طالباني يبحث مع السفير الاميركي

ما زالت ردود الفعل الناتجة عن مشاورات تشيكل الحكومة العراقية تحقق صدى كبيراً، فقد قال نائب رئيس الوزراء العراقي عقب اجتماع مع السفير الإيراني في بغداد إنه يرفض تدخل طهران في المساعي المبذولة لتشكيل الحكومة، بينما رد السفير ان بلاده لا نية لها للمارسة هذا التدخل.

لندن: تثير مباحثات اجراها في طهران خلال الايام الثلاثة الماضية وفدان من ائتلافي الحكيم والمالكي من اجل اعلان تحالف بينهما يشكل الحكومة الجديدة ردود افعال عدة حيث اكد نائب رئيس الوزراء العراقي رافع العيساوي عقب اجتماع مع السفير الايراني في بغداد حسن كاظمي قمي اليوم رفض تدخل ايران في هذا الشان فيما قال السفير ان بلاده quot;لا نيةquot; لها لممارسة هذا التدخل، أما الرئيس جلال طالباني والسفير الاميركي في العراق كريستوفر هيل فدعيا إلى توسيع المشاورات لضمان مشاركة الاطياف الأساسية المكونة للمجتمع العراقي المتنوع في الحكومة.

وخلال اجتماع امتد لثلاث ساعات اليوم بين السفير الايراني قمي والعيساوي نائب رئيس الوزراء العراقي رئيس لجنة التفاوض في الكتلة العراقية الفائزة في الانتخابات التشريعية الاخيرة تم بحث quot;مجريات العملية السياسية وعدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك بحضور مجموعة من اعضاء القائمة العراقية المتصدرة للقوائم الفائزة في الانتخابات النيابية.

وفي ختام الاجتماع قال العيساوي quot;احب ان اقول ان شأن تشكيل الحكومة المقبلة هو شأن داخلي عراقي وان الزوبعة التي أثيرت أخيرا حول مفاوضات تجري في طهران لها أسبابها.. ونحن اليوم امام استحقاق دستوري انتخابي يمثل ارادة الناخبين وان العراقية ما زالت تتحرك على جميع الكتل والكيانات وان سياستها الخارجية هي الانفتاح على جميع دول الجوارquot;.

وبشأن التحالفات المرتقبة قال العيساوي quot;ان من حق اي كيان التحالف والتشاور مع اي كيان آخر لكن لا يكون ذلك على حساب الدستور او الثوابت الوطنية او مصادرة ارادة الشعبquot; كما نقل بيان صحافي عنه تلقت quot;ايلافquot; نسخة منه. وأشار العيساوي إلى أن العراقية ما زالت تتشاور مع جميع الكتل بما فيها قائمة ائتلاف دولة القانون واكد انه سيلتقي الليلة مع رئيس الوزراء نوري المالكي لبحث قضايا مهمة وحساسة.

وحدد العيساوي رأيه بشأن قرار المحكمة الاتحادية حول الكتلة الكبيرة الفائزة التي تشكل الحكومة قائلا quot;تكلمنا عن بيان الرأي الذي اصدرته المحكمة الاتحادية في اليومين الماضيين واحب ان اشير الى نقطة ان المحكمة الاتحادية تأسست بناءا على الامر التشريعي المرقم 30 لعام 2005 النافذ ووفق قانونها الذي تعمل به ووفق نظامها الداخلي ليس من اعمال المحكمة الاتحادية تفسير نصوص الدستورquot;.

ومن جانبه، أوضح السفير الإيراني قمي موقف حكومته الرسمي من الانتخابات العراقية ونتائجها مؤكدا ان تشكيل الحكومة هو شأن داخلي عراقي ولا تحمل إيران اية نيات للتدخل او رسم شكل معين للحكومة المقبلة. وشدد قمي للصحفيين قائلا: quot;مثلما لا نقبل اي تدخل في شؤوننا الداخلية فنحن لا نسمح لا نفسنا التدخل في شؤون الآخرينquot;.

