تظاهرة إحتجاجية في تونس

ينتظر الشعب التونسي قيام الحكومة الجديدة برئاسة الأمين العام لحركة النهضة حمادي الجبالي، في الأيام القليلة القادمة، على أمل أن تحقق هذه الحكومة مطالب شعبها، بتأمين الاستقرار وفرص العمل وتحسين المستوى الاقتصادي، ووقف الاحتجاجات القائمة في البلد خلال هذه الفترة.


تونس: في انتظار الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة الأولى، في الجمهورية التونسية الثانية برئاسة الأمين العام لحركة النهضة حمادي الجبالي، يبني الشعب التونسي أحلامه لعل هذه الحكومة تكون قادرة على توفير مطالب التونسيين، التي منها ما هو مستعجل ولا يحتمل الإنتظار كإعادة الإستقرار الأمني وإيجاد حلول للبطالة ومحاسبة من أجرم بحق هذا الشعب، وقتل الشهداء وسرق الخيرات. وبالتالي يرى خبراء ومواطنون تونسيون أنّ الحكومة الجديدة مطالبة بفتح هذه الملفات المستعجلة والإستجابة لانتظارات الشعب التونسي برغم صعوبة المهمة إذا علمنا أنّ أغلب هذه المطالب هي اجتماعية بالأساس .

تتميز الحكومة الجديدة بحسب خبراء تونسيين ومن خلال بعض التسريبات، برغبة واضحة من حركة النهضة في مواصلة الاستمرارية مع الحكومة السابقة، حيث ستعمل على توجيه رسائل طمأنة لبقية القوى الوطنية والعلمانية بصفة خاصة و ذلك من خلال منح حقائب وزارات الداخلية والدفاع والتربية لوجوه مستقلة من التكنوقراط، وهو ما يجعل من الحكومة القادمة برئاسة حمادي الجبالي قريبة من حكومة تصريف الأعمال، مع العمل على إدخال بعض الإصلاحات الضرورية التي تتطلبها المرحلة الإنتقالية القادمة.

من جانبه أكد محمد عبّو، عضو المجلس الوطني التأسيسي عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، أن الحكومة الجديدة عليها أن تبدأ فورا ومنذ تركيزها، القيام بإصلاحات هامة تجمع بين الإجتماعي والإقتصادي والسياسي.

وأضاف محمد عبو أنّ الشرعية التي منحها الشعب التونسي لهذه الحكومة تمكنها من القيام بدورها على أحسن وجه وبكل ثقة وثبات من أجل تحقيق مطالب هذا الشعب. ومن أبرز الإصلاحات المستعجلة التي يجب الشروع بها التعويض على أسر الشهداء وضحايا الثورة من جهة، وضحايا الإستبداد منذ ستين عاما واعتراف الدولة بأخطائها عندما تمّت التعدي عليهم وسلبهم حقوقهم المشروعة وذلك من أجل تحقيق المصالحة الوطنية، ومحاسبة الأشخاص الذين أذنبوا بحق التونسيين سواء بالتعذيب أو الفساد المالي .

من ناحيته قال الخبير د. محمد الفريوي أنّ الحكومة القادمة والتي ينتظر أن يتم الإعلان عنها في الأيام القادمة، عليها أن تقوم بعملين هامين لا يمكن الإستغناء عن أي منهما وهما فعلا عملان متلازمان، أي أنّ عليها أن تبني بيد وتطهر باليد الأخرى. وقد قيل قديما quot;اشغلهما بالمنفعة قبل أن يشغلاك بالمعصيةquot;، وعندما نقول البناء بيد، نقصد بذلك الإستجابة لمطامح ومطالب الشعب الآنية والتي لا تحتمل الإنتظار في هذه الفترة الحرجة، وهي أولا تأمين فرص العمل وديناميكية الإقتصاد ومعالجة غلاء المعيشة والإنتاج والتطهير.

و يشير د. الفريوي لـ quot;إيلافquot; إلى نمط المجتمع الجديد والمبادئ التي قامت عليها ثورة الحرية والكرامة، فيقول : quot;نحن في جمهورية جديدة وفكير جديد وعندما نريد أن نبني مجتمعا جديداً يطرح السؤال: ما هو نمط المجتمع الجديد الذي نبتغيه؟ وهذا يتبعه نقاش مستفيض ومنه القيم الأساسية التي يقوم عليها سلوك المجتمع و التي قامت عليها ثورة الحرية و الكرامة وهي المصداقية و الجزاء على قدر الإستحقاق، ثم الحكومة الرشيدة بمعنى إعطاء المسؤولية لكل مت يملك الكفاءة للعمل كي يساهم، و بالتالي لا للإقصاء والتهميش ثم الشفافية المطلقة لآعتماد الثوابت الأساسية لقيام نظام متواصل والإنصاف في التعامل بين كافة أصحاب القرار والمتدخلين فيه، كي يشعر كل واحد من هؤلاء أنه مسؤول فعلاً ومنصهر ومندمج في برنامج العمل. إلى جانب المساءلة، أي أن يعرف أن هناك مساءلة ستتم يوما ما ليظهر تفاصيل ما فعل وما لم يفعل، أي أن هناك جزاء على قدر الإستحقاق والعمل لأن هناك إشعاع ومصداقية وتنافس من أجل الصالح العام وتغذية روح المبادرة والإضطلاع بالمسؤولية في ظل المساءلةquot;.

