ينشغل اللبنانيون هذه الأيام في مسألة معالجة أوضاع المواطنين الذين لجأوا إلى إسرائيل، ويطالب النائب إبراهيم كنعان الدولة بالتدخل لإسترداد هذه العائلات اللاجئة، ويتساءل كيف يمكن لطفل لبناني ولد في زمن الاحتلال الإسرائيلي لأرضه وأضحى اليوم في عمر الحادية عشرة أن يربّى بعيداً عن وطنه.


أثار الاقتراح الذي تقدم به رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون إلى أمانة سر مجلس النواب أمس، والقاضي باقرار قانون معجل مكرر يرمي إلى معالجة اوضاع المواطنين اللبنانيين الذين لجأوا إلى إسرائيل، اهتمام اوساط رسمية ونيابية وسياسية، خصوصاً لجهة توقيته، حيث جاء بعد مرور أكثر من عشر سنوات على اللجوء المذكور، الذي تزامن مع تحرير الشريط الحدودي وانسحاب القوات الإسرائيلية منه بتاريخ الخامس والعشرين من شهر مايو (أيار) العام 2000.

هذا وكانت الدولة اللبنانية، وإثر التحرير، قد حثت اللبنانيين الذين لجأوا الى اسرائيل على العودة الى ديارهم، فيما افسحت المجال امام المنضوين إلى ما كان يعرف بـ quot;جيش انطوان لحدquot; أو quot;جيش لبنان الجنوبيquot; والمتعاملين مع إسرائيل حينذاك لتسليم أنفسهم الى القضاء اللبناني وتأمين محاكمات عادلة لهم تراعي ظروفهم وتصدر احكاماً مخففة بحقهم من منطلق انهم عاشوا لسنوات تحت ظل الاحتلال quot;بسبب تخلي الدولة عنهم وتركهم لمصيرهم الاسود تحت نير الاحتلال الإسرائيليquot;، كما جاء في نص الاقتراح.

وقد استجاب لدعوة الدولة اللبنانية يومها المئات من عناصر جيش لحد الذين لم تتجاوز مدة الأحكام ضدهم أكثر من سنة. كما عادت إلى لبنان مئات العائلات اللبنانية التي قصدت الداخل الاسرائيلي مع انسحاب القوات الاسرائيلية من الجنوب، quot;خوفاً من تعرضهم للأذى والانتقام من رجال المقاومة (حزب الله) ومناصريهم كما صور لهم المحتل واعوانهquot;، الأمر الذي لم يحصل، إذ اشادت العائلات العائدة إلى ارضها ومنازلها ومساكنها بالمعاملة الطيبة التي لقوها من ابناء الجنوب بشكل عام وquot;حزب اللهquot; بصورة خاصة.

وهذا ما حمل الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في كلمة له بعد التحرير الى القول إن quot;ضربة كف واحدة لم تحصلquot; في المنطقة، ولم يتعرض احد لمن قرر البقاء فيها او العودة إليها من إسرائيل.

واذا كان اقتراح القانون المعجل المكرر الذي قدمه امس الى مجلس النواب عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب ابراهيم كنعان باسم العماد عون، ينتظر قراراً من رئيس المجلس نبيه بري لعرضه ومناقشته في جلسة تشريعية مقبلة،

النائب ابراهيم كنعان
فان كنعان يأمل ان يحصل ذلك في اقرب وقت، وهو يعوّل على حكمة الرئيس بري في هذا المجال لما لهذه القضية من جوانب انسانية ndash; على حد قوله - بعدما انقضى اكثر من احدى عشرة سنة عليها، quot;فشاخ الكهول منهم، وشب الاولا،د وما زالوا مشردين عن وطنهم وديارهم وارزاقهم واقاربهم، يعانون آلام الغربة، ويتجرعون مرّ الحياة، ويستنكفون عن العودة، بالرغم مما يعانونه، خوفاً مما ينتظرهم من محاكمات بسبب دخولهم اراضي العدو في حالة الحرب القائمة بين لبنان واسرائيل منذ العام 1948كما ورد في شرح الاسباب الموجبة للاقتراح المقدم من قبلناquot;.

واذ لفت كنعان في حديث لـ quot;إيلافquot; ان الموضوع المطروح اليوم والمتعلق بأوضاع اللبنانيين الذين لجأوا الى إسرائيل ليس وليد الساعة، مذكراً بأن الكنيسة وعبر عدد من المطارنة الموارنة العارفين في منطقة الجنوب على تواصل مع العديد من ابناء العائلات المذكورة، قال إنه لا يملك رقماً محدداً عن عدد هؤلاء العائلات الذي قد يتجاوز خمسة الاف، إلا أنه يود التأكيد على أن الاهتمام بقضيتهم لا يشمل على الاطلاق المتعاملين مع إسرائيل quot;الذين عليهم في حال عودتهم الخضوع وفي أي حين للمحاكمة العادلة وفقاً لاحكام القوانين اللبنانية المرعية الإجراء بعد أن يلقى القبض عليهم عند نقطة العبور من الاراضي المحتلة ويسلمون إلى وحدات الجيش اللبناني.

أما المواطنون اللبنانيون الآخرون بمن فيهم عائلات ميليشيا quot;جيش لبنان الجنوبيquot; من زوجات وازواج واولاد الذين فرّوا إلى الأراضي المحتلة على أثر تحرير الشريط الحدودي عام 2000 فيسمح لهم بالعودة الى لبنان من دون اي قيد او شرط سوى تسجيل اسمائهم لدى وحدات الجيش اللبناني الموجودة عند نقطة العبور التي يشكلونها اثناء عودتهم من الأراضي المحتلةquot;.

ورداً على سؤال ما إذا كان اقتراح القانون المقدم إلى مجلس النواب قد تم بالتفاهم أو التنسيق مع quot;حزب اللهquot; اجاب النائب كنعان أن الاقتراح المذكور من quot;صنعquot; الكتلة التي ينتمي إليها والتي يعود إليها وحدها اتخاذ القرار الذي تراه مناسباً، مشيراً في الوقت نفسه الى وجود quot;وثيقة تفاهمquot; بين الكتلة والحزب تم التوقيع عليها العام 2006 وهي تلحظ في بنودها موضوع عودة اللبنانيين اللاجئين إلى اسرائيل وتوفير الحل الانسب لهم، وكذلك الاهتمام بالموقوفين اللبنانيين في سوريا.

ورأى كنعان ان الوقت مناسب الآن لمعالجة الموضوع الأول ومن الناحية الانسانية البحت قائلاً quot;تصوروا كيف يمكن لطفل لبناني ولد في زمن الاحتلال الاسرائيلي لأرضه وأضحى اليوم في عمر الحادية عشرة ان يربى بعيداً عن وطنه، وفي مجتمع معادٍ له وبيئته مختلفة تماماً عن بيئته، فيما على الدولة استرداده وعائلته، خصوصاً ان المسؤولية تقع عليها، حيث ان غيابها عن الارض في زمن الاحتلال جعل المواطن الجنوبي حائراً في امره، ولم يجد مفراً من التعامل مع الأمر الواقع حفاظاً على حياتهquot;.