![]() |
تثور اليوم الشعوب العربية ضد أنظمتها لأهداف تتعلق بحقوق الانسان والمواطنة والديموقراطية الاجتماعية والعدالة الاقتصادية.
بغداد: قد يكون العراقيون تخلصوا من صدام حسين بفضل الحرب الاميركية، لكن شعوبا عربية تثور اليوم بنفسها ضد انظمتها المتهمة باستغلال سلطاتها المطلقة لادارة بلدانها كملكية خاصة بحسب محللين.
ويعتبر بول سالم مدير مركز كارنيغي للشرق الاوسط، ومقره بيروت، ان quot;العديد من العوامل تشجع هذا المستوى الكبير من الاستياء. اعتقد ان المجتمع كان جاهزا للانفجار منذ سنوات، لقد انطلقت الشرارة عن طريق الصدفة من تونس فامتدت النار الى مصرquot;.
ويضيف ان quot;الملاحظ في حركات العصيان هذه ان الشعارات التي اطلقتها الاف الحناجر في مصر وتونس تتعلق بحقوق الانسان والمواطنة والديموقراطية الاجتماعية والعدالة الاقتصادية، انه برنامج ديموقراطي وليس ايديولوجياquot;.
ووفقا للمؤشر الديموقراطي الذي تضعه وحدة الاستعلامات في مجلة الايكونوميست للعام 2010 quot;يبقى الشرق الاوسط وشمال افريقيا المنطقة الاكثر قمعا في العالم لانه من اصل عشرين دولة، هناك 16 يمكن وصفها بانها ديكتاتوريةquot;.
ويؤكد المؤشر ان quot;اسرائيل هي الديموقراطية الوحيدة في المنطقةquot; لكنها quot;ديموقراطية ناقصةquot; في حين يوجد ثلاثة quot;انظمة هجينةquot; مثل العراق ولبنان والسلطة الفلسطينية. وقد حلت البلدان العربية المراتب المتاخرة في لائحة تتضمن 167 دولة، اولها لبنان في الرقم 86 يليه الفلسطينيون (93) وبعدهم العراق (111) ومن ثم مصر (138) وتونس (144).
من جهته، يرى غسان سلامة استاذ العلوم السياسية في باريس والخبير في شؤون العالم العربي ان quot;هناك جانب اخلاقي في هذه الثورات لان هذه الانظمة استبدادية مغلفة بطابع الارث والسلالةquot;. ويضيف ان quot;العالم العربي معتاد على الطغيان منذ حقبة زوال الاستعمار في الخمسينيات والستينيات، لكن التطور كان كارثيا خلال القرن المنصرم. فقد كانت حياة بورقيبة وبومدين متقشفة، ولم يعتبرا الدولة ملكية خاصةquot;.
وقد دامت فترة حكم الحبيب بورقيبة، اب الاستقلال التونسي، ثلاثين عاما بين 1957 و 1987. اما هواري بومدين فقد حكم الجزائر بين العامين 1965 و 1978. ويقول سلامة quot;اعتبارا من منتصف السبعينيات، انتقل بعض الانظمة الى مرحلة النيو ليبرالية واستغلوها لصالحهم فاقاموا حكما فاسدا عبر وضع اليد على قطاعات واسعة من الاقتصاد بحيث لم يعد هناك اي شيء لشعوبهمquot;.
بدوره، يقول مدير مركز الدراسات العربية والشرق المعاصر في جامعة السوربون برهان غليون ان رفض الراي العام لاقلية تغتني من السلطة في حين يعيش الاخرون وسط فقر مدقع وما يرافق ذلك من تكميم للافواه ومصادرة الحريات ادى الى انطلاق التظاهرات.
ويضيف ان quot;نخبة فاسدة تدعمها الدول الغربية برزت بشكل متعجرف لا يصدق. وهمها الوحيد كان تكديس الثروات بينما كان اسلافها يعلنون رغبتهم في تغيير حياة الفئات الاكثر بؤساquot;.
ويتابع استاذ علم الاجتماع السياسي السوري الاصل quot;انه افلاس نموذج يجمع بين الانفتاح العشوائي على الاسواق وطغيان العصور الوسطى. بالاضافة الى ذلك، هناك قادة يتمسكون بالسلطة منذ ثلاثين عاما ويريدون ان يخلفهم اولادهم (...) الامر الذي يثير الاستفزازquot;.
وقد خلف الرئيس السوري بشار الاسد والده في حزيران/يونيو العام الفين. كما يامل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ان يخلفه ابنه احمد، قائد الوحدات الخاصة، وكان الرئيس المصري حسني مبارك يامل ان يخلفه ابنه جمال.
ويقول سالم quot;من المهم ملاحظة ان القوة الوحيدة المعارضة لهذه الانظمة خلال ثلاثين عاما كانت الحركات الاسلامية. لكن في واقع الامر، فان العصيان في تونس ومصر نجح خلال اسابيع في تحقيق ما عجزت عنه الاحزاب الاسلامية طوال عقود من الزمنquot;. ويختم quot;هذا الامر يؤكد ان لدى الديموقراطية حاليا اصداء اكثر قوة من الاسلاموية او القومية العربية او الافكار اليساريةquot;.
التعليقات