عمار الحكيم يشارك في إعداد الطعام للمساهمين بمراسم عاشوراء

مع إنتهاء مليوني عراقي و200 ألف آخرين قادمين من الخارج من إحياء مراسم عاشوراء في مدينة كربلاء العراقية اليوم الجمعة في أجواء آمنة تكون القوات الأمنية العراقية قد نجحت في أول اختبار حقيقي لها في الاعتماد على قدراتها الذاتية في حماية هذه المراسم من دون تدخل أو مساعدة نظيرتها الاميركية للمرة الاولى منذ سبع سنوات... فيما أكد قادة عراقيون أن quot;ثورة الحسينquot; تمنح دروسا في quot;مقاومة الظلم ومحاربة الفسادquot; مشيرين quot;إلى أن أهم ما في استذكار المناسبة هو تأكيد وحدة العراقيين باختلاف مكوناتهم وهم يجمعون على الإقتداء بالحسين ثائراً وملهماً وشهيداًquot;.


مرت المراسم داخل مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) حيث مرقد الامام الحسين بن علي بن ابي طالب ثالث الائمة المعصومين لدى الشيعة استذكارا لواقعة الطف التي استشهد فيها الحسين ورهط من أهل بيته عام 61 للهجرة في أجواء آمنة وطبيعية.

وقد بدأت المراسم اليوم الجمعة بعد صلاة الفجر بمباشرة شعيرة التطبير ثم سير مواكب العزاء التي قام المشاركون فيها والقادمون الى كربلاء سيرا على الاقدام من مختلف مناطق البلاد برفع الأعلام السوداء وقرع الطبول وهم يرتدون الملابس السوداء ويرددون الشعارات التي تمجد ثورة الحسين وتنتقد الاوضاع السياسية والاقتصادية العراقية الحالية وتأخر تشكيل الحكومة الجديدة.

وجرت المراسم وسط إجراءات أمنية مشددة شارك فيها 28 ألف عنصر من الجيش والشرطة في المحافظة واكثر منهم في محافظات الفرات الاوسط الخمس لحماية المحتفلين بالمناسبة الحزينة. ونفذت الأجهزة الأمنية خطة أمنية في المحافظة وعاصمتها كربلاء للحفاظ على أرواح الزوار الوافدين من داخل العراق وخارجه تضمنت فرض 9 أطواق أمنية محكمة تحيط بالمدينة مع إسناد جوي عراقي وانتشار كثيف للعناصر الأمنية عند مداخل المدينة ونشر مئات الكاميرات في عموم شوارعها مع الاستعانة بالكلاب البوليسية والقناصة إضافة الى حوالى 600 عنصر نسوي لتفتيش النساء.

وشاركت في تنفيذ الخطة الأمنية تعزيزات من وزارة الداخلية و4 أفواج من وزارة الدفاع و3 أفواج اخرى مساندة لتأمين حماية كافية للزائرين وعلى طول الطرق المؤدية اليها بالتوافق مع تنفيذ ضربات عسكرية استباقية اسفرت عن اعتقال حوالى 80 مسلحا.

واصدرت قيادة عمليات بغداد تعليمات تحظر رفع الشعارات السياسية او صور الشخصيات السياسية او حمل السلاح ودعت المشاركين الى السير على الطرقات المحمية من قوات الامن وحدها وعدم تناول المشروبات والمأكولات الا من مراكز مجهزة رسميا. كما منعت قيادة القوات العراقية دخول مواكب الحراسات الامنية المرافقة لكبار المسؤولين الى كربلاء ومنطقة الكاظمة في مدينة بغداد هذا اليوم الجمعة.

وقد تكفلت القوات العراقية هذا العام وللمرة الاولى منذ بدء مراسم عاشوراء بهذا الحجم الضخم بعد سقوط النظام العراقي السابق عام 2003 بحماية امن الزائرين بنفسها واعتمادا على قدراتها وخططها الامنية الذاتية من دون تدخل القوات الاميركية.