وحول ما أثير مؤخرا من ان اجتماعات لاطراف عراقية معينة تجري في طهران برعاية ايرانية قال قمي quot;ان هذه الادعآت ليست واقعية لان العراقيين متمكنون وقادرون على تشكيل حكومة دون مساعدة احد إضافة إلى أن حكومة الجمهورية الاسلامية تقف على مسافة واحدة من جميع الكتل والكيانات السياسية العراقية وتربطها بها علاقات جيدةquot;.

وفي وقت سابق اليوم حذر زعيم القائمة العراقيّة رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي من انهيار الأوضاع في بلاده بسبب ما قال إنه تدخل إيراني في شؤونها، مشددًا في إشارة الى مباحثات تجري في طهران حاليًا بين أكبر كتلتين شيعيتين للاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة، وأكد أن إيران لن تستطيع ان تفرض اراداتها على العراقيين في وقت ذكرت تقارير اليوم ان رئيس الوزراء نوري المالكي قد رشح وزير الامن الوطني شيروان الوائلي لخلافته.

وأضاف علاوي تعليقا على مباحثات جرت في طهران خلال الايام الثلاثة الماضية بين وفدين يمثلان الائتلاف الوطني العراقي بزعامة رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم وائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي اكد علاوي ان إيران لن تستطيع ان تفرض ارادتها على العراقيين وهاجم تدخلها في الشؤون الداخلية لبلاده.

وأضاف في كلمة له مع مجموعة من المواطنين والشخصيات الذين جاءوا لتهنئته بفوز كتبته في الانتخابات التشريعية الاخيرة ان إيران في الوقت الذي تدعي فيه انها جارة مسلمة فأنها تتدخل بالشأن العراقي بشكل معيب. وشدد بالقول quot;انهذا مرفوض ولا نقبله اطلاقاquot;. واشار الى ان إيران اصبحت تتدخل حاليا في كل تفاصيل الحياة في العراق وتريد ان تفرض على العراقيين ما تشاء من اسماء وصيغ واوضاع.
وحول المفاوضات التي جرت في طهران فقد علمت quot;ايلافquot; ان صعوبات قد واجهتها برغم محاولات الإيرانيين دفع الائتلافين الى التحالف وتشكيل كتلة كبيرة قادرة على تشكيل الحكومة الجديدة حيث أن المفاوضات اصطدمت برفض الائتلاف الوطني وخاصة التيار الصدري بداخله لتولي المالكي رئاسة الحكومة من جديد.

وأشار مصدر عراقي إلى أن المكلف بالإشراف على المفاوضات العميد في الحرس الثوري محمد جعفري وهو مسؤول الملف العراقي في الحرس قد فشل في دفع الائتلافين الى الاتفاق الامر الذي دفع قائد الحرس الثوري قاسم سليماني الى قيادة المفاوضات بدلا منه.

وأضاف أن المفاوضات لم تحقق نتائج ملموسة بعد بسبب الموقف الرافض للتجديد للمالكي من قبل التيار الصدري الذي حقق تياره نصرًا كبيرًا بحصول مرشحيه على 40 مقعدًا برلمانيًا من مجموع مقاعد ما حصلت عليه جميع فصائل الائتلاف الوطني البالغة 70 مقعدًا.

وأضاف المصدر أن سليماني مارس ضغوطًا على وفدي الائتلافين لتقريب وجهات النظر بينهما وامكانية اعلان تحالف بينهما (159 مقعدًا) يمكنهما بالتعاون مع قوى أخرى مثل التحالف الكردستاني (43 مقعدًا) من اعلان اغلبية تمكن من تشكيل الحكومة الجديدة.

