جوليان آسانج

في أعقاب الزوبعة الكبرى التي أثارها موقع ويكيليكس إثر قيامه بتسريب ملايين أسرار الدبلوماسية الأميركية، حاول القائمون عليه أن يختاروا شركاءهم في الإعلام بكل عناية. لكن الموقع تطور وأصبح لاعبًا بارزًا في بلاط صاحبة الجلالة، لدرجة إن بعض الأسرار التي يحتفظ بها لم يعد يخضع لسيطرته.


القاهرة: لفتت اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إلى أن آخر كشف قام به موقع ويكيليكس بعد تسريبه الملايين من أسرار الدبلوماسية الأميركية - وهو بخصوص ملفات ذات صلة بالمعتقلين في غوانتانامو - قد نُشر يوم الأحد الماضي بالاشتراك مع 8 وكالات أنباء داخل الولايات المتحدة ودول أخرى، بما في ذلك واشنطن بوست ومجموعة صحف ماكلاتشي والتلغراف اللندنية.

وقد تم التعجيل رسميًا بنشر هذا الكشف من جانب موقع ويكيليكس، بعدما نما إلى علمه أن وسيلتين إعلاميتين كانتا تتعاملان مع ويكيليكس في الماضي، وهما quot;النيويورك تايمزquot; الأميركية وquot;الغارديانquot; البريطانية، كانتا في مرحلة التحضير لنشر تلك الأخبار المتعلقة بمعتقلي غوانتانامو على أية حال، بعد حصولهما على المعلومات بشكل مستقل.

وهو ما أدى إلى حدوث تدافع جنوني لنيل السبق والانفراد في نشر أسرار على الإنترنت، لم تكن لتتسَرب بهذا الشكل السريع للغاية، ما لم تكن في حوزة موقع ويكيليكس ليبدأ هو بنشرها أولاً.

من منظور الصحافة، رأت النيويورك تايمز أن ذلك يعتبر إعادة تقويم للعلاقات التقليدية بين المتنافسين والمصادر. ومن منظور ويكيليكس، فهذا يعدّ درساً في مدى الصعوبة التي يمكن مواجهتها عند توجيه التغطية الإخبارية بدلاً من تركها تعصف بك.

وفي أول تعاون بارز لها مع الصحف، في تموز - يوليو الماضي، منح ويكيليكس حق الوصول الحصري إلى أرشيف سري خاص بسجلات الحرب في أفغانستان إلى النيويورك تايمز والغارديان في بريطانيا ومجلة دير شبيغل في ألمانيا.

ومع قيامه الآن بالكشف تدريجيًا عن 250 ألف برقية دبلوماسية أميركية، قال ويكيليكس إنه يمتلك أكثر من 50 شريكًا محليًّا، معظمهم من الصحف، بدءًابـ quot;طرفquot; اليومية في تركيا وquot;اكسبريسوquot; في البرتغال وانتهاءً بـ quot;ذا هيندوquot; في الهند. ووصف بعض هذه الصحف العلاقة التي تربطها بويكيليكس بأنها عقد أو اتفاقية.

وفي وقت كان يهدف فيه ويكيليكس دومًا إلى تعظيم تأثيراته، فقد تغيرت إستراتيجيته الإعلامية كثيرًا منذ أن بدأ العام 2007، حين كان ينشر القائمون عليه وثائق مهمة، وكان يسارع الصحافيون بشغف لنقلها وتغطيتها.

لكن مسؤولي ويكيليكس بدأوا يدركون منذ ذلك الحين قيمة ومعنى quot;الخبر الحصريquot; بالنسبة إلى الصحافيين، وهو ما دفعهم إلى تكوين شراكات مع ناشرين، من شأنها أن تفرض حظراً جماعياً على التوقيت الذي يمكن أن تُنشَر فيه المواد، مقابل امتياز الوصول إليها.

وعلى صفحته عبر موقع تويتر للتدوين المصغر، أكد القائمون على ويكيليكس أنهم غير مكترثين بأنهم فقدوا السيطرة على مخبأ الأسرار الخاص بهم، قائلين إنهم سعداء بما نشروه في السابق بالتعاون مع بعض الشركاء، حيث عزز ذلك من نفوذهم.

من جانبه، قال يوشاي بينكلر، المدير المشارك لمركز بيركمان للإنترنت والمجتمع في جامعة هارفارد، إنه كان يعتقد أن المساعي التي يبذلها ويكيليكس لمكافحة السرية قد تم تعزيزها، وليس تقويضها، من خلال اشتداد المنافسة لتغطية الوثائق.

وأضاف قائلاً quot;وجاءت ملفات غوانتانامو لتؤكد ما سبق وأن تحدثت عنه بالفعل الكشوفات السابقة، وهو أن مستقبل السلطة الرابعة التي ترتكز على شبكة الإنترنت سوف تنطوي على مزيج من النماذج التقليدية والإلكترونية، وكذلك التعاون والتنافس على صعيد عالمي عبر علاقة منتجة لكنها صعبةquot;.

وفي مقال نُشِر له الشهر الجاري بمجلة quot;نيو ستيتسمانquot; البريطانية، قال مؤسس موقع ويكيليكس، جوليان آسانج، إنهم تعاونوا وعملوا مع بعض من أكبر المجموعات الإعلامية لأسباب تتعلق بالسياسة الواقعية.

وقال المدوّن، غريغ ميتشيل، إنه وفي الوقت الذي حظيت فيه إستراتيجية الوصول الحصري للمعلومات بمزايا واضحة في سبيل إظهار تلك الأخبار وإخراجها للنور، تعرض ويكيليكس غلى موجة من الانتقادات بسبب سماحه لعدد قليل من وكالات الأنباء الوصول إلى البرقيات.

وقال بيل كيلر، رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة النيويورك تايمز، إن آسانج قد غضب على ما يبدو من الصحيفة بعدما قرأ ملف تعريف شخصي عنه على الصفحة الأولى، ومقال آخر يتحدث عن الجندي برادلي مانينغ المتهم بتسريب معلومات إلى الموقع. حيث اعتبر آسانج ملف التعريف quot;غير مجاملquot; ووصف المقال الآخر بـ quot;غير الملائمquot;.

كما اشتكى آسانج لكيلر من أن الموقع الإلكتروني الخاص بالصحيفة غير متصل بالموقع الإلكتروني الخاص بموقع ويكيليكس. وختم كيلر حديثه بالقول إنه لم يجر أي نوع من أنواع الاتصالات مع آسانج منذ فترة طويلة.