وتنفذ القوات العراقية منذ حوالى الاسبوعين ضربات استباقية وعمليات دهم لمجاميع المسلحين والمشتبه فيهم شملت محافظات كربلاء وبايل وميسان (جنوب بغداد) وصلاح الدين (غرب) وديالى (شرق) وكركوك ونينوى (شمال). واثر هذه الضربات اعلنت السلطات اعتقال 80 مسلحا والاستيلاء على كميات كبيرة من الاسلحة ينتمون الى تنظيم القاعدة ومجموعات مرتبطة بحزب البعث المحظور خططت لاستهداف مراسم عاشوراء. لكنه على الرغم من ذلك فإن عددا من المناطق والمواكب الحسينية قد تعرضت لهجومات مسلحة ادت الى مقتل واصابة عدد منهم.

عراقيون في كربلاء يحيون مراسم عاشوراء

وقال الفريق عثمان الغانمي قائد عمليات الفرات الاوسط للصحافيين في كربلاء ان قوات الجيش وبناء على معلومات استخباراتية تمكنت من اعتقال ثمانين مشتبها فيه خلال مداهمة 14 خلية ارهابية في شمال بابل وكربلاء. وأوضح ان هذه الجماعات تنتمي لما يسمى (فتيان الجنة) التابعة لتنظيم القاعدة مؤكدا ان هذه العناصر كانت تخطط لاستهداف الزائرين في يوم عاشوراء.

وأشار الى تفكيك 14 خلية تنتمي الى تنظيم القاعدة في كربلاء وضواحي بغداد. وقال إنه لولا احباط ذلك المخطط لتمكن هؤلاء من العبث بأمن كربلاء. وتعد حماية زيارة عاشوراء اختبارا للقوات العراقية التي تؤدي ذلك من دون دعم من القوات الاميركية بالاعتماد على قدراتها قبل الانسحاب الكامل للاميركيين المقرر نهاية العام المقبل. واستهدفت مراسم عاشوراء خلال السنوات الماضية بهجمات متكررة خصوصا في آذار/ مارس عام 2004 عندما قتل اكثر من 170 شخصا بانفجارات في بغداد وكربلاء.

وخلال زيارته الى بغداد مطلع الاسبوع الحالي أشار رئيس هيئة الأركان المشتركة في القوات الأميركية الادميرال مايك مولن إلى أن التطور الحاصل في قدرات القوات الأمنية العراقية قد أزالَ بعض المخاوف التي كانت تساوره بخصوص الأوضاع في العراق. وقال انه من المتوقع أن يُشارك الملايين من العراقيين في أداءِ مراسم الزيارة الدينية إلى المراقد المقدسة في عاشوراء وبذلكَ يتوجب على القوات الأمنية العراقية أن توفّـر الحماية للزوارإلى جانب قيامها بتنفيذ تدريباتها المقررة.

238 ألف أجنبي شاركوا في المراسم

ومن المواكب المشاركة في العزاء مواكب من بعض الدول العربية والأجنبية وهي من البحرين وعمان والكويت والهند وإيران وباكستان وقد دخلت مرقد الامام الحسين أيام السابع والثامن والتاسع من محرم لممارسة شعائرها الإسلامية حيث وصل عدد الزوار العرب والاجانب الى 238 الف زائر.

وقال رئيس الشعائر والمواكب والهيئات الحسينية في العراق والعالم الإسلامي التابع للأمانتين العامتين للعتبتين الحسينية والعباسية هاشم مهدي الموسوي ان المواكب الحسينية من خارج العراق قد قسمت على أساس الدول تسهيلاً لنزولها مع المواكب العراقية.

ومن جانبه أوضح المشرف على مطار النجف الدولي صادق اللبان ان المطار استقبل منذ بداية شهر محرم ثماني رحلات إلى 12 رحلة يوميا نقلت أكثر من 8500 زائر قدموا من دول البحرين وإيران ولبنان والإمارات وسوريا ودول اخرى بمعدل زيادة وصل إلى الضعف حيث إن المطار يستقبل في الأيام الاعتيادية ما معدله من أربع إلى سبع رحلات يوميا تقل حوالى 4000 زائر.

