قالت الناطقة الجديدة باسم المحكمة الخاصة بلبنان فاطمة العيساويفي حديث لها مع إيلاف إن المحكمة ماضية قدماً في عملها حتى النهاية ولا تتأثر بالمتغيرات السياسية في لبنان والمنطقة. وأوضحت العيساوي، التي تسلمت عملها قبل أيام منتقلة من لندن إلى لاهاي مقر المحكمة، أن ما حصل من استقالات في المحكمة مؤخراً كانت لأسباب شخصية، نافية الانطباع الخاطئ بأن الاستقالات تهدد مصير المحكمة واستمراريتها.

لاهاي: رأت الناطقة باسم المحكمة الدولية أن quot;من المهم أن نوضح أن رئيس قسم التحقيق السيد نجيب كالداس لم يستقل بل انتهت مدة عقده واختار ان يعود الى بلاده لمواصلة مهامه هناك. اما بالنسبة إلى رئيس القلم السيد ديفيد تولبرت فإن استقالته مردها لحصوله على عرض لتولي رئاسة المركز الدولي للعدالة الانتقالية وهو ما يشكل تتويجا لعمله الطويل في هذا المجال على نطاق عالمي ويمنحه فرصة العودة أخيراً الى بلاده بعدما أمضى سنوات متنقلا بين بلد وآخر في إطار مهامه.

وأضافت العيساوي quot;صحيح ان هؤلاء المسؤولين اكتسبوا خبرة في مجال عملهم ولكنهم لا يعملون بمفردهم بل في اطار فرق عمل متكاملة تتميز بالكفاءة والخبرة العالية والفاعلية. وبالنسبة إلى قلم المحكمة، فان الأمين العام للامم المتحدة سبق واعلن انه سيعمد الى تعيين رئيس قلم بالنيابة لتفادي أي فراغ في القلم ولضمان حصول انتقال سلس من الرئيس الحالي الى الرئيس المقبلquot;. موضحةً أن quot;المحكمة شددت في رسالتها الى الرأي العام اللبناني والعربي على ان حصول تغييرات ليس بالأمر الاستثنائي في المحاكم الدولية كما اننا نتحدث عن رجال قانون وخبراء ذوي تجربة واسعة وسمعة عالمية ومن الطبيعي ان تتسابق المؤسسات الدولية على استقطابهمquot;.

وكشفت أن quot;الامين العام سيعمد الى تعيين رئيس قلم بالنيابة خلفاً للسيد تولبرت للمرحلة الانتقالية كما ان نائب رئيس القلم السيد هرمان فون هيبل ملم تماما بآلية العمل في القلمquot;. اما بالنسبة الى استقالات محتملة، نفت علمها بأي شيء من هذا القبيل مع الاشارة الى ان المحكمة تضم فريقا واسعا من اكثر من 200 موظف ولا مجال للجزم ان احدا منهم لن يترك منصبه لسبب ما. وأوضحت أن quot;المحكمة الخاصة بلبنان مؤسسة قانونية مستقلة قائمة على آليات وليس على افراد كما ان التغييرات داخل المحكمة تتم بالاتجاهين فهنالك موظفون يغادرون المحكمة واخرون ينضمون اليها وانا نفسي تسلمت مهامي قبل اسابيع قليلةquot;.

واستبعدت الناطقة باسم المحكمة وجود أي صلة بين ما يدور في لبنان أو خارجه من متغيرات سياسية ومسار المحكمة التي أكدت أنها quot;معنية فقط بتحقيق أهداف المهمة التي كانت وراء قيامها وهذه المهمة ثابتة ولا تختلف باختلاف الظروف السياسية. المحكمة تعمل بهدوء وصمت وجدية بعيدا عن صخب السياسة وتقلباتها وهي مؤسسة قانونية مستقلة لا تتعاطى السياسة وتقوم على فريق عمل من القضاة والمحامين المتميزين يعملون على ضمان نجاح آليات عملها واستقلاليتها وفاعليتهاquot;.

وأضافت أن quot;هنالك انطباعا خاطئا بوجود علاقة وثيقة بين المحكمة ومستقبلها وبين تطورات الاوضاع السياسية في لبنان والمنطقة. نحن نؤكد ان المحكمة لا تتأثر بتاتا بمسار رياح السياسة في المنطقة وفي لبنان وهدفها الوحيد تحقيق المهمة الملقاة على عاتقها وهي مهمة لا تتبدل بتبدل الاوضاع السياسية.

