حمل عرض قناة الجزيرة بشاشتها الإنجليزية فيلم البحرين: صراخ في الظلام بعدًا آخر داخل مؤسسات الدولة الرسمية، فرغم التزام الصمت المعتاد في الخلافات بين دول المجلس، إلا أن الفيلم أظهر البحرين منتهكة لحقوق الإنسان، هذا الأمر وجد رد فعل كبير، رافضًا كل ما بثته القناة المتخذة من قطر مقرًا لها.


مسؤولون بحرينيون اتهموا الجزيرة بإثارة النعرات وبثّ القلاقل بين المنامة والدوحة

المنامة: بين بقايا رماد الخلافات المندثرة والدائمة، بين الدولتين الأصغر في الخليج، جددت قناة الجزيرة التي تبثّ من داخل قطر، أزمة خلاف quot;صامتةquot; بعد عرض قناة الجزيرة الإنجليزية الإخبارية؛ فيلمًا وثائقيًا عن أحداث واحتجاجات البحرين الأخيرة.

الفيلم الوثائقي الذي حمل عنوان quot;البحرين: الصراخ في الظلامquot; حرّك مياه هدأت قبيل أكثر من شهرين، تبعتها تصاريح ومقالات لا رسمية، تستنكر في الغالب ما بثته القناة، التي رآها الكثيرون أنها ليست سوى صوت مؤجج ومثير للنعرات المذهبية والطائفية.

البحرينيون على رأس وزير الخارجية قالوا إن في quot;الجزيرةquot; من يريد إثارة القلاقل ويشعل النيران في العلاقات بين الدولتين، وبين القيادات السياسية فيهما، فيما ألقى فريق آخر الملامة على دولة قطر التي تحتضن القناة، وتساهم بجزء كبيرمن رأس مالها.

هذه الخلافات المتجددة ليست هي الأولى بين الدولتين، لكن المثير أن قناة quot;الجزيرةquot; هي المشذبة الخاصة بغالبيتها، فمن تقرير الفقر والمحتاجين، مرورًا بتقارير دورية عدة عن الاحتجاجات في المملكة الصغرى في الخليج، تجدد القناة دخولها وتصويرها أحداث وقضايا البحرين بصورة وطاقم متخفيين.

وفي ظل أنباء تتوارد بين فينة وأخرى من المنامة عن قرب صدور قرار من العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة يقضي بتعليق العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. إلا أن الصحافي البحريني موسى الخالدي رفض في حديث لـquot;إيلافquot; أن تصدر المملكة أي قرار بشأن قناة عملت بشكل متخف داخل البحرين، وصوّرت الأمور عكس مجراها، مبينًا أن قيادة البحرين تعلم أن قادة قطر بعيدون عن التعمد في بث تقرير أو فيلم كهذا.

وأضاف الخالدي أن المطلوب الأهم الآن؛ هو في كيفية اعتذار quot;الجزيرةquot; عمّا ورد في الفيلم الذي صوّرته إبان الاحتجاجات في شباط/فبراير الماضي، وأظهرت فيه أن القيادات والقوات الأمنية في البحرين انتهكت حقوق الإنسان، وهي أساسًا ndash; والحديث للخالدي - من كانت تخطط لانقلاب في نظام الحكم وإخلال الأمن في البحرين بعيدًا عن الاحتجاجات السلمية.

المتتبع لخلافات الجيران المطلين على الخليج؛ يجدها دائمًا تغوص في بحر الزمن الذي يخدرها ويجعل سخونتها باردة، فلا تصاريح إعلامية، ولا تهديدات بسحب أو طلبات بالاعتذار، إلا عبر قنوات سرية تظللها منظومة مجلس التعاون الخليجي التي تحرص على ردم كل خلاف حتى وإن كان ثائرًا.

فيلم quot;الصراخ في الظلامquot; جاء كورقة التبريد؛ خصوصًا في أنفس وصفوف من رأى أن قناة الجزيرة حاولت التعتيم على الاحتجاجات داخل البحرين خلال شهر شباط الماضي، هذا التحول والوقوف إلى جانبهم وفق تصوراتهم، رآه العديد من المؤيدين للاحتجاجات نصرًا في أن الصورة هي أبلغ من الكلمات التي كانت ترويها شبكات التلفزة الرسمية والعربية.

الفيلم المثير بنى شكوكًا ومآزق، حيث إن إدارة القناة اختارت له شاشتها الإنجليزية، وكأنها توجه رسالة للعالمكله في أن quot;الجزيرةquot; كانت في قلب الحدث وتقصت الحقائق من الداخل.

بثّ الفيلم أتى بعد أسبوع فقط من انتهاء جلسات حوار التوافق الوطني بين الكتل والجمعيات في البحرين، الذي شهد بعد انطلاقته ببضعة أيام انسحاب أكبر كتل المعارضة، وهي كتلة الوفاق الإسلامية الشيعية، المتهمة أنها من أبرز من حرك الاحتجاجات داخل ميدان quot;اللؤلؤةquot; المزال.

quot;الجزيرةquot; صاحبة نشاط كبير في إثارة الجدل والعلاقات بين الدول، وهي جزء كبير محرك لاسم قطر كدولة في سوق الإعلام الخارجي، إلا أن دعمها الثورات العربية ووقوفها إلى جانب المتظاهرين والمحتجين بعيدًا عن المهنية، كوّن لها قاعدة متينة في أن تكون سندًا لكل صاحب حق أو قضية ضد الطغيان في بلده.

الموقف القطري الرسمي من الاحتجاجات كان بعيدًا عمّا بثته quot;الجزيرةquot;، حيث أبدت مع منظومة دول الخليج رفضها جملة وتفصيلاً، أية محاولات للتدخل الأجنبي في شؤونها، وأنها ستواجه بحزم وإصرار كل من تسوّل له نفسه القيام بإثارة النعرات الطائفية، أو بث الفرقة بين أبناء الدولة أو المجلس الخليجي، أو تهديد أمنه ومصالحه، وأن أي إضرار في أمن دولة من دوله يعد إضراراً في أمن دوله كافة.