جوبا: تملأ صوره كل مكان في جوبا، عاصمة جنوب السودان، وهو الغائب الاكبر عن الانتخابات وان كان الزعيم التاريخي لحركة التمرد الجنوبية جون قرنق لقي حتفه في 2005 فانه لا يزال ماثلا في الاذهان. لقد تسبب موت مؤسس الحركة الشعبية لتحرير السودان في تحطم مروحيته بعد اشهر من توقيع اتفاق السلام الذي انهى الحرب بين الشمال والجنوب، باعمال عنف دامية.

وتولى المهمة من بعده سالفا كير، المرشح الحالي لمنصب رئيس حكومة جنوب السودان المتمتع بحكم شبه ذاتي. وفي المقر الرئاسي الذي لا يبعد كثيرا عن ضريح جون قرنق، يستقبل سالفا كير الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر على راس بعثة من المراقبين الدوليين للانتخابات التعددية التي بدأت الاحد وتختتم الخميس في عموم السودان.

ويتفحص سالفا كير الصور المعلقة على جدار مكتبه ثم يتوقف امام الصورة الاخيرة ليقول quot;وهذا زعيمنا الاكبرquot;. فيجيب كارتر quot;اعرف، اعرفquot;. وتحت خيمة هي عبارة عن قاعة لصعود الركاب في المطار المحلي لمدينة بور في ولاية جونقلي، ليس بعيدا عن القرية التي ولد فيها جون قرنق، يقول دنق دنق (27 عاما) لفرانس برس quot;بالطبع نفتقده. عندما يتوفى والدك، من الطبيعي ان تفتقده، اليس كذلك؟quot;

وفي بور يمثل جون قرنق اسطورة حية. ويتذكر دنق دنق الذي يحرس الخيمة قائلا quot;لقد حمل الينا السلام. ما ازال اذكر ذاك اليوم (يوم وفاته)، كان ذلك في 2005. اذكر ذلك جيدا، ولكني نسيت كيف سمعت بالخبر. لقد اثار ذلك الكثير من الجدلquot;. وعلى بعد بضع مئات من الامتار من مدرج المطار الترابي، عند عتبة منزل مبني من الطين والقش، يلعب بول ماشاك لعبة الداما مع اصحابه، وبالقرب منهم شرطي نصف نائم بسبب الحر.

ويقول الرجل العجوز quot;لقد قاتل من اجل حريتنا.. ضد تهميش السودquot;. ويقاطعه صديقه بقوله quot;الناس هنا يجلونهquot;. اسس قرنق الحركة الشعبية لتحرير السودان في 1983 وهي السنة التي اندلعت فيها حركة التمرد ضد الشمال، وتوفي بعد ذلك باثنين وعشرين عاما، بعيد نهاية الحرب الاهلية التي اوقعت قرابة مليوني قتيل وشردت اربعة ملايين شخص.

ولا يحمل بول ماشاك عن الرجل الذي درس في الولايات المتحدة سوى ذكريات طيبة بقوله quot;كان رجلا طيبا، كان متعلماquot;. ويضيف الرجل الذي اكد انه ادلى بصوته منذ اليوم الاول ان قرنق quot;كان سيكون افضل مرشح للرئاسة لكل السودانيينquot;.

وينص اتفاق السلام على اجراء الانتخابات التعددية قبل تنظيم استفتاء لتقرير المصير في الجنوب في كانون الثاني/يناير 2011. ولكن جونق قرنق الذي كان يحلم ببناء quot;سودان جديدquot; اتحادي وديمقراطي وعلماني، كان يعتبر مؤيدا للوحدة اكثر من خليفته سالفا كير. ويرفض دنق دنق المقارنة بين الرجلين. ويقول quot;لا اعرف ان كان سالفا كير قائدا افضل، لكنه بالطبع قائد جيد، انه يسير على خطى جون قرنقquot;.

وان كانت اسطورة جون قرنق لا تزال حية في الجنوب فانه لا يزال كذلك في الشمال المسلم حيث يرى العديد من افراد النخبة انه كان سيتمكن من الحفاظ على وحدة السودان، البلد الافريقي الاكبر مساحة الذي بات يقف اليوم على مفترق طرق.