رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد

اتهم حزب الله، المحكمة الدولية المكلفة بالنظر في قضية اغتيال رفيق الحريري بأنها مسيّسة، وانتقد الّتسريبات التي حدثت خلال التحقيقات، مشيرًا إلى تقرير نشرته quot;إيلافquot; في 8 تموز من العام الماضي يتحدث عن معلومات سرّيّة حول نتائج التحقيق.


إبراهيم عوض من بيروت، وكالات:خصّ رئيس كتلة الوفاء للمقاومة (حزب الله) النائب محمد رعد quot;إيلافquot; بالذكر في معرض تناوله لما اسماه التسريبات الاعلامية الصادرة عن المحكمة الدولية الناظرة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، والتي اعتبرها مسيئة إلى المحكمة وعملها .

جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد في البرلمان وأكد فيه ان quot;عناصر الاستنسابية والتسييسquot; موجودة في المحكمة الخاصة بلبنان quot;بدءًا من نشأتها مرورًا بعملها وبإجراءات التحقيق والمحاكمةquot;.

وتحدّث رعد عن quot;انتهاك مبدأ السريةquot; فلفت إلى أن التسريبات الصحافية والتصريحات الرسمية التي تناولت التحقيق الدولي نقلاً عن مصادر فيه لم تعد خافية على أحد وهي التي انتشرت منذ الساعات والأسابيع الأولى للاغتيال. وعدّد رعد أمثلة على ذلك شملت صحيفة إيلاف في مقال منشور بتاريخ 8 تموز 2009 والذي جاءت تحت عنوان quot;الإتهام في إغتيال الحريري خلال 3 أسابيعquot; حيث استندت quot;إيلافquot; في معلوماتها حينها إلى مصدر دبلوماسي عربي في بيروت. والذي أوضح أن القرار الإتهامي سيتضمن رواية متكاملة وواضحة لجريمة الإغتيال، وقد يشير بالتفصيل والأسماء إلى أدوار لبعض القيادات والعناصر في quot;حزب اللهquot;.

سوريا مصدر تقرير quot; دير شبيغل quot;؟

وتحدث رعد عن تقارير اخرى في صحيفة quot;السياسةquot; الكويتية (21 أيار 2005)، صحيفة quot;لو فيغاروquot; الفرنسية (19 آب 2006)، صحيفة quot;السياسةquot; الكويتية (28 آذار 2009)، مجلة quot;دير شبيغلquot; الالمانية (23 أيار 2009)، صحيفة quot;لو موندquot; الفرنسية (14 شباط 2010)، وأخيرًا quot;سي بي سيquot; الكندية والعديد من المقالات الاخرى التي تبيّن أن مضامينها مستقاة من مصادر مطلعة في التحقيق الدولي.

وخلص رعد إلى أنّ هذه التسريبات لم تحصل بشكل عفوي، وإنّما هي متعمّدة من قبل افراد في التحقيق الدولي والقصد منها هو القدح والذم والافتراء على المقاومة بمعزل عن القرار الاتهامي توقيتًا ومضمونًا، معتبرًا أنّ ذلك استثمار واضح لحركة قضائية يفترض بها ان تحافظ على قرينة البراءة حتى تثبت الادانة لا بل هو انتهاك لمبدأ سرية التحقيق الذي هو من أبسط معايير العدالة القضائية.
وقال quot;ان محكمة مسيسة لا تلتزم باعلى معايير العدالة (...) هي محكمة لا ينتظر منها احقاق حق ولا اقامة عدل. بل لن يفاجئنا ان تكون قوس عبور لوصايات دولية على لبنان وعلى امنه واستقراره وسيادتهquot;.

واعتبر رعد ان quot;آلية اقرار المحكمة الدولية تخطت الدولة اللبنانية ودستورها وهربت من قبل حكومة فاقدة للشرعية دون ان يتم تصديقها وفقًا للدّستور وضمن الاطر الدستورية ولم يوقع على اتفاقيتها فخامة رئيس الجمهورية ولم يصدقها المجلس النيابيquot;.

وانشئت المحكمة الخاصة بلبنان بقرار من مجلس الامن الدولي في ايار/مايو 2007 تحت الفصل السابع الملزم من ميثاق الامم المتحدة، وذلك نتيجة عدم تمكن لبنان من اقرار المحكمة ضمن مؤسساته.
ففي تشرين الثاني/نوفمبر 2006، انسحب ستة وزراء، بينهم خمسة شيعة، من الحكومة التي كانت آنذاك برئاسة فؤاد السنيورة المنتمي الى تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، على خلفية ملاحظات على المحكمة الدولية التي كانت في طور الانشاء.

وشهد لبنان ازمة سياسية أدت الى شلل العمل الحكومي والبرلمان حتى ايار/مايو 2008. ووافقت الحكومة برئاسة السنيورة على الاتفاقية الموقعة بين لبنان والامم المتحدة حول انشاء المحكمة في غياب الوزراء الشيعة. ولم تقترن الموافقة بتوقيع رئيس الجمهورية اميل لحود الذي كان حليفًا لحزب الله.

وترى قوى 8 آذار وابرز اركانها حزب الله، ان حكومة السنيورة في تلك الفترة كانت quot;فاقدة للشرعيةquot; وquot;غير ميثاقيةquot; بسبب غياب ممثلي طائفة كاملة عنها.
وقال رعد في مؤتمره الصحافي ان quot;انشاء المحكمة منذ البداية كان التفافًا واضحًا على القانون اللبناني والدولي وتجاوزًا لسيادة لبنان ومؤسساته الدستورية. وعلى الرغم من ذلك حصل تشجيع من المجتمع الدولي لحكومة غير شرعية على ممارسة سلطة الامر الواقعquot;.

