الهراوة: في طابور طويل بين البحر والصحراء واصل الثوار الليبيون الاثنين زحفهم نحو سرت متحدين الخطر وابسط قوانين الحرب قاطعين نحو مئة كلم قبل ان يسقطوا في كمين. في المقابل بدات قوات العقيد معمر القذافي تتقهقر مطلقة القذائف الصاروخية لمحاولة ابطاء تقدم العدو. وفي منتصف النهار وعند وصولهم الى بلدة الهراوة التي تبعد عشرات الكيلومترات عن سرت تعرض طابور الثوار لرصاص قناصة متربصين.

وقال صحافيو فريق قناة تلفزيون فرنسية، اضطروا بعد ان وجدوا انفسهم وسط النيران الى ترك سيارتهم بعد ان اخترقتها رصاصات عدة لكنهم خرجوا منها سالمين، ان القصف دمر عربات بيك اب للثوار الذين اصيب العديد منهم بجروح. وفي الخلف ومع دوي الانفجارات الاولى توقف طابور الثوار في وسط الصحراء. وتقدم رجل وقال في مكبر الصوت quot;على من لديهم اسلحة ثقيلة ان يتقدمواquot;.

وتوقفت العربات البيك اب والسيارات المدنية على جانب الطريق قبل ان تعود ادراجها على عجل. ومر حاملو الرشاشات المضادة للطائرات الذين يضعون نظارات راكبي الدراجات النارية وسط صيحات quot;برافوquot; وquot;الله اكبرquot;.

وفي الهراوة احتدمت المعركة. ومع غروب الشمس اقام البعض بعد اقتناعه بعدم امكان مواصلة التقدم قبل صباح الثلاثاء في افضل الاحوال الخيم واشعلوا الحطب للتدفئة. وقال امير منصور (32 سنة) مبتسما quot;لا شك في ان الطائرات الفرنسية ستتولى امرهم خلال الليل. وسنواصل طريقنا الى سرت. الاهالي هناك في انتظارناquot;.

وبين رشقات القذائف الصباحية التي ادت الى اصابة احد المقاتلين بجروح طفيفة وكمين منتصف النهار تمكن طابور الثوار من التقدم لمسافة لا باس بها. وعند كل كوخ او المنزل قام الرجال بدفع الابواب وضربها احيانا بقاذفات الصواريخ بحثا عن القناصة المختبئين.

وكلما اقتربوا من سرت، مسقط راس الزعيم الليبي، ازدادوا ريبة في رد فعل سكانها الذين يشتبهون في انهم لا يزالون على ولائهم لابن مدينتهم. وفي قرية مهجورة اقتحم الثوار مبنى رسميا واستولوا على ما فيه من وثائق واحرقوا نسخا من الكتاب الاخضر للقذافي ولوحوا بما اعتبروا انها جوازات سفر quot;مرتزقة افارقةquot;.

واستقل ثلاثة رجال، وهم يبدون سعداء بما عثروا عليه من غنائم، سيارة رباعية الدفع وقد علقوا خلفها ملصقا للقذافي الذي يطلقون عليه quot;ابو شفشوفةquot; ليجر على الارض. ومع استئناف التقدم واغلاق جميع محطات الوقود قام الثوار باستخراج البنزين من الابار باستخدام زجاجات بلاستيكية صغيرة معلق على طرف عصي.

وعلى جانبي الطريق الذي تغمره اشعة الشمس الحامية ظهرت من بعيد عربات بيك اب محترقة وشاحنات خالية. ومن احدى هذه الشاحنات قام ثلاثة رجال باخراج احزمة من ذخيرة الرشاشات. صال لياس (24 سنة) مهندس بترول شاب اسف لكونه لا يملك سلاحا.

وقال هذا الشاب الذي جاء مثل كثيرين غيره من بنغازي quot;لا املك كلاشن لكن اصحابي لديهمquot; مضيفا quot;بامكاني التصويب ... او تقريبا. لقد تعلمت ذلك من كثرة ما شاهدت من افلام اميركيةquot;. واكد لياس quot;لست خائفا لان الله والحق معناquot; مضيفا quot;القذافي سرق اباءنا وثرواتنا وسرق بترولنا لوقت طويل. سنقضي عليهquot;.