الصحافي الكندي الإيراني الأصل مزيار بهاري

أدان مكتب الاتصالات البريطاني المعني بضمان حيادية الإعلام فضائية laquo;برس تي فيraquo; الإيرانية العاملة في لندن لأنها بثّت اعترافاً لمراسل laquo;نيوزويكraquo; في طهران قال فيه إنه عميل أميركي وحجبت انتزاع هذا الاعتراف منه تحت التهديد بقتله. وفرض المكتب عليها غرامة قياسية في تاريخ الإعلام في بريطانيا.


laquo;برس تي فيraquo; Press TV واحدة من عدد كبير من الفضائيات الأجنبية و/أو العرقية و/أو الدينية التي تعج بها العاصمة البريطانية. وهي مملوكة لشركتها الأم laquo;برس تي في انترناشنونالraquo; في طهران، ويُنظر اليها باعتبارها أكبر بوق للدعاية الإيرانية في عموم الغرب.

وهذا بحد ذاته لا يشكل عائقا أمام عمل هذه الفضائية، لكنها أدينت الآن - بعد تحقيقات دامت سنتين - بانتهاك اللوائح الإعلامية البريطانية. ولهذا فقد فرضت عليها غرامة قياسية قدرها 100 ألف جنيه (165 ألف دولار) أصدرها عليها laquo;مكتب الاتصالاتraquo; (اوفكوم). وهذا المكتب هو الجهة المناط بها - ضمن أشياء أخرى - ضمان حياد الأجهزة الإعلامية والتزامها بمعايير الأمانة المهنية.

التهمة التي أدينت بها الفضائية الإيرانية تصنّف رسميا تحت باب laquo;انتهاك الخصوصيةraquo;. وقد وجهت لها بعدما بثت laquo;لقاءًraquo; مع مزيار بهاري، الصحافي الإيراني - الكندي العامل لمجلة laquo;نيوزويكraquo; الأميركية عندما كان نزيلا في سجن إيفين في طهران بتهمة ترويجه لمعلومات وصفها نظام الملالي بأنها laquo;كاذبةraquo;. وبثت الفضائية اللندنية اللقاء الذي اعترف فيه بهاري (43 عاما) بالذنب لكنها حجبت، تبعا لمكتب الاتصالات البريطاني، حقيقة أن هذا الاعتراف انتزع خلال سوء معاملته وتهديده بالإعدام بينما كان سجينا.

جورج غالاواي يقدم برنامجه laquo;كومينتraquo; على شاشة laquo;برس تي فيraquo;

ويذكر أن غرامة الـ100 ألف جنيه، التي تأتي متصادفة مع هبوب الزوبعة الدبلوماسية بين إيران وبريطانيا وإغلاق سفارتي البلدين في طهران ولندن، تعتبر قياسية وتتجاوز كثيرا الرقم السابق الذي عاقب به مكتب الاتصالات هيئة الإذاعة البريطانية laquo;بي بي سيraquo; في 2008 وهو 80 ألف جنيه (132 ألف دولار). وكانت هذه العقوبة بسبب أن الهيئة بثّت حوارا ضمّ ألفاظا نابية بحق كوميدي متقدم في السن بين اثنين من نجوم التلفزيون البريطاني.

ونقلت صحف أن تدهور العلاقات الإيرانية البريطانية ربما جاء لصالح الفضائية الإيرانية. فقد قيل إن مكتب الاتصالات اكتفى بالغرامة لأنه تخوّف من أن يوصم هو نفسه بالتحيّز السياسي في حال طبّق العقوبة المتوقعة في الظروف العادية إزاء مسلك برس تي في.. وهي نزع رخصتها بما يعني إغلاقها بالكامل.

وفي تصريحات نقلتها تلك الصحف قال مزيار بهاري، الذي يعيش في لندن الآن، إن غرامة مكتب الاتصالات laquo;تؤكد أن برس تي في الإيراني يضرب عرض الحائط بمعايير المهنية الإعلامية. وحقيقة أن القائمين على شؤونه عرّضوا حياتي للخطر وبثّوا شريطا يظهر اعترافي بالذنب وهم يعلمون أنه انتزع مني تحت التعذيب ليست مسألة جديدة. فهم أصحاب سوابق عديدة لهذا المسلك المشينraquo;.

يذكر أن بهاري كان قد اعتقل في طهران وهو ينقل لمجلة laquo;نيوزويكraquo; وقائع تظاهرات الاحتجاج التي صاحبت إعلان فوز محمود أحمدي نجاد بالرئاسة في انتخابات 2009 المعتبرة مزوّرة على نطاق واسع. وهددته السلطات بالإعدام في حال امتنع عن الاعتراف على التلفزيون بأنه عميل للإعلام الغربي، وخاصة الأميركي، الذي يؤجج نار الاحتجاجات في إيران.

وقال مكتب الاتصالات البريطاني إن تهمة laquo;انتهاك الخصوصيةraquo; خطيرة للغاية في هذه الحالة بالذات. فقد قررت فضائية برس تي حجب حقيقة أن اعتراف بهاري انتزع تحت سوء المعاملة والتهديد بالقتل. والأسوأ من هذا هو أن قرارها هذا كان يحمل في طيّاته تدمير حياته المهنية كصحافي ملتزم بالحياد الإعلامي. وأضاف المكتب أن الفضائية أعادت بث laquo;اللقاءraquo; مع بهاري وتجاهلت تحذيرات عدة أصدرها لها من أن هذا ينتهك لوائح الإعلام البريطانية.

يذكر أن الفضائية الإيرانية ألقت باللائمة - في بيان أصدرته على موقعها الإلكتروني - على العائلة المالكة البريطانية. وكان مما جاء في هذا البيان: laquo;وفقا لمحللين مستقلين فإن مكتب الاتصالات laquo;أوفكومraquo; يخضع لضغوط عالية من العائلة المالكة من أجل إسكات صوت برس تي في الناقد. وهذا لأن أفراد هذه العائلة يتمتعون بنفوذ هائل في المؤسسة السياسية البريطانية بما فيها الحكومة والبرلمانraquo;.

ويذكر أيضا أن من بين النجوم السياسيين الذين يقدمون برامج منتظمة على شاشة laquo;برس تي فيraquo; الاسكتلندي جورج غالاواي، النائب السابق المستقل ورئيس laquo;تآلف اوقفوا الحربraquo; الشهير بانتقاداته اللاذعة للحكومة البريطانية خاصة في ما يتعلق بحرب العراق والقضية الفلسطينية. وحتى مارس / اذار الماضي كان بين مقدمي برامجها ايضا كين ليفينغستون، وهو أحد نجوم اليسار البريطاني وعمدة لندن سابقا.