يبدو ان مهمة تشكيل الحكومة العراقية دخلت مراحلها الاخيرة بعد مخاض استمر حوالى خمسة أشهر أدت الى شلل سياسي في البلاد. وقد افادت الاجواء غداة اجتماع جمع الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي ان التوجه العام يكمن في وضع خريطة واسعة تشمل جميع القوى الأساسية التي يجب أن تتعاون من أجل تشكيل الحكومة.

اكد الرئيس العراقي جلال طالباني انه لا يعترض على التجديد لولاية رئيس الوزراء نوري المالكي الذي سينتقل الى اقليم كردستان لمباحثات مع رئيسه مسعود بارزاني فيما قال المسؤولان الكبيران إن مباحثات تشكيل الحكومة الجديدة قد وصلت الى مراحلها الاخيرة حيث تم الاتفاق على خارطة تجمع القوى السياسية لتشكيل حكومة تعتمد التوافق الوطني .. فيما استبعد النائب عن القائمة العراقية حسن العلوي أن يتولى علاوي منصب رئاسة الحكومة لكونه غير معترف به شيعياً مؤكدا أن من يقرر هوية هذا المنصب هم الشيعة بمرجعيتهم وأحزابهم إضافة إلى إيران .

وعقب مباحثات بين طالباني والمالكي في بغداد ليلة الجمعة تناولت آخر المستجدات على صعيد الحوارات التي تجري بين الكتل السياسية لتشكيل الحكومة المقبلة وأهم ما توصلت إليه هذه اللقاءات قال الرئيس العراقي في تصريحات للصحافيين quot;تباحثنا في الوضع العام واتجهنا نحو عمل عام وخريطة واسعة تشمل جميع القوى الأساسية التي يجب أن تتعاون من أجل تشكيل الحكومة المقبلةquot;. واكد انه ليس لديه خط أحمر على التجديد لولاية المالكي واشار الى انه على العكس مما يقال في بعض الأوساط quot; نحن علاقاتنا تاريخية وجيدة جداً مع الأستاذ المالكي ونحن نتحمل معه مسؤولية الحكومة لأننا كنا ضمن الحكومة ونشارك معه في انجازات الحكومة الكثيرة وكذلك نتحمل المسؤولية في أي تقصير إن وجد فليس من العدل أن يتحمل طرف واحد كل مسؤولية الوضع فكنا مشتركين في الحكومة ولدينا وزراء مهمون وأنا رئيس جمهورية ومسؤول في البلد وإذا كانت هناك بعض المسائل فأنا أيضا أتحمل جزءا من المسؤولية ونتمنى بالطبع للجهود التي يبذلها الأستاذ المالكي النجاح الكامل إن شاء الله وهو في هذه الأيام فعال في لقاءاته مع الأخوة في الكتلة العراقية ونحن نبارك هذه اللقاءات ونتمنى لها النجاح quot; . واوضح ان المالكي سينتقل الى اقليم كردستان الشمالي لإجراء مباحثات مع بارزاني حول تشكيل حكومة الشراكة الوطنية .

من جانبه قال المالكي انه ناقش مع طالباني quot; في إدارة العملية السياسية ومعالجة التحديات واتخاذ القرارات الصعبة والمصيرية ولذلك هي تجربة ليست وليدة الساعة بل وليدة مرحلة قضيناها معاً في معالجة الكثير من التحديات .. واليوم فإن الجهد الذي يسيطر على كل أجواء اللقاءات بيننا وبين جميع القوى والكتل السياسية الأخرى هو اختصار الزمن والانتهاء من موضوع تشكيل الحكومة إلى المرحلة التي يرى فيها المواطن العراقي أن الجهود التي بذلت أيام الانتخابات قد تحولت إلى حكومة جديدة تتحمل مسؤوليتها لذلك كانت لقاءات ثنائية وثلاثية وأعتقد أننا وصلنا إلى المرحلة الأخيرة لتحقيق هذا الهدفquot; . واضاف quot;أننا اليوم أصبحنا نتحدث عن توافق وطني وهذا التوافق الوطني يعني كلنا نتحرك على خريطة واحدة ونريد أن تتحقق هذه الخريطة في موقع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان والمجلس السياسي للأمن الوطني والحوارات جارية إلى جنب هذه الخريطة فهناك حوارات من أجل الاصلاحات المطلوبةquot; .

