في وقت كشف فيه النقاب عن رسالة يحملها مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جيفري فيلتمان الى القادة العراقيين بضرورة تشكيل الحكومة الجديدة من كتلتي المالكي وعلاوي فقد أبلغ عمار الحكيم المسؤول الاميركي الاصرار على ان يكون ذلك قرارًا عراقيًّا مستقلاًّ بعيدًا عن أيّ تأثيرات أو إملاءات خارجيّة. فيما بدأ وفد من حزب الفضيلة الإسلامي مباحثات في إقليم كردستان حول إمكان إعلان تحالف عريض يضمّ الكتل الأربع الكبرى الفائزة في الانتخابات يقوم بتشكيل الحكومة المنتظرة.

شدّد رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم خلال اجتماعه مع فيلتمان اليوم على أنّ استقلال العراق وسيادته الوطنية يحتّمان ان يكون تشكيل الحكومة المقبلة قرارًا وطنيًّا مستقلاًّ عن أيّ تأثيرات أو إملاءات خارجيّة. إنّ الظروف الاستثنائيّة التي يمرّ بها العراق تستدعي من الجميع الالتزام بمبدأ الشراكة الوطنيّة مجدّدًا موقف المجلس الأعلى الرافض الاشتراك في حكومة يهمّش فيها أيّ مكوّن سياسي.

من جهته اكّد فيلتمان دعم بلاده للجهود التي تبذلها القوى السياسية العراقية في سبيل تشكيل حكومة شراكة وطنية quot;مشيدًا بدور المجلس الاعلى في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين للخروج من الازمة السياسية التي تمر بها البلادquot; كما قال بيان صحافي عن المجلس. وتأتي دعوة الحكيم هذه برفض التدخلات الخارجية في تشكيل الحكومة وسط ضغوط ايرانية يتعرض لها بقبول تولي المالكي تشكيل الحكومة الجديدة وهو امر يرفضه بشدة الائتلاف الوطني الذي يترأسه.

ثم اجرى فيلتمان مباحثات مع رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني تناولت الازمة السياسية والانسحاب الاميركي من العراق وما قد يخلفه من فراغ امني .كما تناولت المباحثات quot;مستجدات الوضع السياسي على الساحة العراقية والمحاولات الجارية لتشكيل الحكومة الاتحادية وتطورات مباحثات الكتل السياسية العراقية لاخراج العراق من الأزمة الناجمة جراء تأخير تشكيل الحكومة حيث سلط رئيس اقليم كردستان الضوء على الأوضاع العراقية الراهنة موضحاً موقف إقليم كردستان إزاء هذه الاوضاع والذي يركز على العمل من اجل تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيينquot; كما قال بيان صحافي كردي .من جانبه وبعد أن أشار الى محادثاته مع المسؤولين العراقيين في بغداد على مدى اليومين الماضيين أكد مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الاوسط رغبة بلاده في بناء علاقات متينة مع إقليم كوردستان واصفاً البرنامج الذي قدمه ائتلاف الكتل الكردستانية الى الاطراف العراقية الرئيسية حول تشكيل الحكومة بأنه برنامج مركّز ويحتوي نقاطا ايجابية كثيرة تتلائم مع الاصلاح الذي يدعو اليه البلد معرباً عن تأييده لوجهة نظر بارزاني حول متطلبات اخراج العراق من الأزمة السياسية الحالية.وفي محور آخر من المباحثات ناقش الجانبان عملية انسحاب القوات الأميركية في العراق وكيفية ملء الفراغ الأمني الذي قد ينجم عن هذا الانسحاب بالاتفاق مع الحكومة العراقية الجديدة .

وقد انتقل فيلتمان الى مدينة اربيل عاصمة اقليم كردستان (220 كلم شمال بغداد) التي وصلها بعد ظهر اليوم حيث عقد اجتماعًا على الفور مع رئيس حكومة الاقليم برهم أحمد صالحتمّ خلاله بحث آخر المستجدات المتعلقة بالوضع السياسي العراقي وجهود تشكيل الحكومة الجديدة حيث أكد الجانبان على ضرورة تشكيل حكومة شراكة وطنية تجسد مطالب جميع المكونات العراقية. وقد اكّد برهم صالح على موقف اقليم كردستان المتمثل في ضرورة تقريب وجهات النظر المختلفة بين الكتل السياسية وعدم تهميش أي طرف والالتزام بالدستور والحقوق المشروعة لشعب كردستان.