واوضح ان الضغوط الإيرانية قد اصطدمت بعقبتين الاولى تتعلق بالتيار الصدري الذي يشكل العمود الفقري للائتلاف الوطني والذي يصر على عدم القبول بالتجديد للمالكي نظرا لما يقول انها حملات عسكرية قادها ضد عناصره وخاصة في جيش المهدي والتي ادت الى مصرع العشرات وسجن المئات منهم بينهم محكومون بالاعدام وعد رئيس الوزراء بإطلاق سراحهم لكنه نكث بوعده على حد قول الصدر في بيان له مؤخرًا. ويطالب التيار الصدري ببديل عن المالكي وبعفو عام عن معتقليه والاخرين المحكومين منهم.

وضم وفدا الائتلافين عن الائتلاف الوطني بزعامة الحكيم كلا من : عادل عبد المهدي القيادي في المجلس الاعلى وكرار الخفاجي رئيس الهيئة السياسية في مكتب الصدر وقصي عبد الوهاب نائب رئيس الهيئة رئيس اللجنة المركزية في الائتلاف الوطني العراقي للحوار مع الكتل الاخرى والقياديين في المجلس الاعلى همام حمودي وهادي العامري. فيما ضم وفد ائتلاف المالكي القيادي في حزب الدعوة عبدالحليم الزهيري وطارق نجم مدير مكتب رئيس الوزراء.

وتأخذ جميع القوى السياسية بالحسبان حالياً الظهور القوي للتيار الصدري وتأثيره القوي على التحالفات المستقبلية خاصة وان ائتلاف المالكي يرصد بقلق رسائل المجاملات بين التيار الصدري وكتلة علاوي الذي لمح لامكانية اطلاق معتقلي التيار الصدري في اول مؤتمر صحافي له امس منذ اعلان فوزه في الانتخابات بتأكيده العمل على اطلاق سراح جميع المسجونين السياسيين واعادة دراسة ملفات المعتقلين الامر الذي نظر اليه التيار الصدري بارتياح.

جولة عربية للتيار الصدري

وفيما بدأ التيار الصدري جولة عربية اليوم من بدمشق فقد دعا رجل الدين الشيعي الشاب مقتدى الصدر الى اجراء استفتاء شعبي لاختيار رئيس الوزراء العراقي الجديد. وقد اجتمع الوفد الصدري الذي تراسه كرار الخفاجي رئيس الهيئة السياسية في التيار مع الرئيس السوري بشار الاسد وصفت بالايجابية والمفيدة والبناءة. وضم الوفد ايضا عضوا الهيئة السياسية قصي عبد الوهاب ومحمد الدراجي. وكانت الهيئة السياسية للتيار الصدري قد اعلنت في وقت سابق عزمها على زيارة بعض الدول العربية بهدف التواصل مع المحيط العربي.

وعلى المستوى نفسه، قال مصدر رسمي في التيار الصدري بزعامة الصدر إن زعيم التيار قد وجه رسالة الى لجنة الانتخابات في التيار التي كانت قد اشرفت في وقت سابق على الانتخابات الداخلية لاختيار مرشحي التيارالى الانتخابات التشريعية الاخيرة التي شهدتها البلاد وحصد التيار فيها 40 مقعدا برلمانيا من مجموع 70 مقعدا حصل عليه الائتلاف الوطني العراقي الذي ينتمي اليه التيار.

واوضح المصدر ان الصدر طلب بأجراء استفتاء شعبي لاختيار شخص رئيس الوزراء للحكومة المقبلة مشابه لعملية الانتخابات الأولية. ومعروف أن الصدر يرفض التجديد لولاية رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يلقي عليه مسؤولية محاربة التيار الصدري ومواجهة عناصره في جيش المهدي بعمليات عسكرية منذ عام 2007 في عدد من المحافظات العراقية الامر الذي ادى الى مصرع العشرات منهم اضافة الى اعتقال وسجن المئات بينهم محكومون بالإعدام.