وقد اصدرت هيئة إعلام العتبة الحسينية كتيبا خاصا بزيارة عاشوراء والاربعينية باللغة الانكليزية. وقال مسؤول قسم الاعلام في العتبة علي كاظم سلطان ان القسم اصدر كتيبا من 10 صفحات باللغة الانكليزية يحوي تعليمات حول زيارتي عاشوراء والاربعين موضحا ان هذا الاصدار جاء نتيجة الطلبات المتزايدة من قبل الزوار الاجانب ليتسنى لهم اداء الزيارة اسوة بباقي الزوار العرب.

قادة عراقيون: عاشوراء تؤكد وحدة المكونات العراقية

في الكاظمية في بغداد في يوم عاشوراء


وبهذه المناسبة فقد أكد قادة عراقيون ان ثورة الحسين تحفز الهمم وتمنح دروسا في مقاومة الظلم ومحاربة الفساد مشيرين إلى quot;أن أهم ما في استذكار واقعة الطف هو تأكيد وحدة العراقيين باختلاف مكوناتهم وهم يجمعون على الإقتداء بالحسين ثائراً وملهماً وشهيداًquot;.

وقال الرئيس جلال طالباني ان من مآثر استعادة ذكرى استشهاد الامام الحسين تأكيد وحدة العراقيين باختلاف مكوناتهم. وأضاف في كلمة في ذكرى واقعة الطف واستشهاد الامام الحسين quot;في هذه الأجواء العبقة بروائح البطولة والتضحية والإستشهاد من أجل القيم الرفيعة يستعيد المسلمون في العراق وأرجاء المعمورة الذكرى العظيمة لواقعة الطف وشهادة الإمام الحسين بن علي عليهما السلام وانتصار دمه الطهور على سيف الظلم والجبروت والطغيانquot;. وأشار الى ان استعادة هذه الذكرى السنوية الأليمة والعظيمة معا ما هي الا استعادة للمثل النبيلة التي ضحى من أجلها الإمام عِبرة للعالمين ودرسا للثبات على الحق وتحديا للجبروت.

وقال quot;إن من مآثر هذه الاستعادة السنوية وإحياء شعائرها هو تأكيد وحدة العراقيين باختلاف مكوناتهم، وهم يجمعون على الإقتداء بالحسين ثائرا وملهما وشهيدا هذا الاقتداء الذي كان دائما مبعثا لشحذ الهمم ومواجهة طغيان السلطات واستبدادها والانحياز إلى إرادة الحق والعدل والكرامة التي ضحّى من أجلها الحسين وألهم بتضحيته المسلمين والإنسانية ،هذه المعاني العظيمة التي نستعيدها كلما استعدنا ذكراه العطرةquot;.

أما رئيس الوزراء نوري المالكي فقد أشار لدى حضوره مجلس عزاء في بغداد الليلة الماضية quot;إلى أن جميع الثورات التي حدثت بعد ثورة الحسين جاءت امتدادا لثورته. وأضاف انه لا توجد ثورة في العالم قد خلدت كما هي ثورة الحسين خالدة. ودعا الى أخذ العبر والدروس من هذه الثورة في جميع مفاصل الحياة من اجل مواجهة التحدياتquot;.

ومن جانبه وجه أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب في رسالة عزاء الى المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني والشعب العراقي لمناسبة عاشوراء. وخاطب النجيفي السيستاني قائلا quot;نعزيكم ونعزي انفسنا والعالم الاسلامي بذكرى استشهاد سيد شباب اهل الجنة الامام الحسين عليه السلام واهل بيته وصحبه الكرامquot;.

وأضاف quot;اننا نعاهدكم وشعبنا العراقي الكريم على ان نستلهم من الامام الحسين عليه السلام وثورته دروسا في مقاومة الظلم والظالمين ومحاربة الفساد والمفسدين.. راجين من الباري عز وجل ان يوفقنا للمساهمة في بناء دولة الحق والعدل والقسط وان يبقيكم نبراسا يهتدي به كافة الاحرار والمخلصين في بلدنا الحبيب بل في كافة أرجاء المعمورةquot;.

