رهن المعتصمون الصوفيون فضّ اعتصامهم، الذي دخل يومه الـ 35، بتنفيذ مطالبهم، التي تتصدرها إقالة شيخ مشايخ الطرق الصوفية، وكشف شيخ الطريقة الشبراوية في حديث خاص لـ quot;إيلافquot; عن مخالفات مالية وإدارية تتعلق بالمشيخة، وعلاقتها غير المشروعة بأقطاب الحزب الوطني المنحلّ، مهيباً بالمجلس العسكري التدخل لحلّ النزاع.


الشيخ عبد الخالق الشبراوي شيخ الطريقة الشبراوية

محمد نعيم من القاهرة: دخل اعتصام الطرق الصوفية في مصر يومه الخامس والثلاثين دون استجابة لمطالب المعتصمين، فعلى الرغم من عدالة تلك المطالب واستنادها إلى نص القانون وشرعية ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير، الا ان بقايا وأذناب الحزب الحاكم ما زالت تعوق مسيرة الإصلاح التي ينادي بها المعتصمون الصوفيون، ويأتي في طليعة هذه المطالب اقالة عبد الهادي القصبي شيخ مشايخ الطرق الصوفية، وحلّ المجلس الاعلى للطرق الصوفية.

افتراش الأرض والتحاف السماء
الاعتصام مفتوح، هذا ما يؤكده لـ quot;إيلافquot; الشيخ عبد الخالق الشبراوي شيخ الطريقة الشبراوية، مؤكداً انه لن يتراجع ورفاقه عن افتراش الارض والتحاف السماء، رغم تقدم معظم المعتصمين في السنّ، حتى تحقق مطالبهم ويرحل خفافيش نظام مبارك البائد، وفي مقدمتهم عبد الهادي القصبي شيخ الطرق الصوفية، وتعيين لجنة مالية، لمراجعة ميزانية المشيخة المالية عن عامي 2009 و 2010، إذ تعتري عمليات انفاق هذه الميزانية ndash; على حد قول الشبراوي ndash; خروقات القانونية واهدار أموال المشيخة، وتخصيصها لأهداف غير شرعية، إذ إن القصبي لم يُخطر الطرق الصوفية بموعد انعقاد الجمعية العمومية، واكتفى بإرسال رسائل نصية على الهواتف المحمولة، رغم أن القانون يلزمه بإخطار مشايخ الطرق الصوفية بموعد انعقاد الجمعية العمومية قبل تاريخه المقرر بخمسة عشر يوماً.

ويؤكد المعتصمون في مقر مشيخة الطرق الصوفية خلال حديث خاص لـ quot;إيلافquot; ان عبد الهادي القصبي وصل الى منصبه اعتماداً عن نتائج انتخابات اعتراها التزييف، وشارك في تزويرها اقطاب الحزب الوطني البائد وقيادات أمن الدولة، التي حرصت على تهميش دور الطرق الصوفية، وامام تلك المعطيات خرج القصبي من رحم الحزب الحاكم، إذ كان عضوًا في لجنة السياسات، التي يعتليها جمال مبارك نجل الرئيس المخلوع.

يعود الشيخ عبد الخالق الشبراوي في حديثه لـ quot;إيلافquot; عن الجمعية العمومية لمشيخة الطرق الصوفية، ويقول: quot;اعترضنا على انعقاد الجمعية العمومية وطريقة ابلاغنا بموعدها، وبالطريقة نفسها ابلغنا عبد الهادي القصبي بأن تلك الجمعية باطلة، لكنه أصرّ على موقفه وعقدها، إلا أن مشايخ الطرق الصوفية لا يعتبرونها جمعية عمومية، وانما quot;ملتقىquot;، رغم ذلك مرّر القصبي ميزانية المشيخة، وعكف مع رفاقه على صياغة براءة الذمة، في وقت تشوب عمليات إنفاق الميزانية مخالفة صارخة للقانون، فضلاً عن ان اهداف الإنفاق غير مشروعة، بشهادة تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي أبدى تحفظه عليها، ودعا الى التحقيق فيها ولكن من دون مجيبquot;،

بعيداً عن ذلك، يرى الشبراوي في حديث خاص لـ quot;إيلافquot;، ضرورة تعاطي المجلس العسكري مع مطالب المعتصمين الصوفيين، وعدم الارتكان الى مواقف وصفها بـ quot;السلبيةquot;، واضاف: quot;تقدمنا بالتماس الى المجلس العسكري، آملاً في تلبية مطالبنا المشروعة، غير أنه - ورغم تأييده لنزاهة موقفنا وعدالته ndash; آثر المجلس اتخاذ موقف ايجابي، مطالباً بحل مشاكل الصوفيين في ما بينهم. لكنه تعهد في الوقت عينه بالتدخل اذا لزم الامرquot;.

