بغداد: بينما هو جالس في غرفته الصغيرة بشمال بغداد ومسدسه بالقرب منه والكثير من البنادق أسفل الفراش عبر خليل ابراهيم عن شعوره بالقلق بشأن مستقبل العراق. وبعد مرور ستة أعوام على الغزو الأميركي يتأمل العراقيون واقع الحياة بعد انسحاب القوات الأميركية المقاتلة يوم الثلاثاء الى خارج المدن. أخذ ابراهيم الضابط السابق بالمخابرات يرمق ابنه البالغ من العمر سبعة أعوام وهو يلعب احدى العاب الحروب على جهاز الكمبيوتر في زاوية الغرفة وقال ان لديه سببين رئيسيين للقلق.

قال متجهما quot;ايران تربطها علاقات جيدة بأحزابنا السياسية وهي تدير ميليشيات. واذا أكملت القوات الأميركية انسحابها ستفعل ايران ما تريده في العراق.quot; وكثيرا ما توجه اتهامات لايران التي يحكمها الشيعة بتسليح وتمويل ميليشيات شيعية تستهدف السُنة بهجماتها وهو ما تنفيه طهران. وقال ابراهيم quot;وأيضا اذا انسحب الأميركيون فستعود القاعدة.quot; وابراهيم على معرفة بالمتشددين الاسلاميين أفضل من كثيرين غيره.

وكقائد لاحدى وحدات مجالس الصحوة السنية المدعومة من الولايات المتحدة والتي تألفت من الكثير من المتشددين السابقين قاتل بعض رجاله في صفوف المتمردين ضد الجيش الأميركي قبل أن يغيروا اتجاهاتهم ويساعدوا في طرد مقاتلي القاعدة من معظم أنحاء العراق. لكن في ظل تسليم القوات الأميركية السيطرة تدريجيا وبشكل متزايد لادارة رئيس الوزراء نوري المالكي التي يقودها الشيعة بموجب اتفاق أمني يطالبهم بالانسحاب التام بحلول عام 2012 تتصاعد التوترات.

وتراجعت وتيرة العنف تراجعا حادا في أنحاء العراق لكن ما زالت تحدث تفجيرات مدمرة ينحى باللائمة فيها عادة على المتشددين من العرب السنة مثل أعضاء تنظيم القاعدة وتهدف فيما يبدو الى تقويض ادارة المالكي ودفع البلاد مجددا للانزلاق الى أعمال العنف الطائفي التي شهدها عاما 2006 و2007. ووقع في الايام القليلة الماضية هجومان من أسوأ الهجمات منذ اكثر من عام اذ أسفر انفجار انتحاري بشاحنة ملغومة عن مقتل 73 على الاقل اثناء مغادرتهم مسجدا للشيعة قرب مدينة كركوك بشمال البلاد في 20 يونيو حزيران.

وبعد أربعة أيام وقع انفجار آخر في سوق بحي مدينة الصدر في بغداد والذي يغلب على سكانه الشيعة مما أسفر عن مقتل 72. وترجح الحكومة أن تزداد أعمال العنف وإراقة الدماء قبل الانتخابات البرلمانية التي تجري في يناير كانون الثاني. وفي ظل الانسحاب الأميركي من المدن يقول الكثير من العراقيين من السنة والشيعة انهم يشعرون انهم معرضون لما يصفونه بالفساد وعدم الكفاءة اللذين تعاني منهما قوات الامن العراقية.

وقال صلاح عبد (40 عاما) وهو موظف حكومي quot;نخاف مما سيحدث في الايام القليلة القادمة... قد نفقد أرواحا كثيرة.quot; لكن هناك آخرين اكثر تفاؤلا بالانسحاب الأميركي الذي سيشهد انسحاب جميع القوات الأميركية تقريبا الى قواعد في الريف. وقالت شيعية تدعى مروة وتبلغ من العمر 44 عاما quot;القوات العراقية ستتحسن وحينذاك سيكونون افضل من الأميركيين لانهم يحملون مصالحنا في قلوبهم.quot; واستغلت مروة هدوء الشوارع في عطلة نهاية الاسبوع لتشتري كاميرا رقمية من حي الكرادة.

ويقول مسؤولون عسكريون أميركيون ان لديهم خططا ستسمح لهم باعادة الانتشار اذا طلب العراق مساعدتهم. كما تم تعريف قواعدهم الرئيسية في المحافظات الشمالية التي ما زالت أعمال العنف منتشرة بها بأنها quot;ريفيةquot; حتى يتسنى لهم الاحتفاظ بوجود بها. لكن ابراهيم الذي يلقب بأبو عمر ويعيش في حي الأعظمية بشمال بغداد يظل مُتشككا.

وكثيرا ما يستهدف تنظيم القاعدة مجالس الصحوة منذ هجر متشددون جماعاتهم وانضموا الى صفوفها. وقتل شقيقه أثناء الخدمة في يوليو تموز الماضي ثم قتل انتحاري يمني ابنه في اغسطس اب. وذبح أفراد ميليشيا شيعية ابنا ثانيا عام 2005. أشعل سيجارة أخرى واستدار نحو نافذة تطل على ميدان بجانب مسجد للسنة شهد آخر ظهور علني للرئيس السابق صدام حسين في بغداد في ابريل نيسان 2003.

ويقول ابراهيم ان أفراد الوحدة التي يقودها بمجالس الصحوة يخافون من المستقبل لأسباب منها أنه لم تعد لم صلة بالجيش الأميركي. ويخشى الكثير منهم أن تنقلب بغداد ضدهم بسبب ماضيهم كمتمردين. وأضاف بينما كان زوج من عصافير الكناريا يغرد في قفص صغير وتدور مروحة متهالكة في السقف quot;ما زالت لدي علاقات جيدة مع الولايات المتحدة. أستطيع أن أذهب وأعيش هناك.quot; وأردف قائلا quot;لكني ولدت هنا وعشت هنا وأريد أن أموت هنا. لو ذهبت لذهب آخرون .. فمن ذا الذي سيبقىquot;.