واشار الى ان مؤسسات الدولة قد بنيت في ظروف استثنائية سواء كانت أمنية او اقتصادية أو سياسية وفي ظل التحديات الارهابية ومواجهات ضد القاعدة والميليشيات والعصابات quot;فكانت مؤسسات الاضطرار والضرورةquot; . و اضاف لكنه quot;حينما نقبل على تشكيل الحكومة المقبلة لا بد من أن نعيد النظر في كل مؤسساتنا وضرورة أن تأتي منسجمة مع الدستور ومتوافقة معه حتى لا تكون هناك هشاشة وضعف في عملية بنية الدولة المقبلة وأنا متفائل بأن الأجواء إيجابية وأن الخروج من الثنائيات إلى التوافق الوطني هو الذي سيطبع مرحلة الحل المقبلةquot;.

وتأتي هذه المباحثات في وقت ينعقد في بغداد الليلة اجتماع موسع بين الكتلتين العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي ودولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي في محاولة لحل الخلافات وإنهاء الأزمة الناتجة من عدم اتفاق الكتل على مرشح لرئاسة الوزراء ومدى امكانية توقيع ورقة عمل مشتركة بين الكتلتين تهدف إلى الاسراع بتشكيل الحكومة الجديدة.

وتشهد البلاد حاليا ازمة دستورية على خلفية خرق المهلة المحددة لاختيار رئيس لمجلس النواب ونائبيه ورئيس للجمهورية مع تعثر المفاوضات الرامية الى تشكيل الحكومة بعد نحو خمسة اشهر على الانتخابات التي جرت في آذار- مارس الماضي. وتسارعت وتيرة المفاوضات بين ائتلافي دولة القانون والعراقية من جهة والائتلاف الوطني والعراقية من جهة أخرى بعد أيام من زيارة وفد البيت الأبيض إلى العراق الاسبوع الماضي ولقائه عددا من القادة السياسيين فيما أعلنت العراقية أنها بانتظار نضج المفاوضات مع احد الائتلافين للتوصل إلى اتفاق لتشكيل الحكومة.

وتوقع ائتلاف دولة القانون التوصل إلى اتفاق بين الكتل السياسية بشأن المناصب الرئاسية الثلاثة خلال أسبوع فيما رجحت العراقية أن تتوصل إلى اتفاق لتشكيل الحكومة مع احد الائتلافين خلال أسبوع أيضا إذا ما تم الانتهاء من كافة الملفات.

وكان ائتلاف دولة القانون قد كشف امس أن الاجتماع الأخير الذي عقده الائتلاف مع القائمة العراقية تناول مناقشة قانون مجلس الأمن الوطني للسياسات الإستراتيجية. واوضح ان الهدف من الاجتماع هو التوصل إلى حل وسط يتمثل بصيغة واحدة بشأن ورقة قانون مجلس الأمن الوطني للسياسات الإستراتيجية لان الجانبين كتبا القانون بشكل يختلف عن الاخر متوقعا أن الجانبين سيتوصلان إلى اتفاق حول هذه الورقة خلال الأيام القليلة المقبلة.

ويأتي الكشف عن مسودة قانون للمجلس السياسي للأمن الوطني وتشكيل الحكومة الجديدة خلال أسبوع مع إعادة طرح مبادرة أميركية لتقاسم السلطة بين ائتلافي علاوي والمالكي تنص على بقاء المالكي في منصبه لولاية ثانية ومنح منصب رئيس المجلس السياسي للأمن الوطني لعلاوي ومناصب سيادية مهمة لقائمته إضافة إلى رئاسة مجلس النواب .

نائب: المرجعية الشيعية وايران من يختار رئيس الحكومة

وعلى الصعيد ذاته استبعد النائب عن القائمة العراقية حسن العلوي أن يتولى علاوي منصب رئيس الوزراء الجديد لكونه غير معترف به شيعياً وأكد أن من يقرر هوية رئيس الحكومة هم الشيعة بمرجعيتهم وأحزابهم إضافة إلى إيران متوقعا بهذا الصدد أن يلجأ المالكي إلى المرجعية الدينية الشيعية ليتولى منصب رئيس الوزراء.