ويعتبر الشبراوي موقف المجلس العسكري من المعتصمين، لا يتسق مع الصورة الحضارية التي أعرب بها المعتصمون عن مطالبهم، مبدياً دهشته البالغة من التراخي مع تنفيذ مطالب المعتصمين، وتساءل: quot;اينبغي علينا نحن الصوفيين التعبير عن انفسنا بالاحتشاد في الشوارع وتعطيل حركة العمل، حتى يلتفت ويتعاطى المجلس العسكري لمطالبنا؟!، اننا نتطلع الى حل لمشكلتنا بإشراف المجلس العسكري لفضّ الاعتصام، وتشكيل مجلس انتقالي لتسيير اعمال المشيخة، ثم اجراء انتخابات جديدة تفضي الى اختيار شيخ جديد لمشيخة الطرق الصوفية بعد اقالة عبد الهادي القصبيquot;.

مقر الحزب الوطني بعد الحريق
لم يخلو حديث الشيخ عبد الخالق الشبراوي مع quot;ايلافquot; من رصد لتجاوزات شيخ الطرق الصوفية عبد الهادي القصبي، مؤكداً ان الاخير عكف على تحويل مقر مشيخة الطرق الصوفية الى مقر لاجتماعات قادة الحزب الوطني البائد، وفي اعقاب الحريق الهائل الذي شبّ في المقر الرئيس للحزب الوطني، حرص أقطاب الحزب على الاجتماع في مقر المشيخة، والمثير - بحسب الشبراوي - ان القصبي نسّق معهم عملية الهجوم على الثوار في ميدان التحرير، وهو الحادث المعروف بـ quot;موقعة الجملquot;، وبذلك يعتبر شيخ مشايخ الطرق الصوفية واحداً من أبرز بقايا الحزب الوطني، الذين سعوا إلى إجهاض ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير وهي في مهدها، ولا عجب في ذلك، إذ إنه كان من أبرز أعضاء الحزب.

يضيف شيخ الطريقة الشبراوية في حديثه لـ quot;إيلافquot;: quot;إن عبد الهادي القصبي كان من بين اقطاب تحالف التوريث، وسعى بالتعاون مع اقطاب الحزب الحاكم ورئيس مجلس الشوري شخصياً صفوت الشريف إلى تدشين حملة خلافة جمال مبارك لوالده الرئيس المخلوع، وكان ذلك عن طريق رجل الأعمال المعتقل حالياً والقيادي البارز في الحزب المنحل أحمد عزquot;.

ويوضح الشيخ الشبراوي أن quot;عبد الهادي القصبي كان حاذقاً في الالتصاق برجال السلطة والحزب الحاكم، ولم يكن مستغرباً ان يكون أحد أسلحته قائماً على مغازلة هؤلاء بورقة quot;الإشرافquot;، إذ كان يقنع صفوت الشريف وعز وزقزوق وزير الأوقاف السابق وغيرهم، بأنهم ينتمون في جذورهم الاسرية إلى السادة الأشراف وآل البيت، ولعل هذا النفاق ndash; على حساب آل البيت ndash; كان له بالغ الأثر في تمرير صلاحياته كافة، وربما بقاؤه في منصب شيخ مشايخ الطرق الصوفية، حتى إذا كان ذلك عبر تزوير انتخابات المشيخةquot;.

لم يستنكف الشبراوي عن التطرق إلى القضايا التي رفعها ورفاقه ضد شيخ الطرق الصوفية، ومنها تداول السلطة وتغيير شيخ الطرق الصوفية كل 3 سنوات، وأضاف الشبراوي في حديثه لـ quot;إيلافquot;: quot;رفعنا ما يقرب من 10 قضايا منذ عام 2008 وحتى الآن، ولم يصدر فيها سوى حكم واحد quot;يتيمquot;، وهو الحكم الخاص بتنقية الجداول الانتخابية للمشيخة، غير أن الحزب الوطني المنحل تدخل وحال دون تنفيذ الحكم لمصلحة عبد الهادي القصبي، ضارباً عرض الحائط بجبهة الاصلاح ومعظم الطرق الصوفيةquot;.

ومن بين اتهامات الفساد التي كالها الشبراوي للمجلس الأعلى إلى الطرق الصوفية، تأكيده على تورط امين عام المجلس المدعو أحمد خليل في دفع غرامة مادية قدرها 27.300 جنيهاً مصرياً، بعد إدانته في قضايا تزوير وفساد مالي، كان معظمها عبارة عن فواتير مزورة وإهدار لأموال المجلس.

كما طلبت ادارة الكسب غير المشروع التحقيق مع اللجنة التنفيذية للمجلس الاعلى للطرق الصوفية، وبعثة الحج التابعة للمجلس في مخالفات مالية، الا ان عمليات التحقيق لم تتم، مما حدا بالمعتصمين الى رفع بالغ للنائب العام برقم 7838 منذ أيام عدة للتحقيق في تلك المخالفات.