الحرب الأميركية في العراق خلّفت سموماً قاتلة

دعا نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي رئاسة مجلس الوزراء الى فتح تحقيق عاجل حول تصدير وقود سام للعراق داعيا وزارة البيئة الى تقديم تقرير مفصل حول الموضوع يطالب الولايات المتحدة بتعويضات عادلة وتقديم المسؤولين عن هذه الكارثة الى العدالة مؤكدا ضرورة مساءلة المسؤولين العراقيين المتورطين باستيراد هذه السموم.

أشار نائب الرئيس العراقي طارقالهاشمي الى انه قد اطلع على التقاريرالمثيرة للقلق الخاصة بتصدير وقود سام للعراق يؤدي الى تلف المخ لدى الاطفال والتي تشير ايضا الى قيام القوات الاميركية بطمر كميات ضخمة من السموم في الاراضي العراقية وتعرض البيئة الى تلوث خطير.

وطلب الهاشمي في بيان صحافي ارسلت الرئاسة العراقية نسخة منه الى quot;ايلافquot; اليوم من وزارة البيئة العراقية الى اعداد تقرير حول الامر يستهدف النقاط التالية: الزام الجانب الأميركي بوقف استيراد واستخدام الوقود السامة ومساءلة المسؤولين عن استيرادها التخلص من المواد السامة فورا وتقييم الاضرار البيئية الناجمة عن ذلك ووضع خطة لمعالجة اثارها ومطالبة الولايات المتحدة بتقديم المسؤولين عن هذه الكارثة الى العدالة ومطالبتها بتعويض عادل وكذا الطلب من الولايات المتحدة ضمان عدم تكرار ذلك مستقبلا.

وكانت صحيفة الغارديان اللندنية قد كشفت الاسبوع الماضي أن المدير التنفيذي السابق لشركة أوكتيل الكيميائية البريطانية بول جينيغز يواجه خطر تسليمه الى الولايات المتحدة الأميركية بعد أن أقرت الشركة دفعها لمليون دولار كرشى لمسؤولين عراقيين وأندونيسيين لضمان استمرار بلدانهم في شراء الوقود السام منها.

وأضافت إن جينيغز وسلفه دينيس كيريسيون قاما بتصدير أطنان من مادة quot;رابع أثيل الرصاصquot; إلى العراق وهي مادة محظور استخدامها في السيارات في الدول الغربية لما لها من أضرار تؤدي إلى تلف المخ لدى الأطفال.

واشارت الى ان بول جيننغز الذي كان حتى العام الماضي رئيس شركة اوكتل للصناعات الكيمياوية في ليفربول وسلفه دنيس كَريسون صدرا أطناناً من رابع اثيل الرصاص الى العراق رغم انه مادة ممنوع استخدامها في سيارات الدول الغربية لارتباطها بأضرار في الدماغ عند الاطفال. ويُعتقد ان العراق هو البلد الوحيدة الذي ما زال يستخدم الرصاص في بنزين السيارات بحسب التقرير.

واعترفت الشركة التي غيرت اسمها الى اينوسبك بأن المدراء في سياسة متعمدة لزيادة الارباح دفعوا ملايين الدولارات من الرشاوى الى مسؤولين في العراق واندونيسيا للاستمرار في استخدام رابع اثيل الرصاص رغم مخاطره الصحية. وأشار التقرير الى ان وكيل الشركة اللبناني أسامة نعمان سُلم الى الولايات المتحدة حيث وافق هذا الاسبوع على الاعتراف بذنبه والتعاون مع الادعاء العام الاميركي. وأشار التقرير الى اتهام مسؤولين عراقيين كبار في وزارة النفط بقبض رشاوى بريطانية منذ بداية الحرب حتى عام 2008.

وقال وكيل وزارة النفط العراقية عدنان الشماع لصحيفة الغارديان ان الوزارة ستحقق في هذه الاتهامات ولكنه نفى بشدة الدعاوى القضائية القائلة انه نفسه أمضى اجازة مجانية في تايلاند. مدعيا انه لم يزر تايلاند في حياته وان وسيطا أُلقي القبض عليه في الولايات المتحدة ربما تسلم الرشوة المفترضة.