وقال العلوي إن quot;هناك إشكالاً بشأن تشكيل الحكومة المقبلة فطبيعة النظام الجديد القائم على الطائفية تفرض أن تكون رئاسة الوزراء للشيعةquot;. واضاف في مقابلة مع فضائية quot;السومريةquot; العراقية اليوم أن quot;علاوي غير معترف به من قبل المؤسسة الشيعية المتمثلة بالمرجعية الدينية (علي السيستاني) والحركة الإسلامية بأحزابها المختلفة والتيار الصدري وحزب الدعوة والمجلس (الإسلامي الأعلى) والمستقلون وإيرانquot; .وأوضح أن quot;هؤلاء هم من يقررون هوية رئيس مجلس الوزراء وليس نواب البرلمانquot; معتبرا أن quot;فرص القائمة العراقية ضعيفة لتشكيل الحكومةquot;.

واشار العلوي الى أن quot;هذه الحقيقة ليست جديدة، ولقد ذكرت ذلك يوم إعلان نتائج الانتخابات النيابية وقلت إننا كتلة عراقية لا دور لنا فالسنة لا يعتبروننا سنة والشيعة لا يعتبروننا شيعة وهذا هو الثمن الذي يدفعه المحايد والعلماني في بلد يحكمه نظام طائفيquot; وقال انه نصح علاوي وينصحه الآن بأن quot;يبيع خسارته على الرغم من أنه الفائز الأولquot;.

وتوقع العلوي أن يلجأ رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي الذي يملك 89 مقعداً برلمانيا quot;إلى المرجعية الدينية لإعادة توليته وربما قد قال لإيران ذلكquot; . واوضح انه quot;في حسابات المالكي فإنه يمثل تسعة ملايين شيعي لأن كل نائب يمثل 100 ألف شيعي بالغ السن والرشدquot;.

وإعتبر العلوي وهو قيادي في القائمة العراقية التي يتزعمها أياد علاوي أن quot;إصرار المالكي على موقفه له ما يبرره في نظام قائم على التبذر (بذور الطائفية) أي أنه يتوجب على رئيس الحكومة أن يكون شيعياًquot;. واضاف أنه quot;لو لم تكن الحالة كذلك فلا مبرر للمالكي في الدعوة (توليه رئاسة الوزراء) ولا يحق له ذلك وعندها سيكون التسعون نائباً أقلية بالنسبة لـ325 نائباً (عدد أعضاء مجلس النواب) ولكن المشكلة ليست في الـ325 نائباً الذين لا يمارسون أي دور فالدور هو للنظام الطائفي والمذهبي الجديدquot;.

وقال العلوي إن quot;المسألة ليست في فوز العراقية بـ91 مقعداً والمالكي بـ89 مقعداً وليست بين المالكي وعلاوي بل المشكلة هي داخل المؤسسة الشيعية فعندما تتفق على مرشحها سيعلن كل من الطالباني والبارزاني في الساعة نفسها تأييدهما وتحالفهماquot; عازياً السبب إلى quot;التحالف الشيعي الكردي الواضح، وهذه إستراتيجية قائمة منذ تشكلت لجنة العمل المشترك في سوريا وبعد عقد المؤتمر الوطنيquot;. واشار الى ان quot;الكرد لا يخرجون عن هذا التحالف لأنهم بذلك يمكن أن يشكلوا قوة برلمانية تبقي الأوضاع كما هي ويبقى الوضع الدستوري كما هوquot;.

وإستبعد العلوي أن يحدث أي تغير في الأمور موضحا عدم وجود توجهات جدية لتشكيل الحكومة وقال إن اللقاءات التي تجري حالياً بروتوكولية وإعلامية ولا جدوى منها فهي لم تقدم شيئاً ولم يتحرك المجلس السياسي سنتمتراً واحداً منذ أربعين يوماً ومنذ اجتمع المالكي بعلاوي في لقاء يعد أيضاً بروتوكولياً لم يسفر عن أي نتيجة سوى لقاء أمام شاشات التلفزيون لتبريد الأجواء وإزالة الاحتقان بين الناسquot;.

وأدت الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من آذار (مارس) الماضي إلى حوالى خمسة أشهر من الشلل السياسي في ظل غياب فائز واضح وتقارب في النتائج ( العراقية 91 مقعدا، ودولة القانون 89 مقعدا من مجموع 325 تمثل العدد الكلي لمقاعد البرلمان) كما شهدت البلاد عقب الانتخابات أعمال عنف فيما تستعد القوات الأميركية لإنهاء العمليات القتالية نهاية الشهر الحالي قبل الانسحاب الكامل في آخر العام المقبل.