على الرغم من الإحتفاء الرسمي والشعبي بعودة الكويتيّين والكويتيّات الذين كانوا على متن أسطول الحريّة علت إنتقادات وتحفظات اخيرًا على تلك المشاركة. وقد صدرت ابرز الإنتقادات عندما طالب بعضهم من أعضاء مجلس الامة بإطلاق أسماء المشاركات الكويتيات الأربع على شوارع في الكويت.
ما زالت تتواصل أصداء أسطول الحرية الذي هاجمته القوات الإسرائيلية فجر الحادي والثلاثين من شهر ايار- مايو الماضي، وقد تمخّضت عن هذا الحدث الأبرز نتائج وآثار إيجابية على الصعيدين الإقليمي والدولي. من هذه النتائج على صعيد الكويت كانت مشاركة ثمانية عشر كويتيًّا من بينهمخمس كويتيات في أسطول الحرية علامة فارقة في المجتمع الكويتي، ربما لأنها المرة الأولى التي تشارك فيها كويتيات في مثل هذه الفعاليات، وأيضًا نظرًا لعنصري الجرأة والمخاطرة اللذين رافقا هذه الرحلة المثيرة وسط مياه البحر المتوسط.
ففي سكون الليل وظلمته وبين السماء ومياه البحر هبطت على متن السفينة التي كانت تقل الناشطين والناشطات القوات الإسرائيلية لتقتل وتصيب عددًا من ركابها، ثم تغير مسارها بدلاً من ميناء غزة، فتأمر ربانها التركي بالإتجاه نحو ميناء أشدود ثم تبدأ سلسلة من الإجراءات والتحقيقات مع ركاب السفينة وبعدها يتم الإفراج عنهم إلى الأردن ومنها إلى بلد كل منهم.
وكان للحكومة الكويتية موقف إزاء المشاركين الكويتيين حيث أعلنت أن مجلس الوزراء في حالة إنعقاد دائم حتى عودتهم، كما ارسل أمير البلاد الطائرة الاميرية وعلى متنها فريق طبي عالي المستوى لفحص المشاركين، ونجحت الحكومة الكويتية بتفوق في إدارة الأزمة حتى عاد المشاركون، وعلى الرغم من الإحتفاء الرسمي والشعبي بالعائدين والإشادات من بعض الشرائح الإجتماعية إلا أن هناك إنتقادات وتحفظات على مشاركة الكويتيات وكانت أبرز الإنتقادات عندما طالب بعضهم من أعضاء مجلس الامة بإطلاق أسماء المشاركات الكويتيات الاربع على شوارع في الكويت، ونكأ هذا المقترح من النواب جراح ذوي الشهيدات الكويتيات اللواتي سقطن أثناء الغزو وإنهمرت دموعهم لأن الأولى أن يقترح نواب الأمة إطلاق أسماء شهيدات الغزو على الشوارع والمدارس.
ايلاف طرحت تساؤلات متعددةعلى بعض الناشطات في مجال السياسة والمرأة حول مشاركة الكويتيات الأربع في أسطول الحرية، ورؤيتهن لهذه المشاركة فماذا قلن؟
جدل كبير
الكويتيات قبيل وصولهن الى عمان |
في البداية، قالت الناشطة السياسية نبيلة العنجري ان مشاركة الكويتيات في أسطول الحرية رافقها جدل كبير وطويل بين مؤيدين ومعارضين لأن هناك من ينظر لموضوع المشاركة نظرة أخرى، حيث كانت المفاجأة مشاركة العنصر النسائي بين المشاركين الرجال بهذه السفينة أو هذه الرحلة على الرغم من كل الإعتبارات أنها رحلة للخير أو توصيل المعونات. وقالت لكن يجب علينا أن نفكر حقيقة في الأمر وهو لا يمكن أن نلقي بأيدينا إلى التهلكة، وإن كان أسطول الحرية قد أثار ضجة كبيرة وتسليط الضوء على قضية الحصار والمحاصرين في غزة، لكن علينا أن ننظر إليها من منظور آخر وهو أن المشاركات والمشاركين الكويتيين من تيار ديني معين وهؤلاء هم الذين كانوا يعارضون كثير من الأعمال أو الفعاليات التي تكون المشاركة فيها مختلطة بين المرأة والرجل لدرجة أنهم عارضوا دخول المرأة مجلس الامة لمجرد فكرة الإختلاط معها داخل المجلس، على الرغم من وجود حضور وكاميرات.