وفي تعزيته للشعب العراقي قال النجيفي quot;بمناسبة يوم عاشوراء ذكرى استشهاد أبي الاحرار وسيد شباب أهل الجنة (الامام الحسين بن علي عليهما السلام) نتقدم الى ابناء شعبنا الصابر والى امتنا الاسلامية والى الاحرار في العالم أجمع بأخلص التعازي بهذا المصاب الجلل مستذكرين عظمة الموقف الصامد والجهادي للمؤمنين وكيف ان سبط رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) آثر الموت على ان يخنع او يخضع للباطل حاشاه مجسدا وصحبه الاخيار أروع الامثلة في التضحية ونكران الذات وبذل الغالي والنفيس في سبيل الحق والدفاع عنهquot;.

وأضاف quot;اننا اذ نفتخر بأن الله تعالى قد حبا أمتنا بهؤلاء الرجال من الذين تربوا في المدرسة المحمدية وكانوا خير خلف لخير سلف ممن سبقهم من الصحابة والابرار والآل الاطهار نجد أن من الجدير بنا ان نجعل هذه المناسبة بكل ما تحمل من معان عظيمة محطة للتوحد والتسامي فوق الجراح متآخين متحابين لنبني بلدنا العزيز ونرضي الله ورسوله الكريم وشعبنا المجاهدquot;.

أما رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم فقد قال في تجمع جماهيري في بغداد لمناسبة عاشوراء ان الثورة الحسينية هي ثورة الانفتاح واستنهاض الهمم لتحقيق النجاحات الكبيرة معتبرا رسالة الحسين هي الدعوة الصريحة لبناء الانسان والمجتمع. ودعا الى بناء دولة تحقق طموحات العراقيين بعيدا عن المحسوبية والفئوية وان يكون للمواطن دور في هذا البناء وان لايبتعد المسؤولون عن الناس وحل مشاكلهم وانما يجب ان يكونوا جزءا من هذا الحل.

وأضاف الحكيم الذي كان يتحدث أمام الآف المواطنين أن quot;علينا أن نصون الحرية والعقيدة في التوجهات السياسية والتعبير عن الرأي، وفي النقد البناء للواقعquot; مبينا أن quot;علينا ان نقدم المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية والحزبية أو القوميةquot;.

وشدد على quot;أهمية ان يكون الحل للمشاكل العراقية داخليا وليس خارجياquot; منوها بأن quot;الحكومة المقبلة ستكون ممثلة لجميع مكونات الشعب العراقيquot;. وأكد الحكيم دعم رئيس الوزراء المكلف نوري المالكي لتشكيل الحكومة المرتقبة مبينا أن الحكومة المقبلة يجب أن تنهض بمسؤولياتها الوطنية. وقال quot;نشد على يدquot; المالكي للنهوض بأعباء هذه المسؤولية الثقيلةquot; مضيفا quot;نجدد دعمنا الكامل لنجاح الحكومة ضمن الأولويات التي رسمت لهاquot;. وكان رئيس الحكومة المكلف نوري المالكي وعدد من أبرز مستشاريه وقيادات حزب الدعوة حضروا أمس مجلس عزاء بمناسبة عاشوراء في مكتب عمار الحكيم في بغداد.

ويحيي الشيعة في العاشر من محرم في كل عام واقعة الطف حيث قتل جيش الخليفة الاموي يزيد بن معاوية الامام الحسين مع عشرات من افراد عائلته عام 61 للهجرة المصادف 680 ميلادية باعتباره اكثر الاحداث مأسوية في تاريخهم ولذلك تعد زيارة كربلاء خلال عاشوراء من ابرز المناسبات الدينية لدى الشيعة ويصلها كثيرون سيرا على الاقدام من مختلف مناطق العراق.