غزة: يراقب الطفل شادي بعينيه طائرة استطلاع اسرائيلية يملأ صوتها سماء مدينة غزة ويعبر بتهكم عن خوفه من صواريخها المفاجئة، قائلا quot;الزنانة شغلها الشاغل الضجيج والتشويشquot;.

ويسمي الغزيون طائرات الاستطلاع هذه بدون طيار quot;الزنانةquot; بسبب صوتها الصاخب. وهي تحلق على ارتفاع منخفض في اجواء قطاع غزة خصوصا في الاسبوع الاخير ويمكن رؤيتها بالعين خصوصا في المناطق المفتوحة.

ويتساءل شادي العمارين (12 عاما) وهو من سكان حي الزيتون شرق المدينة quot;هل في اسرائيل زنانة فوق رؤوس اولادهمquot;، مضيفا بغضب ان quot;زناناتهم تحرمنا النومquot;.

وفي اذهان الغزيين، ترتبط طائرات الاستطلاع هذه وهي بدون طيار، باغتيال عشرات القادة والنشطاء الذين سقطوا بصواريخها. ويبدو ان استمرار تحليقها يزيد التوتر وquot;يعمق الصدمات النفسيةquot; خصوصا للاطفال، حسب اخصائي في الطب النفسي.

ويقول سمير زقوت لوكالة فرانس برس ان هذه الطائرة تمثل quot;رمزا للقتل والتدميرquot;، لذلك يسبب quot;ضجيجها صدمات نفسية قاسية خصوصا لدى الاطفال، من اضطراب وفزع بالليل وزيادة التبول اللاارادي وعنف زائدquot;.

ويعاني اكثر من سبعين بالمئة من اطفال غزة من quot;تأثير سلبيquot; بسبب الزنانة والقصف، حسب زقوت.
وهو يرى ان تحليق الزنانة في الاجواء يجعل الطفل في حالة quot;توتر شديد تجعله يتوقع قصف وقتل وهذا الانتظار اصعب من الموت. فالعقل يبقى في حالة غليان دائم هكذا يريد الاسرائيليونquot;، على قول الخبير نفسه الذي قال quot;هذه جرائمquot;.

وتقول ابتسام ابو سيف (40 عاما) وهي ربة اسرة ببعض العصبية quot;حسبي الله على الزنانة، ترعب الكبار واولادي الصغار لا ينامون في غرفتهم لوحدهم الان ولا نهنأ بمشاهدة التلفزيون لتشويش الزنانةquot;.

ويبدو ان الطفل احمد (تسعة اعوام) غير مقتنع بان الزنانة تحلق في الجو، بل يرى انها quot;داخل بيتهquot;.

اما سائق سيارة الاجرة زياد الغريب (26 عاما) فيشبه هذه الطائرات quot;بالدبور المزعجquot;.

ويعتقد الشاب وهو يمعن النظر في السماء لرؤية الزنانة ان اسرائيل quot;تريد ان نعيش باجواء حرب دائمة بدلا من الفرح بعيد الاضحىquot; الذي يبدأ الاحد.

ويطلق بعض الشباب نكات ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي وبواسطة رسائل قصيرة على الهواتف المحمولة.

ويقول مصطفى وهو بائع في محل للحلويات بغزة ان الزنانة quot;استأجرت مساحة من سماء غزة وحولتها الى منجرةquot;، في اشارة الى اجهزة صناعة الاخشاب ذات الاصوات الصاخبة.

وبسخرية تضيف مادلين وهي تلميذة في الصف العاشر ان الزنانة quot;استأجرت طريق غزة الجوي للعمل كسيارة اجرة عموميquot;.

ولا تؤمن ابتسام ابو سيف بان التهدئة حقيقية quot;طالما الزنانة ضيف حاضرquot;، وتقول ان quot;نوايا اسرائيل غير مطمئنةquot;.

ومنذ مساء الاحد تسود تهدئة متبادلة بين الفصائل الفلسطينية واسرائيل على حدود القطاع بعد جهود بذلتها مصر مع الطرفين اثر التصعيد الدامي.

ولم تمنع التهدئة quot;الزنانةquot; من مواصلة نشاطها بكثافة في غالب الاحيان لرصد تحركات المقاتلين الفلسطينيين،لكنها تختفي فجأة احيانا.

ويتخذ المقاتلون احتياطات امنية عديدة لتلاشي ضربات جوية اسرائيلية.

ووجهت سرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الاسلامي نداء عبر الراديو (اللاسلكي) لعناصرها ان quot;اختفاء الزنانة مصيدةquot;. وتتابع الرسالة quot;الانتباه الانتباه الزنانة في الاجواء ..عليكم اخذ الحيطة والحذرquot;.

ويقول احمد الخطيب صاحب محل صيانة هواتف خليوية بسخرية الزنانة quot;تزعج الناس وتحرمنا النوم ولكنها عمياء لاترى صواريخ المقاومةquot;.

وفيما طائرات الاستطلاع لم توقف تحليقها شن الطيران الحربي الاسرائيلي سلسلة غارات جوية اسفرت عن مقتل 12 غالبيتهم من مسلحي الجهاد الاسلامي.

لكن مقاتلين اطلقوا عشرات صواريخ quot;غرادquot; وقذائف المورتر على البلدات الاسرائيلية المتاخمة للقطاع ادت لقتل شخص واحد قبل بدء سريان التهدئة.

وبث الجهاد اطلاق صواريخ غراد من راجمات محمولة على مركبة للمرة الاولى ما وصفه مختصون بالشؤون العسكرية تطورا quot;نوعيا للمقاومةquot;.

ويعتبر الحقوقي مصطفى ابراهيم تحليق الزنانة quot;انتهاك لابسط حقوق الانسانquot;.

وفي اشارة رمزية للاحتجاج على الزنانة قام عشرات الشبان والصبية الاثنين بالكتابة quot;ارحليquot; باللغة الانجليزية بقطع خشب صغيرة على ارض ساحة quot;الكتيبةquot; المزروعة بعشب النجيل غرب غزة.

وهم يحلمون ان تغيب الزنانة عن سماء غزة لينعموا بالنوم كما يؤكد احد النشطاء.