وأكّد الجانبان ضرورة طرح الكتل الفائزة خلافاتها جانبًا وتعمل على الإسراع في تشكيل الحكومة انطلاقًا من المصالح الوطنية العليا لإخراج البلد من الوضع المعقّد الذي يعيشه بسبب تأخّر الحكومة. كما تمّ بحث آفاق العلاقات الثنائية بين الولايات المتّحدة والعراق عمومًا واقليم كردستان على وجه الخصوص وسبل تعزيز وتطوير هذه العلاقات وتهيئة الأرضية المناسبة للتعاون والتنسيق في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية كما قال مصدر كردي رسمي.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد رجح امس خلال اجتماع مع فيلتمان قرب التوصل الى صيغة مشتركة لتشكيل الحكومة وانهاء الازمة السياسية التي يمر بها البلد منذ خمسة اشهر.
وبحث المالكي مع فيلتمان تطورات الحوارات الجارية لتشكيل حكومة الشراكة الوطنية حيث اكد المالكي ان الحوارات جارية بالاتجاه الصحيح معربًا عن تفاؤله باحتمال التوصل الى صيغة مشتركة تنال رضى جميع الشركاء في وقت قريب. كما شدد على ضرورة ان يكون الحل عراقيًّا مرحّبًا بدور داعم ومساند لجهود العراقيين لا أن يكون بديلاً عن أي دور عراقي كما نقل عنه بيان صحافي تلقت quot;ايلافquot; نسخة منه. واشار المالكي الى وجود مساحة مشتركة لجميع الرؤى التي قدمت لتشكيل الحكومة المنتظرة معربًا عن أمله بأن تكون هذه المساحة المشتركة هي القاعدة التي تستند إليها الحكومة المقبلة لتكون حكومة شراكة وطنية حقيقية.

ومن جهته اكّد مساعد وزيرة الخارجية الأميركية استعداد الولايات المتحدة لدعم جهود العراقيين والحرص على انجاحها quot;مشيدًا بما تبديه الكتل التفاوضية المشتركة من جهود للوصول في أقرب وقت الى تشكيل حكومة تكون موضع دعم واتفاق الجميعquot;.

وتزامنًا مع هذه المباحثات فقد كشف عضو ائتلاف دولة القانون علي الدباغ عن رسالة حملها جيفري فيلتمان الى القادة العراقيين خلال زيارته الحالية لبغداد. واوضح الدباغ في تصريح لفضائية quot;الحرةquot; ان الوفد الاميركي حمل في رسالته ضرورة الاسراع بتشكيل الحكومة العراقية بين ائتلافي العراقية بزعامة اياد علاوي ودولة القانون بزعامة نوري المالكي باعتبارهما الكتلتين الاكبر في عدد المقاعد على ان يتم اشراك الكتل الفائزة الاخرى كالتحالف الكردستاني والائتلاف الوطني في حقائبها الوزارية. واضاف ان الحكومة العراقية طالبت من خلال الوفد الدول الاقليمية المحايدة للعراق ان تكون داعمة للعملية السياسية الجارية في العراق والاّ يكون موقفها سلبيًّا من ذلك.

يذكر ان الانتخابات النيابية العراقية التيتمّت في السابع من آذار - مارس الماضي لم تفرز فوزًا كبيرًا لكتلة معينة يمكنها من تشكيل الحكومة بمفردها وهو ما أدّى الى تفاقم الازمة السياسية اذ حلّت القائمة العراقية في المركز الاول بحصولها على 91 مقعدًا بفارق مقعدين عن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي. كما لم تتمكن اي من الكتلتين حتى الآن من تشكيل تحالف تستطيع المضي به الى مجلس النواب لتشكيل الحكومة من خلال تحقيق الغالبيّة داخله حيث يواجه كل من المالكي وعلاوي حاليًّا صعوبة في اقناع الكتل للانضمام الى تكتليهما لتشكيل الحكومة. وكان التحالف الوطني الذي يضمّ الائتلافين الوطني ودولة القانون قد واجه صعوباتأخيرًا عندما اعلن قادة الائتلاف الوطني رسميًّا عن وقف مباحثاتهم مع ائتلاف دولة القانون بسبب اصراره على الاستمرار بترشيح المالكي لرئاسة الحكومة الجديدة فيما قوبل طلب الوطني بالرفض الشديد من دولة القانون.

مفاوضات في كردستان حول تحالف يضمّ القوى الأربع الفائزة في الانتخابات

بدأ وفد من حزب الفضيلة الاسلامي احد مكونات الائتلاف الوطني العراقي مباحثات في اقليم كردستان الشمالي مع القادة الاكراد يتقدمهم رئيس الاقليم مسعود بارزاني. وقال الامين العام للحزب هاشم الهاشمي ان وفد الفضيلة الذي يترأسه يهدف من مباحثاته هذه بحث امكان الخروج من ازمة تشكيل الحكومة ومناقشة المستجدات السياسية على الساحة العراقية. وأضاف ان المباحثات تستهدف ايضًا طرح مبادرة حزب الفضيلة الاسلامي لحلّ ازمة تشكيل الحكومة والقاضية بإعلان تحالف بين الكتل الاربع الكبرى الفائزة في الانتخابات وهي العراقية ودولة القانون والائتلاف الوطني والتحالف الكردستاني.