والجدير بالذكر ان ثمة سوء فهم لآليات عمل المحكمة مرده الاطار القانوني الخاص والمركب للمحكمة لذلك نبذل جهودا حثيثة من اجل التواصل مع الرأي العام اللبناني عبر مكتب التواصل الخاص بالمحكمة في بيروت وذلك في صدد توضيح اي لبس في طبيعة دور المحكمة وتعزيز الشراكة مع المجتمع المدني اللبناني بشرائحه كافة. ان نجاح عملنا يستند الى حد كبير على دعم الرأي العام اللبناني للمحكمة وايمانه بمهمتهاquot;. ونفت العيساوي وجود أي مشكلة في تمويل المحكمة موضحةً أن موازنتها بلغت للعام 2010 مبلغ 55 مليون دولار تم الحصول على التزامات بضمان 90 في المئة منهاquot;.

وحول اتفاق المحكمة الأخير مع منظمة الانتربول الدولي أوضحت أن quot;الهدف منه هو توفير إطار للتعاون بين المحكمة الخاصة بلبنان والانتربول في ما يتعلق بالوصول الى قاعدة المعلومات لدى الانتربول وتبادل الخبرات. والجدير بالذكر ان منظمة الانتربول لا تشمل مهامها اساسا عمليات التوقيف او تسليم الفارين من العدالةquot;.

وكررت العيساوي إصرار المحكمة على عدم التعليق على أي تأويلات أو تكهنات صحافية حول أي متهم أو متورط في قضية مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري خصوصاً حول ما ورد في مجلة دير شبيغل التي اتهم فيها الصحافي الألماني ايريك فولاث وجود صلة لحزب الله بالقضية ووصف لنفي المحكمة بالضعيف. واكدت أن quot;التحقيق هو من صلاحية المدعي العام ويدور تحت اشرافه ويخضع لسرية تامةquot;.

ولم تجب العيساوي على أسئلة إيلاف المتعلقة بعدد المتهمين وجنسياتهم وموعد بدء جلسات الاستجواب باعتبارها متعلقة بسرية التحقيق. لكنها قالت إن quot;بامكان المحكمة محاكمة متهمين غيابيا مع ضمان صون حقوق المتهمين وفق أرقى معايير العدالة الدولية وحقوق الانسان. وفًقا للمادة 22 من النظام الأساسي، يجوز للمحكمة الخاصة إجراء المحاكمات غيابيًا إذا كان المتهم قد تنازل صراحة عن حقه في الحضور، أو لم يتم تسليمه من قبل الدولة المعنية، أو قد توارى عن الأنظار أو تعذر العثور عليه. وإذا لم يعمد متهم تمت مقاضاته غيابيا الى تعيين محام يمثله، يحق له إما أن يقبل بالحكم الصادر في حقه أو أن يطلب إعادة محاكمته. كذلك، بإمكان المتهمالمثول بواسطة نظام المؤتمرات المتلفزة من مكان خارج قاعة المحاكمة من دون اعتبار المحاكمة غيابيةquot;.

أما بالنسبة إلى العقوبة القصوى في هذه المحكمة ومكان قضاء فترة الحكم فقالت الناطقة باسم المحكمة إنه بحسب المادة 29 من النظام الاساسي فان مدة السجن quot;تقضى في الدولة التي يعينها رئيس المحكمة الخاصة من قائمة الدول التي أعربت عن استعدادها لقبول أشخاص مدانين من المحكمةquot;.

وإن كانت جلسات المحكمة ستجري بحضور وسائل الاعلام على غرار محاكمات نظام صدام حسين بينت العيساوي أن هناك quot;قاعدة عامة، بأن تكون المحاكمات علنية ومفتوحة أمام الجميع الا في حال اعتماد إجراءات تتعلق بتأمين حماية خاصة للشهود والضحايا خلال المحاكمة. فالمادة 16 من النظام الأساسي أكدت انه quot;من حق المتهم أن تُسمع أقواله على نحو يتسم بالإنصاف والعلانية، رهنا بالتدابير التي تأمر ﺑﻬا المحكمة الخاصة من أجل حماية اﻟﻤﺠني عليهم والشهودquot;.

يذكر أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بدأت أعمالها في 1 آذار/ مارس 2009. وهي محكمة جنائية ذات طابع دولي اقترحت وأقرت من قبل مجلس الأمن للنظر في نتائج التحقيق الذي تقوم به لجنة التحقيق الدولية الخاصة باغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري ومقرها مدينة لاهاي في هولندا. وقد شهد إقرارها معارضة من قبل فريق الثامن من آذار في لبنان الذي يضم كلاً من حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر. وأيدها فريق الرابع عشر من آذار الذي يضم تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني الحالي وحزب القوات اللبنانية والرئيس السابق أمين الجميل إضافة للزعيم الدرزي وليد جنبلاط حينها.