واعتبر ان نظام المحكمة quot;جاء استجابة لمصالح الدول الكبرى الراعية لمجلس الامن، (...) ما يجعل المحكمة اداة لخدمة سياسات الدول صاحبة النفوذ التي تعمل دائمًا على تصفية حساباتها مع الاطراف او القوى او الدول المعارضة او المعترضةquot;.

وتوقف رعد عند quot;تنصل المحكمة من شهود الزورquot;، فأشار إلى أن quot;المادة 28 من النظام الأساسي الملحق بالقرار 1757 تنص على أن المحكمة ستعتمد اعلى المعايير الدولية في مجال العدالة الجنائيةquot;، متسائلاً quot;أي عدالة تلك يكون فيها شاهد الزور محصنا وعصيا على كل مساءلة قضائية؟quot;.

ولفت في هذا الإطار إلى أن quot;فريق مدعي عام المحكمة الدولية القاضي دانيال بلمار عمل على ايجاد الفتاوى القانونية لتبرير عدم ملاحقة شهود الزور وليس العكسquot;، قارئاً في ذلك quot;تبريرات واهية يتضح منها وجود نية مسبقة لعدم الملاحقة في حين ان الحريص على الحقيقة يعمل على ايجاد التبريرات التي تتيح له الملاحقة وليس العكسquot;.

وتحت عنوان quot;المريب في قواعد الاجراءات والاثباتquot;، لفت رعد إلى أنه quot;وبحسب النظام الاساسي للمحكمة الخاصة بلبنان والذي فرض بموجب القرار 1757 المتخذ تحت الفصل السابع فان قضاة المحكمة هم الذين يضعون قواعد الاجراءات والاثبات ويقومون بتعديلها عند الحاجة ما يمسّ بمبدأ استقرار القوانين المرعية الاجراءquot;.

ولاحظ أنّ quot;القاعدة 5 من قواعد الاجراءات والاثبات تتيح لقضاة المحكمة انفسهم تعديل هذه القواعد لا بل ان بعض التعديلات ممكنة بأصوات 7 من اصل 11 وهذا يهمش الدور اللبناني لأن القضاة اللبنانيين عددهم 4 فقط ما يعني انهم غير قادرين على فرض او حتى منع اجراء بعض التعديلاتquot;.

وفي موضوع quot;طلب قواعد بيانات كاملة وطلب تحديثها بشكل دوريquot;، كشف رعد إلى أنّ مكتب المدعي العام يقوم بطلب قواعد بيانات كاملة من العديد من الاجهزة الامنية والمؤسسات الرسمية اللبنانية تطال دون مبرر شرائح واسعة من الشعب اللبناني ومنها على سبيل المثال quot;داتاquot; الاتصالات الخليوية ورسائل quot;الاس ام اسquot; كما يحصل باستمرار على تحديث دوري لها.

وسال رعد quot;ما حاجة التحقيق الدولي لداتا كل الشعب اللبناني ولماذا تحديث داتا الاتصالات منذ ما قبل وقوع الجريمة منذ عام 2003 وصولا الى عام 2010 اي بعد مرور خمس سنوات على الجريمة موضع البحث؟quot;.

ورأى رعد أنّ quot;هذا الامر غاية في الخطورة لخرقه السيادة اللبنانية وتهديده الامن القومي خاصة وان في المحكمة وفريق المدعي العام عاملين من جنسيات مختلفة منها الاميركي والبريطاني والالماني والفرنسي والاسترالي والباكستاني والكازاخستاني اي انه من غير المعلوم اين ستصبح هذه البيانات ومن سيكون المستفيد الحقيقي منهاquot;. وخلص إلى quot;انها لمفارقة ان تقوم الحكومة اللبنانية بتقديم مثل هذه الداتا وهو امر مطلوب ضمن اطر قانونية وتشرعها بشكل كامل ودون اي ضوابط لمصلحة جهاز دولي متعدد الجنسياتquot;.

وتحت عنوان quot;اعتماد الادلة الظرفية دون وجود شهود مباشرينquot;، لفت رعد إلى أنّ المحكمة الخاصة بلبنان تتجه لاعتماد الادلة الظرفية بدلاً من الادلة القطعية كون الادلة القطعية بحسب رئيس المحكمة أنطونيو كاسيزي غير متوافرة في القضايا الارهابية لصعوبة الحصول عليها كما اكد المدعي العام دانيال بلمار سلوك هذا المسار ايضا الامر الذي يجعل لبنان، البلد الذي لم ينعم بالاستقرار الداخلي منذ 2005، مسرحًا للتجارب والاجتهادات والبدع القانونية والقضائية، بحسب رعد.

أما النقطة الأخيرة التي توقف عندها رئيس كتلة quot;الوفاء للمقاومةquot; فكانت quot;القيمة الثبوتية لدليل الاتصالاتquot;، لافتًا إلى أنّ الكثير من التسريبات أوحت بأن التحقيق الدولي اعتمد على دليل الاتصالات المتعلق بتزامنات في المكان بين هواتف مشتبه فيهالارتكاب الاعتداء وهواتف اخرى تعود لافراد محددين، مشيرًا إلى أنّ بعض الاوساط الدولية أكدت هذا الامر لا بل ذهبت الى حد القول ان دليل الاتصالات هو عمدة الاتهام المرتقب. واعتبر أنّ ذلك يفسر اصرار اقطاب المحكمة على التنظير للادلة الظرفية والتي يعتبر دليل الاتصالات احدها.