ويقول المدعون الاميركيون انه تم الاتفاق على دفع رشاوى بملايين الدولارات لمسؤولين عراقيين في الفترة الممتدة من 2001 الى 2003 عندما كان كريسون رئيس الشركة البريطانية وجاء في وثيقة من ملف القضية ان الشركة تعترف بأن رئيسها التنفيذي السابق وافق على دفع رشى. ولكن كريسون يقول ان هذه الاتهامات باطلة.

وكانت شركة اوكتل قررت قبل عشر سنوات ان تبقى الشركة الوحيدة التي تنتج رابع اثيل الرصاص للسيارات بعد منعه في الولايات المتحدة واوروبا. واستخدمت ارباحها الكبيرة من بلدان خارج اوروبا والولايات المتحدة لتنويع منتجاتها وتنفيذ التزامات مالية. وفي العراق دفعت رشاوى في عام 2007 لاجهاض اختبارات ميدانية على مركب كيمياوي بديل عن الرصاص في حين وظفت الأموال في اندونيسيا في حملة quot;للدفاع عن الرصاصquot; في البنزين ورشوة سياسيين محليين. واسفرت هذه الرشى عن تأخير منع رابع اثيل الرصاص خمس سنوات بحسب التقرير. وقد اكدت الحكومة رفضها طمر القوات الاميركية للنفايات الخاصة بها في الاراضي العراقية.

وقال الناطق الرسمي بإسم الحكومة العراقية علي الدباغ الاسبوع الماضي بأن الحكومة العراقية لن تقبل بطمر النفايات السامة الخاصة بالقوات الأمريكية وقواعدها داخل الأراضي العراقية موضحا انه إطلععلى عملية جمع هذه النفايات وآليات معالجتها من قبل الجانب الأميركي ضمن جولة لمناطق جمع النفايات. وأكد الدباغ في تصريح مكتوب تلقت quot;ايلافquot; نسخة منه اليوم بأن النفايات والمخلفات هذه قد تم نقلها من قبل القوات الأمريكية بعيداًعن المناطق السكنية تمهيداً لمعالجتها والتخلص منها وكذلك نقل المواد التي لا يمكن معالجتها والتي تعتبر نفايات سامة خارج الأراضي العراقية وأن الإجراءات المتبعة من قبل القوات الأميركية تعتبر مقبولة لضمان عدم تسرب أي مواد تشكل خطراً على الصحة العامة في العراق.

وجاء هذا الموقف العراقي اثر الكشف عن تخلص القواعد الأميركية في العراق من المواد السامة بطريقة غير شرعية.

واكدت صحيفة التايمز اللندنية ان القوات الاميركية في العراق خلفت وراءها مواد سامة خلال فترة وجودها في البلاد والتي امتدت سبعة اعوام. ووجد تحقيق اجرته الصحيفة في خمس محافظات عراقية ان القواعد الاميركية تتخلص من المواد الخطرة عن طريق طمرها في مواقع محلية بدلا من ارسالها إلى الولايات المتحدة الاميركية مما يشكل خرقا واضحا للقواعد التي ارستها وزارة الدفاع الاميركية.

واشارت الى انه في شمال وغرب بغداد يتسرب زيت المحركات من البراميل الى الاراضي الترابية بالاضافة الى تواجد الاطفال بالقرب من اوعية اسطوانية مفتوحة تحتوي على احماض الى جانب القاء بطاريات بالقرب من اراض زراعية... واوضحت ان شركات اعادة تدوير خاصة تعمل داخل القواعد الاميركية عمدت الى خلط مواد خطرة مع خردة العامة وقامت بتمريرها الى التجار المحليين. وقال مسؤول عن الهندسة والبنية التحتية في العراق هو الجنرال كيندال كوكس للصحيفة انه كان مشرفا على التخلص من 14.500 طن من الزيوت والتربة الملوثة بالزيوت موضحا ان ذلك كان تركمات سبع سنين.