لم تكن حرائق الكرمل الخطر الوحيد الذي يهدد الدولة العبرية، وإنما بات عجز الجبهة الداخلية في التعاطي مع تلك الكارثة مؤشراً لوجود 4 كوارث أخرى قد تقود إلى تدمير إسرائيل، إذا لم تتوفر آليات يمكن التعويل عليها، وتخص الكوارث المرتقبة مطار بن غوريون، والمستوطنات، وخليج حيفا، والمؤسسات الطبية.


تل ابيب: حذرت دوائر في تل أبيب من إمكانية تعرض إسرائيل لكوارث لا تقل خطورة عن حرائق منطقة الكرمل المتاخمة لحيفا، وأشارت تلك الدوائر في تحقيق موسع نشرته صحيفة هآرتس العبرية، إلى أن عجز الأجهزة المعنية الإسرائيلية عن إخماد الحرائق وطلبها المساعدة من دول أجنبية، يعطي انطباعاً بأن الخطر الذي تقبل عليه إسرائيل بات وشيكاً،ولاسيما أنه تم التحذير منه في وقت سابق، إلا أن التجاهل الحكومي بذريعة عدم توفر المخصصات المالية، بات عنواناً رئيساً لتفشي حالة الإهمال في الداخل الإسرائيلي، إذ إن الإهتمام الرئيس ينصب في معظمه على المنظومة العسكرية الإسرائيلية، انطلاقاً من هواجس أمنية يتحدث عنها قادة الدولة العبرية بشكل أحادي الجانب.

مبانٍ سكنية مخالفة للمقاييس الهندسية

سياسة الأمر الواقع

.

تسريبات خطرة

خليج حيفا وخطر التسريبات

أما الكارثة الثانية الوشيكة التي قد تتعرض لها إسرائيل في أعقاب حرائق الكرمل، فرصدتها دوائر بيئية في تل أبيب، عندما أشارت إلى أنه حال تعرض خليج حيفا لحادث أو لمساس بالحاويات التي توجد بداخله، فسوف يؤدي ذلك إلى تسرب كميات هائلة من المواد الخطرة التي تؤثر سلباً في صحة الإنسان، وقد تحصد حياة ما لا يقل عن 100 ألف إسرائيلي يقيمون في المكان وضواحيه، وعندئذ بحسب وزير حماية البيئة quot;جلعاد اردانquot; ستعجز كافة الأجهزة المعنية في إسرائيل عن احتواء الموقف.

ورغم أن وزارة حماية البيئة الاسرائيلية هي الجهة المنوطة بالعمل على تفادي حدوث أي تسريبات في مستودعات المواد الخطرة التي توجد في خليج حيفا وغيره من المناطق الإسرائيلية، إلا أن الدوائر الأكاديمية في الوزارة باتت على يقين، بحسب صحيفة هآرتس، من أن الوزارة تفتقر إلى أبسط الآليات اللازمة للتعاطي مع أي كارثة في هذا الصدد، فضلاً عن النقص الحاد في الكوادر المتخصصة في مجال المواد الخطرة مثل (الكلور، والامونيا) التي تحتوي عليها المستودعات الإسرائيلية.

كما لفتت صحيفة هآرتس إلى أنه في أعقاب حرب لبنان الثانية، أشار تقرير المراقب العام الإسرائيلي في ما يتعلق بالجبهة الداخلية، إلى أن خليج حيفا وما يحويه من مستودعات مليئة بالمواد الخطرة، يفتقر إلى أبسط آليات الأمان، وأن سقوط أي قذيفة على الخليج كان سيؤدي إلى كارثة محققة، خاصة إذا فطن حزب الله وزعيمه حسن نصر الله لذلك. كما جاء في تقرير اللجنة الوزارية الإسرائيلية المعنية بمتابعة تلك القضية الصادر عام 2007، أنه حال تسرب مواد خطرة من خليج حيفا سواء من المصانع أو من الميناء فسوف يتعرض ما لا يقل عن 100 شخص لأذى محقق ويخيم الخطر على مساحة تربو على 10 كيلو مترات مربعة

وضع متردٍ

وتنتقل الصحيفة العبرية إلى الكارثة الثالثة التي قد تشهدها إسرائيل في القريب العاجل وفقا لكل التقديرات، وتشير في هذا الصدد إلى أن وضع تأمين الرحلات الجوية المتردي، أصبح عنواناً رئيساً يفرض نفسه بقوة على سماء إسرائيل منذ فترة ليست بالقصيرة، خاصة إذا دار الحديث عن منظومة الإطفاء في الموانئ الجوية الإسرائيلية، إذ تشير تقارير تقدير الموقف في الموانئ الإسرائيلية إلى أن اندلاع حريق في أحد الموانئ الجوية خاصة بميناء بن غوريون لن يخلف خسائر في الأرواح أقل من الخسائر الناجمة عن حريق الكرمل، وإنما سيزيد عنها بأعداد بالغة.

