تقول الحكومة البريطانية إنها عاجزة عن ترحيل عدد من الأجانب المُدانين بالإرهاب أو بالهجرة غير الشرعية بفضل تمسكهم بقوانين حقوق الإنسان، ولهذا أعلنت أنها ربما تبطل هذه القوانين، على أن المنتقدين يتصدون بقوة لهذا الأمر.


شامي شامرابارتي مديرة laquo;ليبيرتيraquo; لحقوق الإنسان

يبدو أن حكومة المحافظين في بريطانيا قررت السير في اتجاه سيجرّ عليها نقمة واسعة النطاق تشمل ايضا شركاءهم في الحكم الليبراليين الديمقراطيين.

فقد أعلنت وزيرة الداخلية، تيريزا ماي، أنها قد تلقي بثقلها وراء دعوات لإلغاء تلك الأجزاء من حقوق الإنسان التي تمس بشكل خاص مستويات الهجرة الى البلاد واولئك المتهمين بمختلف أشكال الإرهاب والإجرام. وقالت الوزيرة في حوار أجرته معها صحيفة laquo;تليغرافraquo; إنها laquo;شخصياraquo; تفضل إلغاءها بسبب laquo;المشاكل الهائلة التي تُغرق فيها وزارة الداخلية. فهي تكبّل ايدينا عندما يتعلق الأمر بالمتهمين بالإرهاب والجرائم الخطرةraquo;.

وما لا شك فيه هو ان تصريحات الوزيرة - التي تأتي عشية بدء مؤتمر حزبها السنوي في مانشستر - ستروق للعديد من المحافظين الذين طالما اشتكوا من استغلال الأجانب المدانين بأعمال إجرامية لقوانين حقوق الإنسان سعياً الى تجنب ترحيلهم من البلاد.

ويذكر أن قطاعا كبيرا من المجرمين الأجانب المدانين يتمسكون بالبقاء داخل الأراضي البريطانية لأنهم يعلمون أن نوع قوانين حقوق الإنسان التي تسود فيها تغيب في بلادهم، وأنهم سيتعرضون على الأرجح الى أقسى أنواع المعاملة في حال عودتهم اليها.

وقد ظل هذا الأمر يثير جدلا حامي الوطيس بين ولاة الدفاع عن حقوق الإنسان بأي ثمن - بما في ذلك إيواء المجرمين الأجانب الذين قد يتعرضون للتعذيب في حال إعادتهم الى أوطانهم - واولئك الذين يقولون إن أمن الأمة يأتي قبل كل شيء آخر.

وعلى رأس الفريق الأول تقول شامي شامرابارتي، مديرة جماعة laquo;ليبيرتيraquo; المعنية بحقوق الإنسان: laquo;على المحافظين التفكير في قيم حقوق الإنسان التي يمكن اعتبارها حقا بين أهم التركات التي خلّفها ونستون تشيرتشل وراءه. ومن ازدواج المعايير ان يدعو أي حزب بريطاني رئيس لترقية هذه القيم في دول الشرق الأوسط وفي الوقت نفسه يبطل مفعولها في بلادهraquo;.

وكان نِك كليغ، زعيم الديمقراطيين الليبراليين الشركاء في الحكم، قد قال أمام مؤتمر حزبه السنوي في بيرمنغهام قبل اسبوعين إن قوانين حقوق الإنسان البريطانية، المستقاة من الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان laquo;ستظل باقية ما دمنا في السلطةraquo;.

وزيرة الداخلية تيريزا ماي

وشرح، كريس هون، وزير الطاقة وأحد أعمدة الليبراليين هذه الكلمات بصريح العبارة قائلا: laquo;حقوق الإنسان من الأهمية بحيث إن إصرار المحافظين على المضي في مشروعهم هذا، قد يعني أن نفضّ الائتلاف بينناraquo;. وقال إن حقوق الإنسان هي laquo;أقوى حصون رجل الشارع في وجه سلطة الدولة، ولذا فلا سبيل البتة الى إلغائها وإن وعدت الحكومة ببدائل معدّلة لهاraquo;.

ومن جهة العمال اتهم صديق خان، وزير العدل في حكومة الظل، تيريزا ماي بـlaquo;الانصياع لنزوات اليمينين داخل حزبهاraquo;. وأضاف قوله: laquo;سياسات الحكومة في كل ما يتعلق بالهجرة والإرهاب وحقوق الإنسان ركام هائل من الفوضى. وتصريحات وزيرة الداخلية تظهر بجلاء ضعف حكومتها وكونها ذات وجهين في مجال حقوق الإنسان الأساسيةraquo;.

لكن المحافظين يشيرون الى حوادث عدة أمضى فيها مجرمون أجانب مدانون بالإرهاب عقوباتهم في السجن وأفرج عنهم من دون إعادتهم الى بلادهم فقط لدفعهم بأنهم قد يتعرضون للتعذيب في أوطانهم. وعادة ما يقول هؤلاء إن قوانين حقوق الإنسان البريطانية تكفل لهم حق البقاء في البلاد، وإن كان هذا ينطوي على خطر قيامهم بأعمال إرهابية وإجرامية أخرى أو التخطيط لتنفيذها.