رغم التوقعات القائلة بإمكانية نشوب حرب بين المغرب وجبهة بوليساريو التي تطالب بالإستقلال عن الرباط، نفى محمد الغماري الخبير في الدراسات الإستراتيجية والعسكرية في إفادات لـ(إيلاف) إمكانية وقوع تلك الحرب في المستقبل المنظور رغم توفر ظروفها، مشددا على أن الأمم المتحدة تسعى إلى تجنّبها.
الدار البيضاء: عادت طبول المواجهة العسكرية لتقرع من جديد بين المغرب وجبهة البوليساريو، بعد أن أعلنت هذه الأخيرة امتلاكها السلاح والرجال، وهو ما يمكنها من شن حرب على الرباط في الصحراء، مؤكدة أن الشعب الصحراوي بأكمله يريد الحرب، أمام تواطؤ وصمت ولا مبالاة المجتمع الدولي.
وفيما تحدث مراقبون عن بروز بوادر مواجهة عسكرية بين الطرفين، بعد أحداث العنف الأخيرة التي وقعت في مخيمات مدينة العيون، والتي أظهرت التحريات تورط كوموندو من البوليساريو وجزائيين فيها.
وفي مقابلة مع quot;إيلافquot; يقول محمد الغماري، الأستاذ الجامعي والخبير في الدراسات الإستراتيجية والعسكرية: quot;حاليا ليست هناك أي مؤشرات على حدوث حرب قريباquot;.
ويشير الخبير المغربيّ إلى أن quot;الأمم المتحدة لن تسمح بالحرب، وهي تبحث دائما عن تجنبها حتى تسعد جميع الجهاتquot;.
وذكر الغماري أن quot;الأمم المتحدة تبحث عن عدم اندلاع فتيل الحرب، قبل البحث عن حل للملفquot;، مضيفا أن quot;الآلة العسكرية كلما ظلت متوقفة، كلما نجحت المنظمة الدولية في عملهاquot;.
غير أن الخبير في الدراسات الإستراتيجية والعسكرية لم ينف احتمال الوصول إلى هذه المرحلة، إذ قال quot;يمكن أن تقع الحرب بين المغرب وجبهة البوليساريو مستقبلا، لكن حاليا الأمر غير واردquot;، مضيفا أن quot;الرباط لها قدرات كبيرة للقضاء على البوليساريو، إلا أن الأجهزة الأمنية يجب أن تدرك أن البوليساريو بتقنياتها التقليدية يمكن أن تؤذي القوات العمومية والمواطنين، لأنها مستعدة للعنفquot;.
وبخصوص ما قامت به ميليشيات البوليساريو من تخريب وأحداث عنف في مدينة العيون، أوضح محمد الغماري quot;هذا الأسلوب كان إلى حد ما منتظرا، وكان ينبغي تشديد المراقبة منذ أن شرع في إنشاء مخيم (أكديم إيزك)quot;.
وأشار إلى أنه كان من الأفضل أن يُحلّ المخيم منذ البداية، لأن عناصر البوليساريو استغلت أجواء الديمقراطية، وحرية التنقل في البلاد، حتى تنفذ مخططها، لكن كانت هناك مبالغة من طرف السلطات، إذ كان يجب عليها أن تراقبهم باستمرارquot;.
وأضاف أنه quot;لم تكن هناك احتياطات قوية من طرف السلطة. فعناصر البوليساريو لهم القدرة على استعمال جميع الوسائل، لأنهم مهيّأون للعنف، وحمل السلاحquot;.
ووصل عدد عناصر القوات العمومية المغربية، الذين لقوا مصرعهم خلال أحداث مدينة العيون، كبرى مدن الصحراء، إلى 11 عنصرا.
وتقترح الرباط أن تصبح المنطقة إقليما مغربيا يتمتع بالحكم الذاتي، في حين تريد البوليساريو (الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب) إجراء استفتاء للسكان -المعروفين باسم الصحراويين- يكون الإستقلال التام أحد خياراته.
ويثير الفشل في حل نزاع الصحراء الغربية قلق دول غربية، من بينها الولايات المتحدة، التي تعتقد أن الإنقسام بين المغرب والجزائر يعيق التعاون في التصدي لتنظيم القاعدة في المنطقة.
والصحراء الغربية مستعمرة إسبانية سابقة تقع في شمال غرب إفريقيا ضمها المغرب إليه عام 1975، ما أثار حركة تمرد من طرف جبهة البوليساريو.
وتوسطت الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار عام 1991، لكن المفاوضين فشلوا في التوصل إلى تسوية سياسية لأطول نزاع على الأراضي تشهده أفريقيا.
وكان التوتر بين الطرفين قد بلغ أشده خلال عملية قامت بها قوات الأمن المغربية في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر لإزالة مخيم أقامه عشرات آلاف الصحراويين قرب العيون كبرى مدن الصحراء الغربية، منذ منتصف تشرين الأول/أكتوبر احتجاجا على ظروفهم المعيشية.
التعليقات