في الوقت الذي باشرت فيه اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق حول الأحداث الدامية التي شهدتها مدينة العيون المغربيّة ، احتدم الصراع السياسيّ وتبادل الاتهامات بين حزبي الاستقلال قائد الائتلاف الحاكم، والأصالة والمعاصرة المُعارض.


الدار البيضاء: فتحت أحداث العيون، التي خلفت 11 قتيلا في صفوف القوات العمومية وجرحى بالعشرات، إلى جانب تسجيل خسائر مادية جسيمة، أبواب المواجهة السياسية على مصراعيها بين الاستقلال (قائد الائتلاف الحاكم)، والأصالة والمعاصرة (المعارضة)، الذي يتوفر على أكبر فريق برلماني في مجلس النواب.

فبعد أن أبدى رئيس الوزراء والأمين العام لحزب الاستقلال، عباس الفاسي، استعداده للانسحاب من الحكومة، ردا على ضغوطات أعضاء اللجنة التنفيذية، يتقدمهم حمدي ولد الرشيد، رئيس بلدية العيون، عقب الاتهامات التي وجهت إلى قياديين في الاستقلال في المنطقة بالمسؤولية عنها، شن القيادي في الحزب، حميد شباط، هجوما لاذعا على الأصالة والمعاصرة، محملا إياه مسؤولية تلك الأحداث.

وقال حميد شباط، الذي يقود نقابة الاتحاد العام للشغالين في المغرب، إن الأصالة والمعاصرة quot;تسبب بتلك الأحداث، كونه استعمل كل الوسائل بهدف عرقلة عمل مجلس بلدية العيونquot;، الذي يوجد على رأسه الاستقلالي، حمدي ولد الرشيد.

وأكد شباط، خلال لقاء في مدينة القنيطرة نظمته الكتابة الوطنية للمنطقة الشمالية الغربية للنقابة، يوم السبت، quot;تلك العراقيل كانت وراء خروج المواطنين إلى نصب خيام احتجاجا على مطالب اجتماعية، قبل أن يستغلها خصوم الوحدة الترابية، وأضاف quot;الوزير الأول لا يملك سلطة تنقيل حتى مدير وكالةquot;.

كما قال إن الوالي السابق للعيون، محمد جلموس، quot;مطالب بالإجابة عن سماحه بنصب أول خيمة في المدينةquot;.

وقال محمد ضريف، أستاذ العلوم السياسية في كلية الحقوق في جامعة الحسن الثاني في المحمدية quot; بعد أحداث العيون، الكثير من التفسيرات حاولت تحديد الجهة المسؤولة عمّا وقع في المدينة، خاصة عقب تشكيل لجنة التقصي النيابيةquot;.

وأضاف محمد ضريف، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;كان حزب الاستقلال أبدى تخوفه من أن يجري تسييس عمل لجنة تقصي الحقائق، واستغلالها لانتقاد تسيير الحزب للمدينةquot;، مشيرا إلى أنه، بعد استماع لجنة التقصي البرلمانية للوالي محمد جلموس، الذي اتهم مباشرة عضو اللجنة التنفيذية للاستقلال، حمدي ولد الرشيد، بالمسؤولية عمّا حدث، يعتبر الاستقلال أن هناك رغبة لتصفية الحساب معه.

ويقول المحلل السياسي quot;أكيد أن الوزير الأول، عباس الفاسي، يجد نفسه مستهدفا، وتلميحه بالانسحاب من الحكومة هو ورقة ضغط حتى لا يجري تسييس عمل لجنة التقصيquot;.

وأضاف محمد ضريف quot;يبدو أن الصراع أخذ بعدا آخر بين الحزبين، وأعتقد أن الخلاف سيحد من عمل لجنة التقصيquot;.

وكان حمدي ولد الرشيد وجه اتهاما مباشرا إلى والي العيون بالقول إن quot;جلموس ناصب العداء المجاني للمجلس البلدي، الذي كان يقوده حزب الاستقلالquot;.

كما اتهمه بالمسؤولية الكاملة عما جرى في مخيم quot;كديم إيزيكquot;، مؤكدا أنه quot;استعمل بعض الوسائل التي يعاقب عليها القانون، من خلال تشجيع اللوائح الانتخابية المبنية على القبلية، وزرع الفتنة في صفوف المواطنين، وأنه زاد حقده وكراهيته لحزب الاستقلال، بعدما استطاع هذا الأخير أن يحصل على الأغلبية المطلقة من الأصوات والمقاعدquot;.

وأضاف أيضا أنه quot;ضد المفهوم الجديد للسلطةquot;، متهما إياه بـ quot;تعطيل كافة المشاريع التنموية، وعرقلة العمل الذي يقوم به المجلسquot;.

وخلص ولد الرشيد إلى أن quot;هذا الشخصquot; في إشارة إلى جلموس quot; كان من المفروض أن يقدم أمام القضاء ليقول كلمته فيه بخصوص العمل الإجرامي الذي تعرضت له مدينة العيونquot;.

ويأتي هذا في وقت باشرت اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق حول أحداث العيون، اليوم، مهامها في وقت مازالت مجموعة من الأسئلة تنتظر الإجابة عنها.

وكانت اللجنة عقدت، في الأيام الماضية، 7 اجتماعات على المستوى المركزي في مدينة الرباط.
وذكر بلاغ للجنة أنه، في إطار البرنامج الذي سطرته واصلت اجتماعاتها، حيث خصصت الجلسة السابعة للاستماع إلى شهادة وزير الشؤون الخارجية والتعاون، الطيب الفاسي الفهري، استغرقت مدتها ساعتين ونصف.

يشار إلى أن والي جهة العيون- بوجدور-الساقية الحمراء، خليل الدخيل، وجه بيان حقيقة لجريدة quot;إيل موندوquot; الإسبانية بعد نشرها مقالا حول دفن المواطن المغربي بابي كركار (بابي حمادي بويما)، الذي لقي مصرعه خلال أحداث العيون.

وأكد الدخيل، في بيان الحقيقة الذي وجهه إلى مدير تحرير جريدة quot;إيل موندوquot;، أن النسخة الإلكترونية من هذه الصحيفة ليوم 10 ديسمبر تشير إلى أن quot;المواطن المغربي بابي كركار (بابي حمادي بويما، الحامل للجنسية الإسبانية كما جاء في نص المقال)، والذي لقي مصرعه خلال أحداث العيون، تم دفنه دون موافقة أسرته ودون الإشعار بمكان دفنهquot;.

ولاحظ الوالي أن الجريدة استندت في ذلك إلى ادعاءات شخص يقيم في مدينة أليكانتي الإسبانية، وكذا على رابطة للدفاع عن حقوق الإنسان مقرها هي الأخرى في إسبانيا.