطنين، ويبدأ المقاتلون الفلسطينيون بالانتشار في أماكن مختلفة استعدادا لأي تقدم للدبابات الإسرائيلية التي تتمركز على تخوم مدنه الأربع، وتزحف ببطء شديد باتجاه المناطق المأهولة بالسكان.
وعلى الرغم من تلبد سماء قطاع غزة بأنواع عديدة من الطائرات الإسرائيلية التي ترتبط بتكنولوجيا عالية جداً، إلا أن تنقل المقاومين الفلسطينيين من منطقة إلى أخرى يعتبر، بالنسبة لهم إنتصاراً على تلك التكنولوجيا التي تقف لهم بالمرصاد.
ويعتبر أحد مقاتلي الجهاد الإسلامي من شمال غزة، أن تنقله هو ومجموعته من مكان لأخر تحت هدير العديد من الطائرات المختلفة، بما فيهم طائرة الإستطلاع quot;الزنانةquot;، يعتبره إنجازاً. وقال لإيلاف quot;المشكلة الوحيدة التي تواجهننا كمقاومين هي وجود الزنانة التي تصور كل ما يتحرك على الأرض في ميدان الحربquot; لكننا بفضل الله نتمكن من التنقل من مكان لآخرquot;.
وأضاف الشاب الذي يدعى أبو الرائد quot;لا نخشى الدبابات الإسرائيلية أبداً، بل على العكس تماماً، نحن نستفزها لأن تزداد في لدخول إلى العمق الغزاوي أكثر، لكن تقدمهم يكون يبطئ شديد بسبب خشيتهم من مفاجآت قد تحصل لهمquot;.
وأكد أبو مجاهد، والذي يبدو عليه قائد ميداني، أن المقاومة لم تستخدم سوى القليل من إمكانياتها، لكنها تعتمد بشكل رئيسي على الأرض في غزة، وعلى قتال الدبابات، لكنه إعترف بفشل القوة الرادعة أمام الطائرات والبوارج الحربية التي تسقط حممها على مدار الساعة فوق منازل المواطنين الفلسطينيين في غزة.
ورغم أن القصف الإسرائيلي لا يكاد يتوقف على مدار الساعة، إلا أنه يأخذ في ساعات الليل طابعا آخر، ويزداد حدة بشكل واضح، بينما يخطف صوته المرتفع النوم من عيون الغزيين رغم ليلهم الطويل، ويزيد من قسوته الاهتزازات التي يُحدثها في بيوتهم التي تصدع العديد منها بفعل تلك الإهتزازات المدوية.
وتقسم كتائب القسام التابعة لحركة حماس، كونها تسيطر على قطاع غزة، عناصرها إلى أقسام متعددة. فما أن ينتهي الناس هنا من صلاة العشاء بساعة على الأكثر، حتى ينتشر القسام في كافة الشوارع العامة والمفترقات، فيما يمنع الناس من تلقاء أنفسهم من الخروج من منازلهم. ويوقف عناصر القسام كل إنسان يتجول دون سبب في الشارع ويرغمه على العودة إلى منزله.
ويخشى القسام من دخول وحدات خاصة إسرائيلية داخل المدن لإعتلاء المنازل العالية وقنص المواطنين الفلسطينيين، خاصة وأن وحدات الجيش الإسرائيلي الخاصة ترتدي عادة الملابس المدنية، ومعظمهم يرتدي الكوفية الفلسطينية للتمويه بشكل أكبر.
ويرابط القسام على شكل صفوف في المحافظات المختلفة، ويعتمد في مقاومته للدبابات الإسرائيلية على عناصره من المنطقة ذاتها، لدرايتهم بطبيعة الأرض، فيما يساندهم مجموعات أخرى من مناطق قريبة من مكان التوغل الإسرائيلي للدبابات.

وإعتمدت المقاومة الفلسطينية شمالي قطاع غز على ما يعرف بـ quot;الكمائن المحكمةquot;، حيث تمكنت مجموعات المقاومة الفلسطينية في أكثر من مرة، من استدراج عدة جنود إسرائيليين إلى كمين، بينما تبدأ مجموعات أخرى بقصف مكثف بقذائف الهاون، وإشغال الطائرات بإطلاق المضادات الأرضية لإبعادها عن المكان
ويستغل المقاومين الفلسطينيين في بعض الأحيان، كثافة الضباب، ليبدؤوا من جديد في زرع عبوات ناسفة أمام تقدم الدبابات الإسرائيلية، فيما ينشغل آخرون في قصف المدن الإسرائيلية بصواريخ مختلفة الأسماء.
وكان المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر قد أقر البدء بالمرحلة الثالثة من عمليته العسكرية داخل قطاع غزة. ومن المؤكد في تلك المرحلة هو إعادة إحتلال الشريط الحدودي بين رفح الفلسطينية ونظيرتها المصرية، وقطع الطريق أمام الأنفاق التي تزود المقاومة الفلسطينية بالسلاح.
وتشير التقديرات إلى أن الجيش الإسرائيلي سيبدأ فعلياً بالدخول إلى أول المدن الفلسطينية في قطاع غزة، وهي مدينة رفح الحدودية، لكنه سواجه المخاطر الحقيقية لجنوده في حال إحتلاله للشريط الحدودي الذي يبلغ طوله حوالي 14 كيلو متر.
ومن المؤكد، بحسب مقاومين فلسطينيين في رفح أن عبوات ناسفة تم وضعها وتجهيزها أمام أرتال الدبابات الإسرائيلي التي ستتقدم نحو رفح، بينما يتكون أكوام الحجارة المتبقية من المنازل المدمرة الفلسطينية على طول الشريط الحدودي، ستكون فرصة للقناصة الفلسطينيين في إستهداف الجنود الإسرائيليين.