تمنى مثليون التقتهم إيلاف السفر الى خارج العراق والانتقال الى دول حيث يمكنهم العيش بحرية اذ انهم يشعرون بالاضطهاد في بلدهم، فلا مقهى أو ناد أو جمعية تدافع عنهم وعن حقوقهم كما يتجنبون حتى الظهور أو إعلان حقيقتهم على الانترنت خشية القتل.

بغداد: في مجتمع مثل العراق يسوده التشدد الديني والقبلي بسطوته على المجتمع يصعب العثور على أشخاص يعلنون بأنهم مثليون لكن طرف خيط للقصة مكن quot;ايلافquot; من معرفة عدد منهم ومنهن عن طريق إحدى الزميلات التي كانت تتحدث عن صدمتها بعد أن كانت تلوم صديقة لها عن خيانتها لزوجها المتكررة فصارحتها بحقيقة زوجها بأنه من المثليين على الرغم من هيئته التي لاتوحي بذلك .. من إطلاقه لشاربيه الكثين وبنية جسمه المتينة.

فالموظف (ر.ح) يعمل في إحدى الادارات الحكومية السابقة في العراق وهو متزوج وله بنت. ويتميز بشاربين كثين .. ويقول quot;كما أبدو فإن شكلي لا يبدو إنني شاذ جنسياً (مثلياً) أو منحرف كما يطلق على هذه التسمية المجتمعquot;. ويضيف أنه لا يحاول التشبه بالنساء. quot;ولكن حقيقتي تعرفها زوجتي التي اطلب منها مشاركتي في هذا الموضوع وتحاول أن توفر الاجواء المناسبة لي. ويوضح أنه منذ الطفولة كان مع أخيه الوحيد لوالدتهما التي هجرها أبوهما بفعل علاقاته المتعددة وسفره الدائم. وقال quot;ولكثرة قربي من أمي تطبعت بعدة طباع فيها الكثير من الليونة والميوعة ولكن بعدما بلغت حاولت ان اتجاوز تلك التصرفات التي لا تبدو طبيعية وأتمتع بكامل رجولتيquot;. ويؤكد أنه استطاع السيطرة على الكثير مما اكتسبه من أمه الا ممارسة ميوله الجنسية فبقيت مسددة تجاه أمثاله من الشباب الذين كان يرغبهم بجسده.

وقد حاول (ر.ح) الزواج لكي يجد حلا لميله الجنسي الذي كان يراه شاذاً. quot;الا انني لم انجح، وخيبت ظن زوجتي. واخبرتها إنني شاذ جنسياً، فكانت صدمة لها اول الأمر لكنها تفهمت الموضوع واخبرتني أن نبقى متزوجينquot;.

ويضيف أن زوجته اشترطت عليه أن تقوم بمساعدته في تفريغ رغباته الجنسية على أن لا يذهب لرجال يمارسون معه الجنس. quot;من أجل الحفاظ على بيتناquot;. واقترحت عليه أن توفر له أدوات تقوم هي بإيلاجها. وطلبت منه أن يوافق على أن يكون لها صديق غيره quot;تمارس الجنس معه بشكل مستور. وأنا نفذت لها رغبتهاquot;. ويواصل كلامه بأنه كان يضطر الى ارتداء الملابس النسائية الداخلية كجزء من الراحة النفسية ويحب أن يتعامل كامرأة بكامل انوثتها مع زوجته.

لكن قصة المهندس (خ. ز) تختلف فهو متزوج ولديه أطفال .. ويدير مكتبا للتصميم. وقد عرف هو بنفسه بعد ان دلنا عليه شخص يعرفه حيث التقيته بصفتي المهنية طالبة بعد أن وصلت مكتبه لطلب استشارة هندسية لبناء منزل ليتشعب الحديث معه عن امكانية المساعدة في العثور على أشخاص مثليين يستطيعون الحديث عن تجاربهم لمجلة ليست عراقية دون اعلان أسمائهم. فأراد أن يطمئن بطرحه أسئلة عن حقيقة الهدف مشترطا عدم استخدام جهاز تسجيل. وزاد اطمئنانه حين أبلغته بوجود عدد من الاشخاص تحدثوا عن تجاربهم لنا. فاطمأن وراح يتحدث قائلا إنه متدين ومن عائلة محافظة. وعندما كان صغيرا تعرض لاعتداء من قبل عمه. وكان عمره سبع سنوات. وظل عمه يمارس الجنس معه ويطلب منه عدم ابلاغ أحد بذلك والا سوف يؤذيه. ويقول quot;بقيت تحت سطوة عمي الى ان وصلت الى مرحلة التعودquot;.