إختلاط مسموح لهن وممنوع لغيرهن
وتابعت: لكن مشاركة المرأة الكويتية في سفينة الحرية في ظروف جوية وعسكرية وعلى متن سفينة واحدة بل كان من الممكن ان يلقوا جميع المشاركين من رجال ونساء في سجن واحد وهذا الإختلاط الذي حدث سمحوا لأنفسهم به ما يمنعونه عن الآخرين، والمشاركات من بناتنا وإخواتنا داعيات لكنهن كن يعارضن بعض النقاط التي وافقن عليها في سفينة الحرية، ونظرتي لها من هذا الجانب.
غزة والغزو الغاشم
واضافت: أما بالنسبة إلى تقديم مساعدات للمحاصرين في غزة فكان من الممكن ان تصل بطرق أو وسائل أخرى دون أن يقطعن البحار أو يتعرضن للتهلكة ،ورغم ماقام به المشاركون الكويتيون من الجنسين في أسطول الحرية ،إلا أن هذا الحدث ذكرني بواقعة الغزو الغاشم عام 1990فلم يقدم أحد من خارج الكويت من التيارات التي ينتمي إليها المشاركون بأي دعم لأهل الكويت المحاصرين آنذاك وإنقاذهم من براثن الغزو، وهذه فقط ردات فعل بغض النظر عن المهمة الإنسانية ولكنها تساؤلات، بل أن المشاركين بصفة عامة فى سفينةالحرية والكويتيين بصفة خاصة أشغلوا العالم في هذه الفترة ونحن في غنى عنها ونتجه لبناء بلدنا ونلتفت إلى الأمور الصعبة في الكويت ،ولن نقصر كذلك مع المحاصرين في غزة لا بالتبرعات النقدية والعينية ولا بالأغذية ولا بالادوية وبناء بيوت ومدارس.
والكويت لم تقصر منذ بداية القضية الفلسطينية وحتى اليوم وفي احلك الظروف، فالكويت إستقبلت جموع الفلسطينيين بعد حرب العام 1948، وأيضًا حرب 1976 ، وأتطرق إلى التيارات الإسلامية فهناك من وقف وساند صدام ورفع صوره، وإني لا أحب الحديث في الماضي بل أتحدث عن اليوم والمستقبل، ولكن أعود وأقول إن التيارات الدينية من خارج الكويت لم يأتِ أحد منها لمساندة أهل الكويت بل وقفوا ضد تحريرها.
أصالة الشعب الكويتي
النائب فيصل المسلم خلال تجمع يدين الهجوم الاسرائيلي على الاسطول |
من جانبها، رأت الناشطة نجلاء النقى أن مشاركة الكويتيينفي أسطول الحرية وخصوصًا النساء الأربع دلالة على أصالة الشعب الكويتى وتعكس المعدن النفيس لأهل الكويت، ولكنها تساءلت: هل نجح المشاركون في كسر الحصار؟ بالطبع لم ينجحوا ولن ينجحوا في كسر الحصار لأن السياسة الإسرائيليّة لن تتغير حتى أنهم لا يحترمون القرارات الدولية. واضافت لكن بوجهة نظري إستطاعوا بهذا الموقف لفت الأنظار إلى القضية الفلسطينية وإبراز الدور الإنساني للشعب الكويتي سواء رجال أونساء، لأن الكويت سباقة منذ الأزل في نصرة المظلوم وتمد يد العون لمساعدة المحتاجين، وهي أول من يهبّ لنجدة الدول التي تتعرض للكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين وفيضانات.
مجازفة مخاطرة
وأكدت النقى أن المشاركين الكويتيين إستطاعوا إبراز الدور الإنساني للشعب الكويتي، وبالفعل يزيد الضغط على إسرائيل وقد يحرجها. وثمنت النقى ماقام به المشاركون الكويتيون ووصفته بأنه مجازفة ومخاطرة بحياتهم ولكنه دور عظيم.
وقالت النقى: لو طلب مني شخصيًّا المشاركة في قافلة إنسانية للتوجه إلى غزة، فلن أستطيع تلبية النداء في مثل هذه الظروف الصعبة، لأنني أرى أن جهادي في مع أولادي أولى ولكن المجازفة غير مطلوبة ووجود قوات إسرائيلية، فالأولاد أوجب، ولكنني أثمن للمشاركين هذه المبادرة الطيبة وأبارك لهم جهودهم وهم مثال مشرف للشعب الكويتي وبالأخص للمرأة الكويتية.
شهيدات الكويت ومشاركات الحرية
وحول إنتقاد بعضهم مشاركة المرأة الكويتية في أسطول الحرية بينّت النقى أن بعضهم أعرب عن تذمره وألقى اللوم على المشاركات، وخصوصًا ذوي الشهيدات الكويتيتات اللواتي سقطن أثناء الغزو دفاعا عن وطنهن بعدما سمعوا إقتراحات بعض أعضاء مجلس الأمة بإطلاق أسماء المشاركات الأربع على شوارع في الكويت. واضافت نريد الإعتدال في كل الامور، ويجب ان نكون منطقيين وموضوعيين حيث حدث تجريح لمشاعر ذوي الشهيدات الكويتيات وهذا لا يقلل من عمل المشاركات الكويتيات في أسطول الحرية.
