في وجه تجاوزات داخليّة مقلقة تؤثّر بشدّة على الأمن الداخلي الأردنيّ، جاء كلام العاهل الأردني أمس في حضور قادة أمنيّين، ليشكّل وضعًا جديدًا، لا يشبه ما قبله، خصوصًا أنّ الملك مستاء للغاية من التغوّل على هيبة الأنظمة والقوانين، مستخدمًا عبارة quot;لن أتهاونquot;.

في إطلالة رمضانيّة مفاجئة مع سائر المسؤولين المحليين، طلب العاهل الأردني مساء أمس استدعاء القادة الأمنيين الى المكاتب الملكية في ضاحية الحمر غرب العاصمة الأردنيّة، وهي المكان المخصّص غالبًا للاجتماعات المفاجئة والطارئة التي يعقدها الملك، وأبلغهم بأنّ مظاهر الانفلات الأمني والتغوّل على هيبة الدولة وتجاهل الأنظمة والقوانين لن يكون مقبولاً بعد اليوم، وأنّه لن يتهاون في هذا الإطار، خصوصًا بعد أن لمس العاهل الأردني أنّ تلك المظاهر قد أصبحت تشكّل تحدّيًا لأرواح المواطنين الأردنيين واستقرارهم، وهذا لن يكون مقبولاً، فإنّه أيضًا سيكون خطًّا أحمر.

وقد رفض العاهل الأردني خلال الاجتماع الأمني المفاجئ الذي حضره مديرا الأمن الداخلي اللواء حسين المجالي، والإستخبارات العامة اللواء محمد الرقاد، الى جانب رئيس الوزراء سمير الرفاعي، ورئيس الديوان الملكي ناصر اللوزي، ووزير الداخلية نايف القاضي، تبريرات ساقها مسؤولون بأنّ الخلل في القوانين والتشريعات، مؤكّدًا أنّ الحكومة تملك حقّ فرض القوانين وتعديلها بما يتماشى مع حاجات الدولة، شارحًا بأن جانبًا كبيرًا من الخلل الحاصل هو بسبب ضعف تطبيق القوانين، مؤكّدًا بأنّها تسري على الجميع، ومن دون أيّ تهاون أو مسايرة مع أحد، لأنّ الوضع غير مقبول البتة، لا سيما أنّه بدأ يشكّل خطرًا جديًّا على حياة الأردنيّين، وقد اعتبر العاهل الأردني أنّ كلّ مسؤول في موقعه هو لخدمة الأردنيين والسهر على راحتهم وأمنهم وإستقرارهم.

وخلال اللقاء، بدا العاهل الأردني غاضبًا للغاية وهو يعدّد ملاحظاته التي دوّنها من قبل على تردّي المشهد الأمني في الداخل الأردني، إذ اختار ظاهرة إطلاق النيران من الأسلحة الأتوماتيكية للتعبير عن الفرح، وتسبّبها خلال مناسبات الأسبوع الماضي بأكثر من أربع حالات وفاة برصاص طائش متسائلاً عن سرّ التمسّك بهذه العادات الضارّة في غياب تطبيق فعلي وصارم للقوانين في هذا الصدد،وكان قدسقط الأسبوع الماضي أكثر من قتيل أردني جرّاء إطلاق نار كثيف حول المدن الأردنية للتعبير عن الفرح بالنّجاح في امتحانات الثانويّة العامّة.

وعلى الرّغم من أنّ العاهل الأردني كرّر عبارة quot;هذا الوضع غير مقبول أبدًاquot;، وهو يعدّد حالات حصريّة لتردّي تطبيق القانون وضعفه، إلاّ أنّه منح مدير الأمن العام الداخلي اللواء المجالي فرصةً كاملة في الحديث، وشرح الأوضاع الأمنيّة بصورة عامّة،وتحدّث اللواء المجالي بشكل منظم للغاية ومترابط بدقةوشوهد العاهل الأردني وكبار المسؤولين يصغون للمجالي ويدوّنون ملاحظاتهم على ورقهم الخاصّ، لا سيّما في ما يختص بعمليّة التكامل مع سائر أركان الدولة الأردنيّة، حيث لوحظ أنّ الملك كان مرتاحًا بعد سماعه مداخلة اللواء المجالي بل وقد أثنى عليه علمًا بأنّ الملك هو الذي اختار المجالي لهذا المنصب قبل أشهر قليلة حين كان يمارسعمله كسفير لبلاده في مملكة البحرين.

يشار الى أنّمسلسل إطلاق النيران من قبل تجار مخدرات ومهرّبين ومواطنين عاديين ضد دوريات الأمن العام الداخلي كثر في الآونة الأخيرة، إضافة إلى إيقاع الضّرر بممتلكات عامّة لمجرّد الاختلاف على اجراءات أمنيّة، وكان قد قتل قبل يومين ضابط أردني هو عماد النوايسة خلال سعيه لتوقيف متّهم خطر بترويج المخدرات بعد أن طارده مسافة طويلة إلاّ أنّ المتّهم سارع الى إطلاق النيران ضد الضابط الأردنيوأرداه قتيلاً على الفور،وقد تردّد في الداخل الأردني أنّ العاهل الأردنيّ تأثّر بشدّة لهذا الحادث، وطلب تكريم الضابط القتيل بإطلاق اسمه على أحد شوارع مدينته في الجنوب الأردني ورعاية ذويه ماديًّا ومعنويًّا.