واضاف انه إستعان بصديق له في المدرسة هو الاخر مثله .. ويقول quot;كنت امارس معه ويمارس معي الجنس. وكان المنظر يسعدني وانا ارى الطرف الثاني يتألم او يتوجع وكأني انتقم من صورة عمي في غيريquot;. ويوضح quot;أصبحت لي شخصيتان واحدة تبكي خشوعا وندما على ممارسة الرذيلة والاخرى تحثني على الاستمرارquot;. وهو يعيش بمستوى معيشي عال يرى أن ممارسة الجنس من أقرانه عادة لايمكنه تركها.

أما الموظفة (و.خ) التي تعمل في قطاع النقل والمواصلات فهي ترفض الزواج من كثيرين تقدموا لخطبتها. وهي جميلة ولكن لا ترى راحتها الجسدية والنفسية الا مع مثيلاتها في الجنس. كانت قد قبلت في إحدى الجامعات التي تبعد عن بيتها فاضطرت أن تسكن في القسم الداخلي. و تقول (و.خ) في البداية رفض والدي ان انتقل لمكان يبعد عن منزلنا أبيت فيه لأيام لكن ساعدتني توسلات كثيرة من أقاربي وأهلي في اقناع ابي لان اكمل الدراسة هناك.

وتضيف quot;تعرفت إلى صديقات يكبرنني عمراً وفي مراحل دراسية متقدمة ولكننا في الجامعة نفسها. وكنا جميعا نسكن غرفة واحدة... وأول الطريق كان عندما تعلمت التدخين وكن يقنعنني بأن المرأة تبدو جميلة أكثر عندما تدخن. وهو شيء من التحضر لذلك قبلت الفكرة كوني نظرت الى ان الموضوع من باب الجمال . فاقبلت على التدخين حتى اصبحت معشوقة صديقة كانت تحبني لدرجة عجيبة. وكنت اشعر بنوع من السعادة لهذا الحنان والرعاية من صديقتي. الى ان وصلت الى درجة لا اطيق شيئا اسمه رجل ولا يشدني له اي شيء وكأنه مخلوق اخر. وبقيت هكذا حتى تخرجت من الجامعة وبقيت متواصلة مع صديقتي السابقة وغيرهاquot;.

لايوجد لدى المثليين في العراق مكان يلتقون فيه بشكل علني فنظرة المجتمع متفاوتة بحسب درجة الوعي والثقافة فمنهم من يدينها ويعتبرها ظاهرة تستحق الرجم واخرون يعتبرونها حالة مرضية تشبه الى حد الادمان على المخدرات.

وكانت حديقة الأمة وسط بغداد مكانا مفضلا لتجمع بعض المثليين الذين يبيت بعضهم فيها صيفاً ولكن اليوم وبعد بروز ظاهرة التشدد الديني اختفى المثليون عن الظهور بشكل علني خشية التصفية الجسدية من قبل المتشددين أو من ذويهم.

quot;إيلافquot; سألت بعض العراقيين عن ظاهرة المثليين فرأى حسن عباس العلاق (ماجستير علوم حياة ) ان هذه الحالات موجودة على مر التاريخ ومذكورة في القران الكريم وهي ليس قضية طارئة على المجتمع الاسلامي ووجودها بشكل محدود في المجتمع لايمكن ان نجعل منها ظاهرة. ولكن في الوقت نفسه لاننفي وجودها حتى لانستهين بها وتشكل خطرا على مجتمعاتنا الاسلامية. ويضيف أن احد اسبابها هو الانفتاح على المجتمعات الغربية التي اعتبرت ممارسة هذا النوع من الجنس واحدا من ابواب ممارسة الديمقراطية ونوعا من انواع التحضر.

ويعتقد العلاق ان من الضروي بناء مصحات نفسية متطورة للعلاج وتحفيز جانب الثقة لدى المثليين بخلق فكرة انهم اناس قادرون على أن يعيشوا في المجتمع ويمارسون حياتهم الطبيعة مثل الزواج والانجاب.