عشرون شهيدة كويتيات
وأضافت التقى ان ما قمن به هو إمتداد طبيعي للمرأة الكويتية بتاريخها الكبير، وأفضل مثال لها أثناء الغزو الغاشم على دولتنا الحبيبية الكويت، حيث كان هناك سباق بين النساء في تقديم التضحيات والبطولات التي سجلها التاريخ للدفاع عن الوطن الغالي، وقد سقطت أثناء الغزو عشرون شهيدة كويتيات تقريبًا ومنهن الشهيدة أسرار القبندي، والشهيدة وفاء العامر ،والشهيدة سميرة معرفي وغيرهن وبدمائهن الطاهرة سطرن أروع قصص البطولة، وهذا ما جبل عليه أهل الكويت منذ زمن بعيد وحكامنا هم المدرسة التي نتعلم منها وقدوتنا منذ سنوات في بذل الخير والعطاء ومد اياديهم البيضاء للمسلمين والمحتاجين إلى مستوى العالم.
تيارات حزبية وسياسية
بدورها قالت عائشة الرشيد الناشطة السياسية والإعلامية ورئيسة مؤسسة أداء برلمانى متميز إن قافلة الحرية ليست عملا إنسانيا لأنه إذا رأينا المشاركات الكويتيات فهن يمثلن أحزابًا سياسية وتيار الإخوان المسلمين وحزب الله وتنظيم القاعدة ndash;على حد قولها. وأضافت أن إحدى الكويتيات شاركت في القافلة دون علم والدها ودون الإستئذان منه للخروج والسفر وقد تفاجأ بذلك. وذكرت ان احداهن قاصر وكان معها والدها الذي رافقها ولو قدر الله وحدث لها مكروها في السفينة فيمكن أن توجه إليه تهمة يعاقب عليها القانون وهي إهمال رعاية قاصر. وتابعت الرشيد ان الثالثة حزبية وقدمت نحو 3ملايين دينار كويتي إلى حركة حماس، والرابعة تركت أولادها عند صديقتها وشاركت بقافلة الحرية.
وتساءلت الشريد: فهل هذا فعل يرضى به الله، أعتقد أن كل القضية هي أن الأخوان المسلمون يريدون تفعيل دورهم على الساحة حتى يقولون للعالم نحن هنا، ومعظم المشاركين العرب في هذه القافلة من الإخوان، وكيف أقول إنه عمل إنساني ويتعاملون مع منظمة الإغاثة التركية وهي منظمة محظور التعامل معها دوليًّا مثل ما حصل مع حماس المدرجة على قائمة الإرهاب وكذلك تنظيمي القاعدة وحزب الله.
أين التجار الفلسطينيون في الخارج؟
كما تساءلت الرشيد هل هناك أي إمرأة فلسطينية أو فلسطيني أو تاجر فلسطيني في الخارج قام بحملة مثل قافلة الحرية حتى يرفع الحصار عن غزة ؟ أعتقد أن ما حدث في قافلة الحرية هو لإلهاء العالم وإشغال الكل لأمر آخر يدبر، لأن تنظيم الإخوان المسلمين يريد القفز على السلطة.
الهلال الأحمر الكويتي
وبينّت الرشيد أنها ليست مقتنعة بما قمن به المشاركات في قافلة الحرية، وشددت على أن المشاركين الكويتيين من الجنسين أحرجوا الدولة ككل، معتبرة أنه غير إنساني واضافت انه اذا كان إنسانيًا لماذا لم يتعاونوا مع الهلال الاحمر الكويتي في توصيل تبرعاتهم النقدية والعينية؟ أو بالتعاون مع الصليب الأحمر أو المنظمات الإنسانية التابعة للامم المتحدة.
الفلسطينيون والغزو الغاشم
وإستبعدت الرشيد رغبتها في أي مشاركة في مثل هذه القواقل الإنسانية وقالت: لا أشارك في قافلة إنسانية ولن أشارك بهذه الطريقة إلى غزة وفك الحصار، بل أوّلاً أتساءل أين الفلسطينيات وهن الأولى بالدفاع وفك الحصار عن أهلهن بغزة، ولماذا نحن الكويتيون والكويتيات نصبح ملكيين أكثر من الملك؟ فهن أولى بديرتهن لأن المعاملة بالمثل فما قام به الفلسطينيون في الكويت أثناء الغزو الغاشم لا يمكن أن ننساه ولن نستطيع القول عفا الله عما سلف.
التعليقات