وقال ان المفاوضات تسعى لامكان تفعيل هذه المبادرة على ارض الواقع للاسراع بتشكيل الحكومة والخروج من المأزق السياسي الحالي وذلك ضمن المباحثات التي تجريها الكتل السياسية في سعيها للوصول الى حل لأزمة تشكيل الحكومة ومحاولات التوصل الى تفاهمات ولقاءات تقرب وجهات النظر بين اطراف العملية السياسية الجارية في العراق.
وتأتي هذه المفاوضات في وقت ينتظر وفد ائتلاف القوى الكردية في بغداد مواقف الكتل السياسية من مشروعه لحل الازمة السياسية الحالية كان طرحه على هذه الكتل خلال اجتماعات عقدها معها على امتداد الاسبوع الماضي.

وقد كشف اليوم النقاب عن مضمون المشروع الكردي هذا وهو يتضمن 19 نقطة اهمها المطالبة بمنصب الامين العام لرئاسة الوزراء وتأييد ترشيح الرئيس جلال طالباني لولاية ثانية واعتبار الحكومة التي سيتم تشكيلها مستقيلة في حال انسحاب الطرف الكردستاني منها وضرورة تنفيذ المادة 140 من الدستور المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها.

ويؤكد المشروع الكردي على مبدأ التوافق في القرارات والمطالبة بتمويل وتجهيز وتسليح قوات حرس الاقليم quot;البيشمركةquot; والموازنة بالمناصب في تشكيل الوزارات والتمثيل الكردستاني في الوزارات السيادية ومجلس الوزراء والهيئات المستقلة ومؤسسات الدولة كافة.

وفيما يلي نص المقترحات:
الالتزام بـ:
1. الدستور وبنوده كافة ومن دون انتقائية وحماية النظام الديمقراطي الاتحادي.
2. تشكيل حكومة شراكة وطنية تمثل المكونات العراقية الاساسية.
3. مبدأ الشراكة والمشاركة في القرار وذلك من خلال:
أ. تشكيل مجلس امن وطني من خلال تشريع يتم اقراره بالتزامن مع تشكيل الحكومة.
ب. تبني نظام داخلي لمجلس الوزراء يثبت مرجعية المجلس والقرار الجماعي وتوزيع الصلاحيات الادارية والمالية بين رئيس الوزراء ونوابه.
ج- مراعاة مبدأ التوافق.
4. تشكيل المجلس الاتحادي خلال السنة التقويمية الاولى من عمل مجلس النواب ولحين تشكيله يتمتع رئيس الجمهورية ونائباه بحق النقض.
5. تعديل قانون الانتخابات بما يحقق التمثيل العادل للعراقيين.
6. اجراء التعداد السكاني في موعده.
7. اعادة النظر بهيكليات القوات المسلحة وقوى الامن الداخلي واقرار مبدأ التوازن وتنفيذه.
8. تطبيق مبدأ التوازن في كل مؤسسات الدولة من وزارات وهيئات مستقلة...الخ.
9. تطبيق المادة 140 من الدستور وتوفير الميزانية المطلوبة لتنفيذه خلال سقف زمني لا يتجاوز السنتين.
10. المصادقة على مشروع قانون الموارد المائية خلال السنة التقويمية الاولى من عمل مجلس النواب (حسب آخر مسودة متفق عليها).
11. المصادقة على مشروع قانون النفط والغاز خلال السنة التقويمية الاولى من عمل مجلس النواب (حسب آخر مسودة متفق عليها).
12. تمويل وتجهيز وتسليح حرس الاقليم (البيشمركة) كجزء من منظومة الدفاع الوطني العراقية.
13. تأييد مرشح ائتلاف الكتل الكردستانية لرئاسة الجمهورية.
14. تعويض ضحايا النظام السابق وضمنهم ضحايا الانفال والحرب الكيماوية في حلبجة والمناطق الاخرى تعويضًا سريعًا وعادلاً.
15. التمثيل الكردستاني في الوزارات السيادية ومجلس الوزراء والهيئات المستقلة وكافة مؤسسات الدولة بصورة عادلة ووفق الاستحقاق القومي.
16. ان يكون للجانب الكردستاني حق البت في مرشحي الوزارات السيادية والوزارات الاخرى ذات الصلة بإقليم كردستان.
17. ان يكون الامين العام لمجلس الوزراء مرشحًا من ائتلاف الكتل الكردستانية.
18. تعد الحكومة الائتلافية مستقيلة حال انسحاب الطرف الكردستاني بسبب خرق دستوري واضح او عدم تنفيذ البرامج المتفق عليها.
19. تلتزم كتلة رئيس الوزراء في البرلمان وفي مجلس الوزراء بمساندة المشاريع الآنفة الذكر.

وكان وفد ائتلاف القوى الكردية المفاوض برئاسة القيادي الكردي نائب رئيس الوزراء نوري شاويس قد قدم هذه المقترحات الى القادة العراقيين الذين يتزعمون الكتل الثلاث الفائزة في الانتخابات والحاصلة على اعلى الاصوات وهم علاوي والمالكي والحكيم.