من جانبها تؤكد سارة نجيب (52 سنة) وتعمل مدرسة، بأن الجانب الديني له تاثير قوي في النفس البشرية وترى احد سبل المعالجة لهكذا حالات بتذكيرهم بالله والتركيز على الجانب التطهيري في النفس وان التقرب لله هو الخلاص مما هم فيه على قول ان الله يحب التائبين وهو قادر على المغفرة لهم ومساعدتهم ايضا على عدم توفير الاجواء التي تساعدهم على الرجوع للرذيلة اضف الى ذلك زجهم في دورات دينية تثقيفية عن الدين والحساب واليوم الاخر وغيرها من الامور التي تحفز فيهم الجانب الانساني الايجابي.

أما جاسم محمد (44 سنة) فيرى ان هؤلاء لايستحقون العيش وخاصة في المجتمعات الاسلامية النظيفة. وطلب ان يقضى عليهم كما فعل الله بقوم لوط. ويتساءل جاسم قائلا quot;اذا تركنا مثل هؤلاء يعيشون فكيف نبني اسرة متعافية واذا كانت هكذا ظواهر تستفحل في مجتمعاتنا فعلى الدين السلامquot;.

لكن للطب النفسي رأي آخر فالدكتور نعيم جاسم (دكتوراه في علم النفس) يقول إن الشخص المثلي دائما ما نراه عديم الثقة بالنفس وانطوائيا لانه يشعر برفض المجتمع لسلوكه. وينفتح فقط على من يرى فيه مشابها لسلوكه الذي يعرف انه شاذ من الناحية الطبيعية والاجتماعية. ولكن هناك اسباب وعوامل تقف وراء ذلك تخالف الطبيعة منها العامل التربوي او النفسي. وهي ان تقوم الاسرة بالتركيز على ابراز الجانب الانثوي منذ الطفولة كأن تعوده على ان يكون شعره طويلا ومعاملته على اساس من الليونة.

ويوضح quot; ان هذا في ما يخص الولد اما البنت فيقومون بالباسها ملابس الاولاد وقص شعرها. وهي عوامل بيئية قوية تسهم في هذا النمو النفسي غير الطبيعي. وهناك جانب اخر وهو ان يعيش الطفل او الطفلة في مجتمع احادي الجنس أو يكون فاقدا للاب ويعيش في بيت كله نساء او حين تعيش البنت في مجتمع ذكوريquot;. ويوضح أن كليهما يستمدان هذا التأثر من البيئة اضافة الى ذلك فإن عامل الانغلاق يعتبر مهما اي ان يكون جميع أصدقاء الولد اولاداً او ان البنت لا تعرف الا الفتيات فلا تكون لاي من الجانبين فكرة عن الجنس الاخر. وهذه التنشئة المنغلقة تجعل منهم عرضة للشذوذ الجنسي بحكم الانغلاق غير الطبيعي او المبالغ فيه لان الطفل بشكل خاص يجب ان يكون على علم ودراية بالجنس. ويشير الى ان هناك استعدادا بيولوجيا في الجسم اي أن يكون الهرمون الانثوي عاليا عن الحد المعقول. او مقارنة بالهرمون الذكري كما ان البيئة تساعد في زيادته.

أما رجل الدين محمد الحسيني فيقول quot;لا يختلف اثنان في ان جميع الكتب والاديان السماوية تدين وترفض هذا السلوك المشين. وهو باطل ان كان سحاقا او لواطا وهو عمل شاذ ويعتبر من الكبائر التي تستحق الندم والتوبة واحد اسباب تفسخ المجتمعات وحقاق غضب الله عليهمquot;.

لكن المثليين الذين التقتهم quot;إيلافquot; اجمعوا على أنه لاذنب لهم في ما يشعرون به وأنه سلوك طبيعي بداخلهم ويحملون المجتمع مسؤولية قمعهم. فلا مقهى أو ناد أو جمعية لهم كما يتجنبون حتى الظهور أو إعلان حقيقتهم على الانترنت خشية القتل. ويتمنى جميع هؤلاء السفر الى خارج العراق لدول يمكنهم ممارسة مثليتهم بحرية.