يبدو أن التونسيين عقدوا العزم هذه المرة على اسقاط حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة بسبب هيمنة وزراء منبثقين من نظام زين العابدين المنحلعليها، وتتجه الأمور في البلاد نحو مزيد من التصعيد.


تونس: اشتد ضغط الشارع في تونس للمطالبة باستقالة الحكومة الموقتة التي يهيمن عليها وزراء منبثقون من نظام زين العابدين بن علي، وخصوصا امام مقر الحكومة حيثأمضى متظاهرون قدموا من مناطق وسط البلاد الليل متحدين حظر التجول.

واثار تواصل التظاهرات طوال نهاية الاسبوع في تونس تكهنات بشأن قدرة الحكومة الموقتة على الصمود امام الضغط الشعبي فيما دعي مدرسو التعليم الابتدائي الى اضراب مفتوح الاثنين، اليوم المقرر لاستئناف الدراسة.

في هذه الاثناء، اعلنت وكالة تونس افريقيا للانباء الحكومية توقيف العربي نصره صاحب قناة حنبعل التونسية الخاصة بتهمة quot;الخيانة العظمى والتآمر على امن الدولةquot; بهدف عودة الرئيس المخلوع بن علي للسلطة. وامام قصر الحكومة، قال الطالب نزار المتحدر من سيدي بوزيد (وسط غرب) والذي كان يردد اناشيد ثورية ضمن مجموعة من 20 طالبا، quot;لن نغادر هذا المكان قبل ان ترحل الحكومةquot;.

وكان نزار مساء ضمن مئات من المتظاهرين المطالبين برحيل حكومة محمد الغنوشي، من امام مقر الحكومة حيث تظاهر آلاف، بينهم نقابيون واسلاميون ويساريون ومواطنون عاديون من اعماق البلاد والعاصمة قدموا مع نسائهم واطفالهم، للغرض ذاته.

ومعظم هؤلاء من الشباب الريفي الفقير الذين انطلقوا السبت من ارياف ومدن الوسط الغربي مهد quot;ثورة الياسمينquot; التي تعرضت لقمع دام خلف اكثر من مئة قتيل بحسب الامم المتحدة، ووصلوا فجرا الى العاصمة في مسيرة سموها quot;قافلة التحريرquot;.

وبدأوا ينظمون انفسهم لقضاء ساعات الليل البارد، في اكياس معدة للنوم او خيم فيما جلب لهم سكان طعاما. وقال ضابط في الجيش التونسي طلب عدم كشف هويته لوكالة فرانس برس quot;سنتركهم على الارجح يمضون الليل هنا لانهم قدموا من اماكن بعيدة ولا يمكنهم الذهاب الى اي مكان، لكننا سنمنعهم من التحركquot;.

وانضمت مجموعة قوامها 300 شخص من سكان القصرين (وسط غرب) المعقل الاخر للانتفاضة الشعبية التي اسقطت في شهر نظام بن علي، الى المتظاهرين قبل 45 دقيقة من حلول موعد حظر التجول. واشارت رسائل عبر موقع فايسبوك على الانترنت الى مجموعات اخرى في صدد التشكل في المدن التونسية للانضمام الاثنين الى المتظاهرين في العاصمة.

وهتف المشاركون في quot;قافلة التحريرquot; منذ فجر اليوم في شوارع العاصمة المقفرة ووسط برد قارس، quot;الشعب يريد اسقاط الحكومةquot;. وانضمت اليهم مجموعات اخرى من المتظاهرين. ويبدو ان الحكومة التي تواجه احتجاجات واسعة، تراهن على تراجع هذه الاحتجاجات في الايام المقبلة وتعمل جاهدة على اعادة الحياة الى طبيعتها في البلاد خصوصا من خلال اعادة اطلاق الانشطة الاقتصادية.

وسيشكل يوم غد الاثنين اختبارا لمعرفة موازين القوى في الصراع بين الحكومة والشارع الذي بدأ تحركه الاسبوع الماضي. ومن المقرر ان يستأنف تلاميذ التعليم الاساسي (ابتدائي واعدادي) وقسم من تلاميذ الثانويات الاثنين الدراسة في المدارس التي اغلقت منذ العاشر من كانون الثاني/يناير قبل اربعة ايام من فرار بن علي الى السعودية.

غير ان نقابة التعليم الابتدائي دعت الى quot;اضراب عام مفتوحquot; اعتبارا من الاثنين يوم العودة الى الدراسة، للمطالبة بتشكيل حكومة جديدة لا تضم وزراء من عهد بن علي. ودعا وزير التعليم العالي والمعارض السابق احمد ابراهيم المدرسين الى عدم تلبية الدعوة الى هذا quot;الاضراب غير المسؤولquot; وذلك خلال اجتماع لحزبه حركة التجديد اليوم.

في هذه الاثناء، اعلنت السلطات الاحد توقيف اثنين من اقرب مستشاري بن علي ووضعهما قيد الاقامة الجبرية هما عبد العزيز بن ضياء وزير الدولة السابق والمستشار الخاص لبن علي وعبد الله القلال رئيس مجلس المستشارين ووزير الداخلية السابق. كما اعلنت وكالة الانباء الحكومية ان عبد الوهاب عبد الله مستشار بن علي ومهندس السياسة الاعلامية للنظام quot;محل تفتيشquot;.

كذلك، تم توقيف مالك قناة quot;حنبعلquot; التونسية الخاصة العربي نصره وابنه بتهمة quot;الخيانة العظمى والتآمر على امن البلادquot; بهدف اعادة quot;ديكتاتورية الرئيس السابقquot;، بحسب مصدر رسمي. وبعيد ذلك توقف بث القناة لساعات.

لكن قناة quot;حنبعلquot; التي تأسست في 13 شباط/فبراير 2005 عاودت البث مع شعار quot;صوت الشعبquot;، عبر برنامج اعطت فيه الكلمة لاحدى ضحايا ليلى الطرابلسي زوجة بن علي، محمد البوعبدلي وهو مالك ثانوية خاصة اجبر على غلق مؤسسته الشهيرة في تونس.