أحداث السفارة البريطانية في طهران

في حين تؤكد إيران أن برنامجها النووي هو لأغراض سلمية فقط، تسعى الولايات المتحدة ودول أخرى إلى إبطاله. ويعتقد خبراء في الشؤون الإيرانية أن الهدف هو إجهاض مشاريع طهران والاستغناء عن ضربة جوية توجّهها إسرائيل أو أميركا لإنهاء التهديد الإيراني أو إضعافه.


لندن:يعتقد العديد من المسؤولين السابقين في أجهزة الاستخبارات الأميركية والخبراء في الشؤون الإيرانية أن الانفجار، الذي وقع في قاعدة عسكرية إيرانية في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، يشكل حلقة جديدة في مخطط سرّي، أعدّته الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى، لإبطال برامج إيران النووية والصاروخية.

ويقول هؤلاء الخبراء إن الهدف هو إجهاض مشاريع إيران لامتلاك قدرات عسكرية نووية، والاستغناء عن ضربة جوية توجّهها إسرائيل أو الولايات المتحدة لإنهاء التهديد الإيراني أو إضعافه.

ونقلت صحيفة لوس أنجيلوس تايمز عن باتريك كلوسن مدير المبادرة الأمنية بشأن إيران في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن هناك على ما يبدو حملة من الاغتيالات والحرب الالكترونية وأعمال تخريبية يجري الاعتراف بها نصفيًا، على حد تعبيره. ولكن المحللين يستبعدون أي شكل من أشكال الاعتراف، مؤكدينأن أية عملية كهذه ستكون سرّية للغاية، ومن له علم بها لا يتحدث عنها.

وتسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها منذ سنوات إلى تخريب برامج إيران التسلحية بتزويدها سرًّا بقطع أو تصاميم أو برمجيات معطوبة، كما يقول مسؤولون استخباراتيون سابقون. ولم يُقدَّم أي دليل على وقوع أعمال تخريب، ولكن برنامج إيران النووي اصطدم بعقبات لا شك فيها، عطّلت تقدمه خلال السنوات الأخيرة.

وقال الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية آرت كيلر إن مهمة القسم الخاص بمنع الانتشار النووي في الوكالة، هي أن يفعل كل ما يلزم لتأخير برنامج أسلحة الدمار الشامل الإيراني. وتؤكد إيران أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط.

ويقول العديد من الخبراء الغربيين إنهم على اقتناع بأن مهندسين أميركيين وإسرائيليين زرعوا الفيروس ستاكسنت في أجهزة الطرد الإيرانية عام 2010. ولم تعترف الولايات المتحدة أو إسرائيل بأي دور في هذا الهجوم الالكتروني. ولم تعلن أية جهة أخرى عن مسؤوليتها عن مقتل اثنين من كبار علماء إيران النوويين في العام الماضي.

أثارت هذه الحوادث اهتماماً خاصًا في مؤسسات البحث الأميركية، حيث تابع الخبراء المتخصصون في الشؤون الإيرانية التقارير التي تحدثت في وسائل الإعلام الإيرانية عن انفجارات مجهولة الأسباب في أنابيب لنقل الغاز ومنشآت نفطية وقواعد عسكرية. ويشير بعض هؤلاء الخبراء إلى ضلوع وكالة المخابرات المركزية وجهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد بمساعدة محتملة من منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة.

وتقول إيران إنها ألقت القبض على عشرات من المخبرين وعملاء وكالة المخابرات المركزية في الأشهر الماضية، واعترف مسؤولون أميركيون بانكشاف بعض المخبرين في إيران من دون أن يبينوا لماذا وأين. وفي تشرين الأول/أكتوبر أعلن مسؤولون أميركيون الكشف عن مؤامرة إيرانية لاغتيال السفير السعودي في واشنطن.

ويحذر محللون من افتراض أن وكالة المخابرات المركزية تقف وراءكل الهجمات في إيران، قائلين إن ذلكمغالاة في قدرات الاستخبارات الأميركية، لكنهذا لا يستبعد دعم الولايات المتحدة لأجهزة استخبارات حليفة في أوروبا والشرق الأوسط هي أيضًا تستهدف أنشطة إيران النووية والعسكرية.

ونقلت صحيفة لوس أنجيلوس تايمز عن خبير يعمل مع الاستخبارات الأميركية إنه على اقتناع بأن إسرائيل وراء الفيروس ستاكسنت، وليس الولايات المتحدة، لأن محامي الحكومة الأميركية ما كانوا ليوافقوا على استخدام فيروس كومبيوتر يمكن أن ينتشر أبعد من الهدف المقصود، كما فعل ستاكسنت. ويفترض هذا التحذير أن المحامين يعرفون أن الفيروس يمكن أن ينتشر.

وليسمن المؤكدأن حكومة الولايات المتحدة توافق على استهداف العلماء الإيرانيين بعمليات اغتيال. وكان أمر تنفيذي وقّعه الرئيس ريغان عام 1981 منع المشاركة المباشرة أو غير المباشرة في عمليات اغتيال، رغم أنه لم يحدد فترة المنع.

وأصدر الرئيس أوباما موافقته على قتل عناصر تنظيم القاعدة وغيرهم من المتطرفين، بمن فيهم مواطن واحد على الأقل من مواطني الولايات المتحدة قُتل في اليمن.

ويذهب محللون إلى أن الولايات المتحدة ما كانت لتوافق على حملة تفجيرات، أسفرت عن مقتل عمّال إيرانيين في مصافي نفط إيرانية ومنشآت مدنية أخرى.فإن ذلك سيكون بمثابة رعاية للإرهاب، وهي تهمة دأبت واشنطن على توجيهها إلى طهران.

وقال المسؤول الاستخباراتي السابق في وزارة الخارجية الأميركية غريغ تيلمان إنه لا يعتقد أن الولايات المتحدة شاركت في استهداف علماء أو تنفيذ هجمات ضد منشآت نووية إيرانية. وأضاف إن بيع الإيرانيين مكونات وقطعًا مغشوشة ودسّ برمجيات خبيثة هو ما يبدو أنه يقع في دائرة ما يمكن توقعه من أنشطة الاستخبارات الأميركية.

وقال الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية رويل مارك غيريشت، الذي كان متخصصًا في الشؤون الإيرانية، إنه لا يعتقد أن وكالة المخابرات المركزية قادرة على شنّ حملة تخريب سرّية معقدة داخل إيران، حيث ليس للولايات المتحدة سفارة منذ عام 1979.

وأيًا يكن السبب، فإن أنباء الاغتيالات، التي لم يُكشف عن مرتكبيها، والتفجيرات التي لا يوجد تفسير لها، والفيروسات الالكترونية الخبيثة... هزّت الإيرانيين، وخاصة العاملين في البرنامج النووي، كما يقول محللون، ولعل هذا هو المقصود. وقال الخبير كلوسن إن لهذه العمليات تأثيرًا بالغًا. إذ سيتعيّن على الإيراني المنخرط في هذه الأنشطة أن يبقى مستنفرًا مشدود الأعصاب، لا يعرف ما سيحدث عندما يفتح حاسوبه ولا يعرف إن كان قادرًا على ائتمان زميله في العمل.