تشير الأفاق السياسية المسدودة بين حماس وإسرائيل إلى جولة جديدة من الحرب على غزة قد تكون أشدّ دموية من سابقتها.

عواصم: قالت صحيفة بريطانية إن الأسباب التي عجَّلت بالغزو الإسرائيلي لقطاع غزة مطلع العام الماضي هي ذات الأسباب التي تتجلّى الآن مع تفاقم التوتر البادي للعيان بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس). وأضافت صحيفة ذي إندبندنت أون صنداي حول التصعيد العسكري في غزة بعد الضربات الجوية التي شنتها إسرائيل ردا على إطلاق الصواريخ على أراضيها، أن هناك من يتنبأ بأن غزوًا إسرائيليًا جديدًا لغزة قد يكون أكثر دموية من سابقه.

وقالت إنه في حين أن الغزو الأول في عام 2009 الذي اتسم بالبطش وقوبل بإدانة واسعة النطاق فشل في إحداث التأثير المطلوب على الوضع الأمني في جنوب إسرائيل، فإنه من العسير تصور أن أية محاولة ثانية للغزو ستحظى بفرص نجاح أوفر. وتوقعت الصحيفة أن يكون quot;انتقامquot; إسرائيل - كما سمته - عن طريق الجو، واستبعدت أن تجازف بشن هجوم بري.

غير أن مصدر القلق يكمن في أن الأفق السياسي المسدود لا يفرز سوى المزيد من مثل تلك المواجهات، ذلك أن قدرة حماس على السيطرة على مسلحيها تظل محل شك بحسب الصحيفة. على أن إطلاق الصواريخ من غزة بشكل جدي لم يكن من قبيل الصدفة بكل تأكيد، بل إنه يأتي عقب أن مُنيت آخر محاولات استئناف المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين بالفشل تماما مثل سابقاتها.

ولم يدل لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن الأسبوع الماضي على وجود توافق في وجهات النظر بينهما. وكما هو الحال في غالب الأحيان، فإن سوء التوقيت كان عاملا في تبديد بصيص الأمل الذي لاح في الأفق.

وسواء كان ذلك عرضًا أو عمدًا، فقد صادقت إسرائيل على بناء مساكن جديدة لليهود في القدس الشرقية حال وصول نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن إلى هناك وبُعَيْدَ حصول حركة فتح ndash; التي تدير الضفة الغربية - على دعم الجامعة العربية لها للعودة إلى المحادثات غير المباشرة مع إسرائيل. وترى الصحيفة أن ليس أمام أوباما والرباعية الدولية سوى التمسك بالفرص القليلة المتوفرة، لكن الشيء المهم هو ألا يستسلموا. وحتى لو كانت فرص تحقيق السلام ضئيلة إلى الحد الذي لم يحدث من قبل، فإن اليقظة والحذر أفضل من لا شيء، على حد تعبير الصحيفة.

الوضع فى غزة سيئ جدًا

إلى ذلك، أكد عضو الكونغرس الأميركى كيث اليسون أن سياسة الإغلاق والحصار الإسرائيلى على قطاع غزة تلقى معارضة دولية واسعة، وقال quot;يجب إنهاء هذا الحصارquot;. ووصف أليسون ـ عقب اجتماعه مع عدد من رجال الأعمال الفلسطينيين فى معبر المنطار (كارنى) شرق مدينة غزة، فى ختام زيارته إلى قطاع غزة الوضع فى قطاع غزة بأنه سيئ جدا نتيجة تعثر جهود إعادة الإعمار وعدم إدخال مواد البناء اللازمةquot;.

وشملت زيارة أليسون، التى بدأت أمس، السبت، إلى قطاع غزة عبر ميناء رفح البرى عددا من المرضى والمنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدنى، كما اطلع على الأوضاع الإنسانية خاصة بعد الحرب التى شنها الجيش الإسرائيلي مطلع العام الماضى على قطاع غزة وما أسفرت عنه من دمار واسع .

تنسيق بين فصائل غزة

وفي سياق متصل، التقى قياديون من حركات حماس والجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين في مدينة غزة لمناقشة التصعيد العسكري الإسرائيلي المتصاعد ضد القطاع. وناقشت الفصائل الفلسطينية في الاجتماع الذي دعت إليه حماس في ضوء التصعيد العسكري، الوضع الداخلي وآليات تعزيز صمود الشعب جراء استمرار الحصار. وقال أيمن طه الناطق باسم حركة حماس إن الاجتماع باكورة لسلسلة لقاءات ستعقد مع الفصائل الفلسطينية لبحث الأوضاع الميدانية في قطاع غزة، مؤكداً أن الفصائل لن تقف مكتوفة الأيدي أمام العدوان الإسرائيلي. ودعا طه المجتمع الدولي إلى ضرورة أن يكون له موقف حازم من السياسة الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، والتي ما زالت مستمرة من خلال التهديدات التي يطلقها قادته من وقت إلى آخر.

من جهته، أكد خالد البطش القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أن المجتمعين ناقشوا العديد من القضايا المحورية في الشأن الفلسطيني، مشيراً إلى أنهم وضعوا آليات سيتم من خلالها التنسيق بين الفصائل في جميع أعمالها. وشدد البطش في ختام الاجتماع على أن المقاومة هي حق مشروع للشعب الفلسطيني لأن إسرائيل مستمرة في عدوانها على كل فلسطين، مشيراً إلى أن المقاومة الشعبية جزء من مقاومة الشعب الفلسطيني وليس البديل عن المقاومة المسلحة. ولفت البطش إلى أنه تم خلال الاجتماع مناقشة عدد من القضايا الرئيسة والتي تخص الشعب الفلسطيني أهمها المصالحة الوطنية والتصعيد الإسرائيلي الأخير على القطاع، إضافة إلى الوضع الداخلي وآليات تعزيز صمود الشعب جراء استمرار الحصار.

من ناحيته، أكد قائد الجبهة الشعبية في قطاع غزة رباح مهنا على ضرورة بذل الجهود من أجل تعزيز صمود الشعب الفلسطيني وإقامة الفعاليات المشتركة الداعية للحفاظ على الثوابت الفلسطينية، واصفاً الاجتماع بالإيجابي. وبشأن عدم حضور حركة فتح إلى الاجتماع رغم دعوتها من قبل الفصائل لحضوره، قال مهنا: quot;تم توجيه الدعوة لحركة فتح كباقي الفصائل الفلسطينية وأبدت استعدادها للحضور، لكنها وفي اللحظة الأخيرة اعتذرت لأسباب قالت إنها طارئةquot;.

بدوره، ذكر عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية صالح ناصر أن الاجتماع ركز على قضايا الوضع الداخلي، موضحاً أنه تم التأكيد على ضرورة تكثيف الجهود والحوارات الفلسطينية لإنجاح الجهود المصرية لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية على أسس ديمقراطية. وأشار إلى أن الاجتماع شدد على حق الشعب الفلسطيني في المقاومة بكافة أشكالها في ظل تواصل الجرائم، وضرورة تطوير التنسيق بين كافة قوى المقاومة الفلسطينية. ولفت إلى أن حركته أكدت على موقفها الداعي إلى استمرار العمل لبناء جبهة مقاومة متحدة بقيادة سياسية واحدة، مبيناً أنه تم الاتفاق على توحيد الجهود في مواجهة الاستيطان والحصار وإجراءات تهويد القدس، من خلال فعاليات مشتركة.