ويؤكد د. منجي المقدم، على إشارات الطمأنة التي ترسلها حركة النهضة : quot;الحكومة في جلها تحت سلطة حركة النهضة وحتى الآن لم نفهم شيئا، فهم الآن يحاولون إشاعة الطمأنينة في صفوف الشعب التونسي وذلك بالإبقاء على كل شيء وعدم المساس بما من شأنه أن يسبب البلبلة أو عدم الإستقرار. وقد طمأنوا البورصة والإتحاد العام التونسي للعمل، بما معناه أن المنوال القديم للإقتصاد التونسي سيتواصل ولن يكون هناك إصلاحات جوهرية. ونحن نعرف جيداً أن شكل التنمية هذا هو الذي أفرز مشاكل الفقر والبطالة وبسببه كانت الثورة كما أن برنامج حركة النهضة الإقتصادي ليس مشروع تنمية جديد فعليا، بل هو مجموعة من الإجراءات يتطلب أغلبها سنواتquot;.

وعن توقعات الشعب التونسي من هذه الحكومة يوضح د. منجي المقدم ل quot;إيلافquot;: quot;ما ينتظره الشعب التونسي من هذه الحكومة الجديدة التي تسيطر عليها حركة النهضة، هو اتخاذ إجراءات عاجلة ضرورية لا بد من فتح ملفاتها، وخاصة على المستوى الإجتماعي فما حدث في الأيام الماضية من فيضانات تسبب في مصيبة لعدد كبير من أفراد الشعب التونسي كما أن الإضرابات والإعتصامات عادت من جديد لتشل عدد من القطاعات الحيوية، وبالتالي شلّ الإقتصاد التونسي الذي هو بحاجة أكيدة للعودة إلى سالف نشاطهquot;.

و يشير المقدم إلى إصلاحات جوهرية ضرورية فيقول: quot;إلى جانب هذه الإصلاحات العاجلة والضرورية، لا بد من القيام بإصلاحات جوهرية من أجل بناء اقتصاد على أسس جديدة، ولكن من الذي سيقوم بهذا في ظل هذه الضبابية التي نعيشها وخاصة الفترة التي ستدوم فيها هذه الحكومة؟ وهذا بالطبع سينعكس على الإستثمار الوطني والأجنبي وهو ليس في صالح الإقتصاد الوطني، فالمستثمرون المحليون منهم والأجانب يطرحون بعض الأسئلة حول الإستثمار ولكنهم لا يجدون أجوبة، وبالتالي ما على الحكومة الجديدة إلا أن تعمل على نشر الطمأنينة وبث الثقة بين المستثمرين من خلال إشارات واضحة، إلى جانب ايقاف هذه الإضرابات والإحتجاجات في عدد من مناطق البلادquot;.

أما نور الدين الدبابي (مدرس) فيتكلم عن انتظارات الشعب التونسي بعد الإعلان عن الحكومة الجديدة قائلاً: quot;ينتظر التونسيون الإعلان الرسمي عن أعضاء التشكيلة الحكومية التي تستمد شرعيتها من انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، فماذا ينتظر منها الشعب؟

يريد الشعب التونسي تطهير قطاعات عدة من وجوه الفساد والرشوة والمحسوبية وغيرها، خاصة في القضاء والإعلام والداخلية، لما لها من انعكاسات مباشرة على حقوق الناس وحرياتهم. لذا يطالبون وبإلحاح من الحكومة بإصلاح ما يمكن إصلاحه، وتغيير الوجوه المتورطة، حتى يطمئن المواطن وتعود إليه الثقة التي فقدها منذ عقود رغم إدراكه بصعوبة المرحلة وقصر المدة التي ستدير فيها الحكومة شؤون البلاد. هذا على المستوى السياسي، أما اقتصاديا واجتماعيا فمن أولويات الحكومة، توفير مواطن عمل عديدة لآلاف العاطلين عن العمل، لأن الثورة قامت بالأساس على الكرامة، وتحقيق هذه القيمة لا يتأتى إلا بتوفير العمل وكذلك الإهتمام بالمناطق الداخلية التي كانت ولا زالت خارج الدورة الإقتصادية، والتي طالها التهميش مدة عقود عديدةquot;.

من جانبه يرى الأستاذ الحبيب السباح أنّ الطموحات كبيرة والإنتظارات أكبر:quot; انطلقت أشغال المجلس التأسيسي وبعد أيام سيتم تشكيل الحكومة التي طال انتظارها من طرف الشعب الذي عانى مرارة الحرمان من المشاركة في صنع القرار لعقود عديدة. فهل ستلبي الحكومة القادمة آمال هذا الشعب؟

أعتقد أن ذلك لن يتم ما لم تسارع الحكومة، إلى الإنكباب على إيجاد الحلول الفورية للقضايا العاجلة، والتي من أهمها قضية التشغيل، من خلال اجراءات اقتصادية تتلاءم و الواقع المحلي والدولي، والمسارعة إلى فتح ملفات الفساد على أساس العدالة الإنتقالية التي تجمع بين المحاسبة والمصالحة وتفكيك هذه المنظومة التي نخرت الإدارة التونسية عبر جملة من القوانين والتشريعات والأساليب الرقابية الفاعلة والناجعة والحرص على الإسراع بوضع دستور للبلاد يضمن الحريات الفردية ويكرس حقوق الفرد بمفهومها الشامل ويحقق العدالة الإجتماعية ويحفظ الكرامة و يحقق للشعب النظام الجمهوري الذي يفصل بين السلطات ويضمن تحول أي سلطة منهاquot;.