دفع الضباب السياسي الذي تكاتف بقوة خلال الأسابيع الأخيرة عند المنعطفات اللبنانية الخطرة،روبير غانم إلى اعتماد الحد الأقصى في الدبلوماسية خلال حديثه لـ quot;إيلافquot;، مؤكداً قناعته بعدم إقدام أي طرف لبناني داخلي على التسبب بفتنة داخلية، لأن ذلك يتناقض ومصلحة لبنان والدول العربية التي ترعى أمنه وسلمه الأهلي، وداعياً إلى استمرار طاولة الحوار التي غابت عنها قوى 8 أذار، لأنها تطمئن اللبنانيين، وأمل أن يتواصل الحوار في النهاية حتى يتم وضع استراتيجية دفاعية للبنان.


لم يحجب جمال الطبيعة الخلابة والطقس الصافي في بلدة صغبين البقاعية حيث يمضي الوزير السابق والنائب الحالي في البرلمان اللبناني النائب غانم عطلة نهاية الأسبوع في قصره، مظاهر الطقس السياسي العاصف الذي يجتاح البلاد، ويضعها تحت وطأة أزمة سياسية عميقة بعد التأجيل المتكرر لجلسة مجلس الوزراء، منذ أن تحول بند ما يسمى quot;شهود الزورquot; أولاً على جدول أعماله واتباعه بغياب قوى 8 آذار عن حضور جلسة الحوار في قصر آخر وهو القصر الجمهوري في بعبدا، ويجعل النائب غانم يرد بالإيجاب على السؤال، إذا ما كانت البلاد قد دخلت شللاً سياسياً ستكون المؤسسات الرسمية من مجلس وزراء ومجلس نيابي أولى ضحاياه، ولكن مهما بلغت حدة هذا الشلل، وقوة خط التوتر العالي السياسي الداخلي، فإن القمة التي عقدت وضمت إلى رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان كلاً من العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد، ما زالت تعطي المفاعيل الإيجابية التي تجعل الأزمة السياسية مضبوطة تحت سقف المصلحة العليا اللبنانية والعربية حتى الآن.

إلغاء المحكمة الدولية غير وارد

وتساعد التطورات السياسية خلال الأيام الأخيرة النائب غانم على الجزم بعدم إمكانية إلغاء المحكمة الدولية، بعد أن اصطدم الضغط المتواصل تصاعداً من قبل قوى 8 أذار بغية إلغائها، بحائط مسدود كونها صدرت تحت الفصل السابع في مجلس الأمن، ما يجعلها مؤسسة قائمة بذاتها حتى لو من دون موافقة تقنية من لبنان، بل وعدم وجود أي إمكانية لاسترداد الاتفاق الموقع مع الأمم المتحدة حول المحكمة، خصوصاً وأنها الأولى التي أنشأت من قبل مجلس الأمن لإصدار حكم في جريمة صنفها المجلس إرهابية. وإن كان برأي غانم بقاء مجلس الأمن الهيئة الوحيدة نظرياً التي يحق لها اتخاذ القرار الذي تراه مناسباً حيال المحكمة.

لا وجود لـ quot;شهود الزورquot;

وينفي النائب والمحامي غانم أن يكون هناك quot;شهود زورquot; بالمعنى القانوني، لأنهم لم يقسموا اليمين قبل الإدلاء بشهاداتهم، ولكن يظهر التميز في موقفه عن باقي قوى 14 أذار وهو المحسوب على هذا التحالف السياسي، عندما يرى أن قضية quot;شهود الزورquot; يمكن أن تأخذ اتجاهين، فإما ان يتم تقديم دعاوى افتراء بحقهم أمام القضاء العادي، أو تكوين ملف يؤكد أن الشهادات التي قدمها هؤلاء الأشخاص أدت إلى ضرب الوحدة الوطنية والمس بدول صديقة، وعندها يمكن للمجلس العدلي أن يضع يده على القضية، ويشدد على ضرورة الاحترام الكامل للسلطات القضائية دون أي تدخل سياسي في عملها، حيث يمكن للسياسة أن تساعد في صياغة الحل استناداً إلى مبدأ المصلحة الوطنية العليا الذي يحيز الوصول إلى حل سياسي للقضية وبالطريقة السياسية نفسها للمشكلة المطروحة.

هيئة حكومية لاتخاذ قرار السلم أو الحرب

ويتحول اللقاء الذي خص به النائب غانم جريدة quot;إيلافquot; إلى فرصة ليعيد التذكير بموقفه بشأن سلاح حزب الله لجهة الاستفادة من هذا السلاح بعد تحرير مزارع شبعا، عبر هيئة تضم ممثلين عن الحكومة وquot;المقاومتينquot; السابقة والحالية، تتمتع بصلاحية تقرير طبيعة الرد على أي اعتداء إسرائيلي، بعد اجتماع مجلس الوزراء الذي يبقى له الحق الدستوري في اتخاذ القرار بالرد على أي هجوم، لأن القوة الرئيسة quot;للمقاومةquot; تبقى في استمرار الاجتماع اللبناني حولها وليس قوة السلاح فقط، أي أنه وبكل الأحوال يجب أن تكون الدولة هي الحاضنة quot;للمقاومةquot;، وهو الموقف الذي أبلغه لقيادة حزب الله خلال حملته للترشح لموقع رئاسة الجمهورية، دون أن يتلقى أي رد عليه لا سلباً ولا إيجاباً.

العلاقة مع سوريا تتعرض للمد والجزر

ويضفي الانتماء البقاعي والترشيح الدائم لرئاسة الجمهورية والتماس مع العمق السوري حساسية زائدة للنائب غانم في العلاقة بسوريا، وهو ما يجعله يغالب كما يقول منذ أن كانت سوريا موجودة عسكرياً في لبنان، كي يبقى موضوعياً حيال هذه العلاقة وهو ما جعلها تتعرض للمد والجزر دون أن يبدل الخروج العسكري من لبنان شيئاً في موضوعية تلك العلاقة وفقاً للنائب غانم، خصوصاً وأنه قد ثبت بأن المصالح المشتركة للبلدين تفوق أي اعتبارات أخرى والتي يجب أن تكون على مستوى الدولة والمؤسسات وليس بواسطة الأشخاص والأفراد.