انتقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشدة الموقف الأميركي تجاه المفاوضات والاستيطان، قائلاً: quot;إننا صعدنا مع الرئيس الأميركي إلى الشجرة، لكنه نزل عنها، وأنزل السلم أيضًاquot;، كما اتهم عباس المبعوث الأميركي جورج ميتشيل بتجاهل الأفكار الفلسطينية.


عبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن خيبة أمله من الرئيس الأميركي باراك أوباما، وقال أمس في تقرير نشرته مجلة quot;نيوزويكquot; الاميركية، إن أوباما هدد عباس بفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية إذا واصلت جهودها لاستصدار إدانة دولية للاستيطان الإسرائيلي، كما اتهم الرئيس الفلسطيني، المبعوث الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل بتجاهل أفكار السلطة خلال زياراته إلى المنطقة.

وقال عباس إن أوباما اتصل به لمدة 55 دقيقة قبل التصويت في مجلس الأمن الدولي في فبراير/شباط الماضي على مشروع قرار لإدانة مواصلة الاستيطان الإسرائيلي واشتراط وقفه لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل، وضغط عليه لسحب المشروع.

وتابع الرئيس الفلسطيني quot;قال لي من الأفضل لك ولنا ولعلاقتنا أن يتم سحب المشروعquot;، مشيرًا إلى أن أوباما استعرض لاحقًا بصورة مهذبة لائحة عقوبات ستفرض على الفلسطينيين إذا جرى التصويت على المشروع، ومن ضمنها عدم تصديق الكونغرس على مساعدة بقيمة 475 مليون دولار.

وأضاف أنه بعد انتهاء المكالمة مع أوباما اتصلت به وزير الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، لمدة نصف ساعة، وحاولت إقناعه بسحب المشروع، وتبع ذلك اتصالات من مسؤولين أقل رتبة على شخصيات نافذة في رام الله للضغط بدورهم على عباس.
وأكد عباس أنه على الرغم من كل شيء لم يكن يصدق أن الولايات المتحدة سترفض المشروع.

تجاهل ميتشل للفلسطينيين
وأشار عباس إلى أن أوباما هو الذي اقترح تجميدًا كاملاً للاستيطان وتركه من تلقاء نفسه بعدما فشل في إبقاء الضغط على رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتجميد الاستيطان العام الماضي.
وتابع quot;صعدنا معًا إلى الشجرة ومن ثم نزل هو وأنزل السلمquot;، وأضاف أن quot;أوباما نزل لاحقًا عن الشجرة وأسقط السلّم وقال لي: اقفز.. فعل ذلك ثلاث مراتquot;.

كما انتقد الرئيس عباس جهود الوساطة التي بذلها المبعوث الأميركي للمنطقة جورج ميتشل الذي قام بزيارات متكررة إلى المنطقة لأكثر من سنتين قبل أن يتوقف.
وقال إن في كل زيارة لميتشل quot;كنا نتحدث إليه ونعطيه بعض الأفكار، وفي النهاية تبيّن لنا أنه لم ينقل أيا منها إلى الطرف الإسرائيليquot;.
وكانت الولايات المتحدة قد استخدمت حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن ضد مشروع قرار للمجموعة العربية يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بينما صوت أعضاء مجلس الأمن الـ14 الآخرون جميعاً لصالح القرار.

نتنياهو يتسلح بالدعم الأميركي
وقال المحلل السياسي الفلسطيني، هشام أحمد، quot;لإيلافquot; أن تردد إدارة أوباما، وتراجعها امام الهجوم الاسرائيلي، هو ما يشجع نتنياهو على استكمال حربه السياسية، رغم أن أوباما، ابتعد عملياً عن ملف المفاوضات والنزاع الفلسطيني-الاسرائيلي، وآثر دفع الأمور باتجاه إدارة الأزمة.

مضيفًا quot;عدم اصدار الإدارة الاميركية، حتى اللحظة، بيانًا رسميًا توضح به الموقف الأميركي، بشأن ما ورد في تصريحات نتنياهو، يندرج في سياق التردد الاميركي، ومحاولة الابتعاد أكثر فأكثر عن خطوط التماس في النزاع الفلسطيني-الاسرائيلي القائمquot;.
موضحا quot;السياسات الاميركية دللت، منذ الحملة الانتخابية للرئيس أوباما، وما حاوله وما صرح به في سياق محاولة فض النزاع الفلسطيني-الاسرائيلي، وما واجهه من تعنت اسرائيلي، وحرب سياسية ضد أوباما وادارته، ما يؤكد صحة المقولة بشأن التردد والتراجع، في مواجهة السياسة الاسرائيلية، وأضرارها الجمة على الوطنية الاميركية إجمالاًquot;

لا نية بوقف الاستيطان
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، أبلغ نظيره الأميركي باراك أوباما، خلال لقائهما في البيت الأبيض، أن لا نيّة لدى إسرائيل بوقف البناء الاستيطاني في القدس المحتلة، بينما وعد أوباما بصد أية مبادرة سلام دولية تفرض على إسرائيل.
وقال بيريز الذي نقل إلى واشنطن quot;رسائل إسرائيلية وأفكارا لدفع المفاوضاتquot;، quot;إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على علم بالأفكار التي طرحتها على الرئيس أوباماquot;.

وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية quot;إن بيريز شددquot; على أن لا نيّة لدى إسرائيل بوقف البناء الاستيطاني في القدس المحتلة، وأضاف، quot;إن البناء سيستمر على الأقل خلال المفاوضاتquot;، أما بالنسبة لباقي المستوطنات في الضفة الغربية، فقد زعم بيريز أن البناء فيها سيستمر ضمن خطوط البناء القائمة، وهذا يتناقض مع ما يجري على أرض الواقع، إذ أن الاحتلال مستمر في توسيع المستوطنات القائمة والتوغل أكثر في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
أما أوباما فقد وعد بيريز بأنه سيعارض فرض مبادرة سلام على إسرائيل من جانب الأسرة الدولية. ومع ذلك، قال إنه في الواقع الجديد في الشرق الأوسط على إسرائيل ألا تخسر الفرصة الناشئة كي تنهي النزاع مع الفلسطينيين، وشدد أوباما على أن quot;للولايات المتحدة التزام لا جدال فيه بأمن إسرائيل، سنعرب عن المعارضة الشديدة لكل نية لتنفيذ نزع شرعية لإسرائيل في الحلبة الدوليةquot;.

وزير الاسكان الاسرائيلي يستعرض مشاريع استيطان القدس
هذا وقال وزير الاسكان الاسرائيلي اريئيل اتياس لصحيفة quot;هآرتسquot; الاسرائيلية ان quot;مخططات البناء الاستيطاني الكبيرة في القدس الشرقية تراوح في مكانها على الرغم من استكمال مصادقات مؤسسات التنظيم عليها. وان اعمال البناء في القدس الشرقية مجمدة من الناحية العملية على الرغم من البيانات المتكررة التي يدلي بها رئيس الحكومة بنيامين نتينياهوquot;.
1600 وحدة سكنية في مستوطنة تلة شعفاط quot;رمات شلوموquot; و 750 وحدة في مستوطنة quot;راموتquot; و 400 وحدة في مستوطنتي quot;بسغات زئيفquot; وquot;هار حوماهquot;، فيما يبلغ عدد الوحدات السكنية التي لا يجري تسويقها 2570 وحدة استيطانية، تمت المصادقة على بنائها.
وكان وزير الاسكان الاسرائيلي قال في مقابلة اجرتها معه الصحيفة الدينية المتزمتة quot;مشبحاهquot; ان quot;هناك ازمة عقارات في اسرائيلquot;، وحدد العوائق امام البناء وتناول القيود السياسية، وقال: quot;كان لدى تسلمي وزارة الاسكان ما لا يقل عن خمسة الاف وحدة جاهزة، للتسويق خلف الخط الاخضر ولم تسوق ويجب ان نضيف الى ذلك حوالي 2500 وحدة في القدس التي يطلق عليها شرقية، اي ان هناك حوالي 7500 وحدة كان بالامكان تسويقها منذ فترة، وهذا عائق من المهم التغلب عليه.
وتكمن صعوبة مواجهته بتعهدات قدمها رئيس الحكومة للاميركيين، اكد فيها بأنه لن تكون هناك مفاجآت تنظيمية، خصوصا بعد الزيارة التي قام بها نائب الرئيس الاميركي للبلاد العام الماضيquot;.

واكد اتياس في حديثه مع quot;هآرتسquot; صحة ما نشرته صحيفة quot;تسيحاهquot; واوضح: quot;الحقائق صحيحة، وللاسف لا ارى بأنها ستتغير بصورة نوعيةquot;.
وكان نتنياهو قد صادق في تشرين الاول (اكتوبر) الماضي على نشر عطاءات لبناء 238 وحدة سكنية استيطانية منها 158 وحدة في مستوطنة quot;رموتquot; و80 وحدة في مستوطنة quot;بسغات زئيفquot;.

واطلع نتنياهو الاميركيين مسبقا على نيته، لكنهم في مكتب رئيس الحكومة قالوا بأن الاميركيين لم يوافقوا على البناء، واضافوا بأن هذا هو موقفهم خلال الاربعين عاما الاخيرة باستثناء الـ 238 وحدة سكنية هذه لا يوجد بناء جديد في القدس الشرقية.
واصبح اتياس من خلال تصريحاته الشخصية الاسرائيلية الاولى التي تدلي بتفاصيل حول حجم تجميد البناء الاستيطاني في القدس الشرقية، وكانت معظم الاعاقات التنظيمية معللة بأسباب فنية لا سياسية، وكان نتنياهو قد زعم في اذار (مارس) تاعام 2010 بأن quot;البناء في القدس مثل البناء في تل ابيبquot;. وقال في مقابلة اجراها معه التلفزيون الاسرائيلي (القناة الثانية) في نيسان (ابريل) 2010 quot;لا يوجد تجميد في القدسquot;. وقال في ايار (مايو) 2010 في المدرسة الدينية quot;مركاز هرابquot; بذكرى quot;يوم القدسquot;: quot;الصراع حول القدس هو صراع حول الحقيقة، اننا نبنيها وسنستمر ببنائها وتطويرهاquot;. وقالوا في مكتبه في تشرين الاول (اكتوبر) 2010 وفي اعقاب نشر عطاءات لبناء 238 وحدة سكنية استيطانية: quot;لقد قلنا بالماضي بأنه لا تجميد في القدسquot;.
وتقف وراء كشف اتياس لحجم تجميد البناء مصالح سياسية، وقد وجه معظم انتقاداته لهذا الجانب للمعسكر الديني المتزمت، الذي حصل فيه على تأييد كبير لمواقفه
.