واشنطن: يعود باراك أوباما الذي احتفي به بوصفه quot;نقيض بوشquot; حين قام بجولة في القارة العام الماضي بوصفه مرشح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية مجددا الاسبوع القادم كرئيس للولايات المتحدة لحضور اكثر من قمة في لندن وبراج وعلى الحدود بين فرنسا والمانيا. وبعد أن أصدر اوامره باغلاق معتقل جوانتانامو العسكري وتعهد ببذل مزيد من الجهد لمكافحة الاحتباس الحراري ونبذ quot;دبلوماسية راعي البقرquot; التي انتهجها سلفه فانه سيبحث عن شيء في المقابل ويقول محللون انه لا يستطيع أن يحتمل الرحيل خالي الوفاض.

ويأمل أوباما استغلال النوايا الحسنة تجاه ادارته الشابة مع ظهوره الاول على المسرح الدولي سعيا الى تنسيق افضل على صعيد الازمة المالية العالمية والحصول على مزيد من الدعم من الحلفاء المتشككين في حرب افغانستان. لكن لم يتضح بعد مدى النجاح الذي يمكن أن يحققه في تحويل شعبيته التي تشبه شعبية نجم لموسيقى الروك التي تمتع بها حين قام بزيارة اوروبا كمرشح لانتخابات الرئاسة الى مكاسب ملموسة على صعيد الكفاءة السياسية الدولية.

وقال كريستوفر بريبل محلل السياسة الخارجية بمعهد كاتو في واشنطن quot;هذه الرحلة ستجعل أوباما يواجه الحقائق الجادة للزعامة العالمية.quot; لكن المجازفة كبيرة في الداخل والخارج. وحين يستقل أوباما طائرة الرئيس الأميركي سيترك وراءه دولة قلقة من الكساد يتزايد شعورها بالتشاؤم تجاه استراتيجية الانعاش التي وضعها وبرلمانا يستعد لتخفيض خطة الميزانية التي وضعها وقيمتها 3.55 تريليون دولار والمثقلة بالعجز.

الأميركيون الذين انتخبوه في نوفمبر تشرين الثاني بعد أن تعهد باجراء تغييرات كاسحة عقب ثماني سنوات من حكم الرئيس الجمهوري جورج بوش يتوقعون أن تسفر جهوده لاصلاح علاقات أميركا مع بقية العالم عن نتائج ملموسة. وتحرك أوباما بالفعل بسرعة لالغاء بعض اكثر سياسات بوش اثارة للانقسامات.

وأشاد الاتحاد الاوروبي وجماعات معنية بالدفاع عن حقوق الانسان بقراره اغلاق معتقل جوانتانامو بكوبا في غضون عام ووقف استخدام أساليب الاستجواب القاسية مع المشتبه في صلاتهم بالارهاب. ورحب الاوروبيون الذين انتقدوا بشدة سياسة بوش الخارجية - التي اعتبروها أحادية وتجلى هذا في غزو العراق عام 2003 - بنهج أوباما المتعدد الاطراف فضلا عن رغبته في التحدث مع الاعداء مثل ايران.

وحين يلتقي بزعماء العالم خلف الابواب المغلقة يرجح أن يوضح أوباما أنه بينما ادارته مستعدة الى أن تنصت اكثر فانها تتوقع ايضا المزيد من حلفائها على عدد من الجبهات. وتقول سارة مندلسون خبيرة السياسة الخارجية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان التحدي بالنسبة لأوباما يكمن في تحديد الى اي مدى يستطيع الضغط على الحكومات الاوروبية التي تواجه ضغوطا داخلية خاصة بها.

وستكون المحطة الاولى لأوباما وهي قمة مجموعة العشرين في العاصمة البريطانية لندن لكبرى اقتصادات العالم في الثاني من ابريل نيسان اختبارا كبيرا للمدة التي سيستمر بها شهر العسل بين اوروبا والرئيس الأميركي. وبدأت المسألة تتطور كلعبة شد الحبل بشأن نداء واشنطن بمزيد من الانفاق التحفيزي لدعم الاقتصاد العالمي ومسعى اوروبي لجعل اصلاح المؤسسات المالية الدولية على رأس الاولويات.

وأصر زعماء اوروبيون على أنه ليست لديهم نية ليراكموا مزيدا من الدين العام بينما كانت واشنطن تاريخيا حذرة من التنازل عن النفوذ للجهات التنظيمية الدولية. وتجنبا لافساد الظهور الاول لأوباما في قمة عالمية واحباط الاسواق المالية القلقة ستكون النتيجة الارجح هي أن يخفي الزعماء خلافاتهم. ومن الممكن أن تتيح المحادثات المنفصلة مع الرئيس الصيني هو جين تاو والرئيس الروسي دميتري ميدفيديف على هامش القمة فرصة لأوباما لتحديد النبرة مع قوتين عالميتين معروفتان بأن علاقاتهما مع واشنطن تكون مضطربة في بعض الاحيان.

ومن المتوقع أن يثور جدل حاد خلال قمة حلف الاطلسي على الحدود الفرنسية الالمانية. ومن المرجح أن يمارس أوباما مزيدا من الضغفط للحصول على مساعدة اضافية في افغانستان حيث ارتفعت معدلات العنف الى أعلى مستوى لها منذ أطاحت القوات الأميركية بطالبان عام 2001. في حين يحجم معظم الحلفاء عن أن يحذو حذو أوباما بنشر مزيد من القوات المقاتلة يتوقع أن تسعى مراجعة الادارة للاستراتيجية في افغانستان والتي ستصدر خلال فترة قصيرة الى أن يلعب حلف شمال الاطلسي دورا اكبر في تدريب الشرطة والمساعدات التنموية. لكن الاوروبيين قد يحجمون حتى عن هذا النهج.

وعلى الرغم من الاختلافات في السياسة لا يزال بوسع أوباما ان يتوقع استقبالا حماسيا في اوروبا حيث خلب الباب الجماهير بوصوله الى الحكم كأول رئيس أميركي اسود. وستفيد الزيارات التي يقوم بها أوباما بما في ذلك قمة للاتحاد الاوروبي في براج ومحطة أخيرة في تركيا - ليفي بوعده بزيارة دولة مسلمة في بداية ولايته الرئاسية - في أن تجعل حقبة بوش صفحة من الماضي. وقال تشارلز كوبتشان خبير السياسة الخارجية بجامعة جورج تاون quot;يجب الا يتوقع أحد الكثير من الحنين الى بوش خلال هذه الرحلة.quot;