ويؤكد طلب الصدر هذا فشل مباحثات اجراها في طهران خلال الايام الثلاثة الاخيرة قياديون في حزب الدعوة الاسلامية بزعامة المالكي لاقناع الصدر الموجود في ايران منذ عامين لتلقي دروسا دينية بالموافقة على التجديد للمالكي. وفي محاولة منه لارضاء الصدريين، فقد أطلق المالكي اليوم سراح المهندس عادل مهودر راضي محافظ ميسان السابق المنتمي للتيار الصدري بعد سجن دام عدة اشهر بتهم وصفت بانها quot;سياسية وكيدية تحاول المس بالقيادات الناجحة من ابناء التيار الصدري والتي شهد بنجاحها وانجازاتها العدو قبل الصديقquot; على حد تعبير مصدر في التيار الصدري.

طالباني وهيل يدعوان لتوسيع مشاورات تشكيل الحكومة

وتواصلا مع مباحثات تشكيل الحكومة الجديدة فقد بحث الرئيس العراقي جلال طالباني مع السفير الاميركي في بغداد كريستوفر هيل اليوم التطورات التي تشهدها الساحة السياسية في العراق والعلاقات الثنائية بين البلدين.

وأطْـلَع طالباني السفير هيل quot;على الجهود التي يبذلها القادة السياسيون في البلاد فيما يتعلق بالتحالفات الممكنة بين الكتل والقوى الفاعلة لتشكيل الحكومة الائتلافية الجديدةquot;.. حيث تم التأكيد على ضرورة تضافر الجهود وتوسيع المشاورات لضمان مشاركة الاطياف الأساسية المكونة للمجتمع العراقي المتنوع.

كما جرت مناقشة quot;إلى التطور المستمر الذي تشهده العلاقات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية في جميع الميادين، وأهمية تعزيز هذه العلاقات بما يخدم تطلعات شعبي البلدين الصديقين حيق أكد طالباني أهمية استمرار الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للتجربة الديمقراطية والمسيرة السياسية في العراق الديمقراطي الاتحادي الحر المستقل ليكون نموذجا يحتذى به في المنطقةquot; كما قال بيان رئاسي عراقي تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه.

وأشار السفير الأميركي هيل إلى quot;مدى الاهتمام الذي توليه الولايات المتحدة لبناء عراق ديمقراطي قوي ومزدهر مجددا تأكيد بلاده مساندة العملية السياسية الجارية في العراقquot;. وعلى المستوى نفسه فقد رفض السفير هيل التكهن باسم رئيس الوزراء العراقي القادم، وقال خلال مؤتمر صحافي عقده في بغداد إن الوقت ما يزال مبكرا للحديث عن أزمة تواجه تشكيل الحكومة العراقية المقبلة.

وأضاف السفير هيل إنه عندما يتحدث إلى كثير من المراقبين السياسيين فإنهم يعطون فرصة للمالكي وأخرى لإياد علاوي فضلا عن مرشحين آخرين. وقال إن الوقت مبكر للحديث عما سوف يحدث في حال لم يتمكن هذان المرشحان من حصد عدد المقاعد الواجب توفره لتشكيل الحكومة الجديدة. وشدد على أن الأمم المتحدة بذلت جهودا وصفها بالجبارة من أجل إنجاح الانتخابات النيابية التي شهدها العراق رافضًا الانتقادات التي وجهتها بعض الكيانات السياسية للمنظمة الدولية عقب إعلان نتائج الانتخابات.

يذكر أن نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة التي جرت في السابع من الشهر الحالي أظهرت فوز ائتلاف قائمة العراقية بالمركز الاول بعد حصولها على 91 مقعدا تليها قائمة ائتلاف دولة القانون التي حصلت على 89 ثم الائتلاف الوطني العراقي في المركز الثالث بحصوله 70 مقعدا كما أظهرت أن التحالف الكردستاني حصل على 43 مقعدا وقائمة التوافق على ستة مقاعد وقائمة التغيير على ثمانية مقاعد والاتحاد الإسلامي الكردستاني على 4 مقاعد وائتلاف وحدة العراق على 4 والجماعة الإسلامية على مقعدين.