مطار بن غوريون في انتظار الكارثة

ووفقاً للتقارير ذاتها فقد تكشفت قضية نقص آليات تأمين الموانئ الجوية في اسرائيل خلال انعقاد اللجنة التي بادر إليها وزير المواصلات الإسرائيلي السابق شاؤول موفاز في نيسان/ابريل عام 2007، وتمخضت مناقشات اللجنة عن صدور تقرير في كانون الاول/ديسمير من العام ذاته، عكف على صياغته رئيس اللجنة قائد سلاج الجو الإسرائيلي الأسبق الجنرال المتقاعد quot;عاموس لافيدوتquot;، وأوصى تقرير اللجنة في حينه بتنفيذ 75 خطوة لتأمين الموانئ الجوية في إسرائيل، إلا أن تلك التوصيات لم تنشر إلا خلال الشهرين الماضيين، ولم تنفذ منها سوى 15 وصية فقط.

وتقول المعطيات الإسرائيلية إنه خلال كانون الأول/ديسمبر عام 2008، أدرجت إدارة الموانئ الجوية الأميركية الـ quot;FAAquot; إسرائيل في المركز الثاني وسط الدول، التي تفتقر إلى آليات تأمين الموانئ الجوية، وذلك في أعقاب عمليات تفتيش مستفيضة، أجرتها المؤسسة الأميركية في مطار بن غوريون على اعتبار أنه من أكبر الموانئ الجوية.

الكارثة الخاملة

وأخيراً إلى الكارثة الرابعة التي تصفها الدوائر المعنية في تل ابيب بـ quot;الكارثة الخاملةquot; التي لا تنكشف عورتها إلا عند تعرض الدولة العبرية لأزمة، وتكمن تلك الكارثة في المؤسسات الطبية الإسرائيلية، فعلى الرغم من التقدم الكبير في المجال الطبي الإسرائيلي، إلا أن تلك المؤسسات تشهد نقصاً حاداً في الكوادر الطبية وعناصر التمريض، والعمال، ما يجعلها عاجزة عن التعاطي مع الأزمات في حالة الحروب أو الكوارث الطبيعية أو تفشي الفيروسات الخطرة، إذ تشير معطيات وزارة الصحة الإسرائيلية إلى أنه حال تعرض إسرائيل لفيروس أو طاعون يضاهي الكوليرا أو سارس أو غيره من الفيروسات، فمن المتوقع أن تمتلئ المستشفيات الإسرائيلية بما لا يقل عن 1.6 مليون مريض، وهى النسبة التي تضاهي ربع سكان الدولة العبرية تقريباً، الأمر الذي يستلزم استعداد ما يقرب من 780 ألف طبيب على أقل تقدير، و10.000 مستشفى، في ظل توقعات بوجود 2.900 حالة في غرف العناية المركزة كل أسبوع، وإقامة العدد ذاته في المستشفيات أسبوعياً.

المستشفيات تعاني نقصا حادا في الاطباء

ووفقاً للتقارير الموثقة التي نشرتها صحيفة هآرتس العبرية، تجري وزارة الصحة الإسرائيلية بين الفينة والأخرى تدريبات مكثفة للوقوف على وضعية المؤسسات الطبية في اسرائيل خلال حالات الطوارئ، غير أن المعطيات تشير إلى نقص حاد في جهوزية المستشفيات في التعامل مع الأزمات، فعلى الرغم من إعداد خطط دورية في هذا الصدد من قبل وزارة الصحة الإسرائيلية، إلا أن تنفيذها يفشل في كل مرة، خاصة آخر التدريبات التي جرت عام 2007.

وتؤكد معلومات الصحيفة العبرية أن نسبة عدد أسرّة المستشفيات الإسرائيلية هي الأقل من نوعها في الدول الأوروبية المتقدمة المعروفة بالـ quot;OECDquot;، وعلى الرغم من تجميد ميزانية زيادة عدد أسرّة المستشفيات الاسرائيلية خلال العقد الأخير أعلنت وزارة الصحة الاسرائيلية زيادة ما يقرب من 200 إلى 300 سرير، في وقت ترفض وزارة المالية التفاوض مع وزارة الصحة حول تخصيص ميزانيات لزيادة عدد الأسرّة في المستشفيات.

أزمة المؤسسات الطبية توشي بإقبال الدولة العبرية على كارثة محققة، إذا ما غزا الدولة العبرية فيروس قاتل، عندئذ بحسب تقديرات تل أبيب ستكون إسرائيل في وضع لا تحسد عليه، إذ تسود التحذيرات من تردي الوضع الطبي في البلاد، ووفقاً لبيانات وزارة الصحة الاسرائيلية الصادرة الأسبوع الماضي، كانت إسرائيل خلال عام 2009 تضم 25.850 طبيباً حتى سن الـ 65، وهو العدد الذي يقل بنسبة 7.8% خلال الفترة من 2000 وحتى 2009، بالإضافة الى 41.597 ممرضة خلال عام 2009 وهو الهبوط الذي يعادل 7.2% منذ عام 2000، وتم بحث إشكالية نقص عدد الأطباء والممرضات في إسرائيل مع وزارة المالية، فضلاً عن محاولة وزارة الصحة انتزاع موافقة من المالية لزيادة رواتب الأطباء والممرضات ولكن بلا جدوى.


وتتمثل الكارثة الأولى التي تتحدث عنها تقارير تقدير الموقف العبرية، في تردي الوضع الهندسي للمباني الإستيطانية في معظم المناطق الإسرائيلية، فنتيجة لسرعة بناء هذه المنشآت في محاولة لجعلها أمراً واقعياً أمام الفلسطينيين والمجتمع الدولي، يتم التغاضي عن دقة التصميمات والأساسات الهندسية عند البناء، الأمر الذي جعلها عرضة للإنهيار وتشريد سكانها حال تعرض إسرائيل لهزة أرضية حتى إذا كانت خفيفة، وبات هذا الإحتمال قوياً في ظل تعرض إسرائيل لأكثر من هزة خلال الأيام القليلة الماضية، كان مركز أحدها في الجنوب اللبناني، بينما كان مركز الهزات الأخرى في البحر الميت.

على الرغم من تلك المعطيات إلا أن ميزانية توفير ملاجئ لاستيعاب الإسرائيليين حال تعرض وحداتهم الإستيطانية للتدمير تكاد تكون منعدمة تماماً، بحسب صحيفة هآرتس، التي اشارت إلى ان اللجنة الوزارية المعنية بمتابعة الهزات الأرضية في إسرائيل ورصد توقعات خسائرها قالت في تقرير لها إنها طالبت خلال عام 2010 أكثر من مرة بتخصيص ميزانية لأنشطتها، التي يشمل بعضها بناء ملاجئ لاستيعاب المستوطنين حال تعرضهم لكوارث من هذا النوع أو غيره، إلا ان الرد على هذا الطلب قوبل بالتجاهل التام.

ووفقاً للبروفيسور آفي شابيرا رئيس اللجنة الوزارية التي يدور الحديث عنها، لا يقتصر الإخفاق في مواصفات البناء على المستوطنات فقط، وإنما يشمل عدداً ليس بالقليل من المدارس والمستشفيات، فضلاً عن أن ما يقرب من 20% من المباني الاسرائيلية تم بناؤها بشكل يخالف المقاييس الهندسية، إذ تشير المعطيات إلى أنه من بين 3.500 مبنى في إسرائيل، هناك ما يقرب من 200 مبنى يحتاج بشكل عاجل إلى ترميمات من بينها 180 مبنى تقريبا لدور التعليم والمستشفيات، بالإضافة إلى مراكز إطفاء ومخافر للشرطة.

وعلى الرغم من قرار الحكومة الإسرائيلية الصادر في هذا الصدد منذ عام 2008 وحتى 2010، والذي بموجبه يتم تخصيص 140 مليون شيكل بشكل سنوي لترميم المباني السكنية والتعليمية والصحية في إسرائيل على مدار 25 عاماً، إلا أن وزارة المالية تجاهلت تنفيذ هذا القرار وبات الصندوق المعني بالتعامل مع القضية خالياً من أية أموال، انتظاراً للكارثة التي باتت محققة وفقاً لصحيفة هآرتس