تصريحات نعيم قاسم فجّرت الخلاف القائمبين حزب الله وتيار المستقبل

نسف نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني نعيم قاسم الهدنة التي التزم فيها الحزب بشأن العلاقة مع تيار المستقبل، الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، وقد وصف قاسم قبل يومين تيار المستقبل بأنه ميليشيا مسلحة.


احتدم السجال بين quot;تيار المستقبلquot; الذي يتزعمه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وquot;حزب اللهquot;، بعد الهجوم العنيف الذي شّنه نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أول من أمس على التيار المذكور، واصفاً إياه بـ quot;الميليشيا التي تحمل السلاح وتخرج الى الشوارع، كما فعلوا في طرابلس وبيروت وطريق الجديدةquot;، في إشارة الى quot;يوم الغضبquot; الذي دعا إليه التيار المذكور احتجاجاً على تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة.

يأتي كلام قاسم لينسف quot;الهدنةquot; التي كان quot;حزب اللهquot; التزم بها قبل مدة بعد التوجهات الصادرة من قيادته، والقاضية بالامتناع عن الإدلاء بأحاديث وتصريحات من شأنها تعميق الخلاف القائم بين فريقي الأكثرية (8 آذار) والمعارضة (14 آذار)، وهذا ما ظهر جلياً في الكلمات التي ألقاها الأمين العام للحزب حسن نصر الله خلال الأشهر الثلاثة الماضية، والتي تجنب فيها الخوض في تفاصيل لبنانية.

وفيما ينتظر أن يصدر من quot;كتلة المستقبلquot; النيابية التي عقدت اجتماعها ظهر اليوم، بيان يرد فيه بعنف على كلام الشيخ نعيم قاسم، قام عضو الكتلة النائب عمّار حوري بزيارة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني، وأدلى على أثرها بتصريح مكتوب، حمل فيه بشدة على حزب الله الذي اتهمه بقتل الأبرياء في شوارع بيروت وترويع الأهالي بالسلاح، والقمصان السود والاعتداء على رجال قوى الأمن في الضاحية الجنوبية.

كما اعتبر quot;أن هناك خطأ ارتكبه (قاسم) في نعته quot;تيار المستقبلquot; بـ quot;الميليشياquot;، حيث إن كل هذه الصفات متصلة بحزب السلاح، الذي اعتدى على الجيش وارتكب 7 أيار ويغطي انقلاباً دستورياً ويشارك في قتل المواطنين السوريين مع quot;الشبيحةquot; وهو حزب السلاحquot;.

ونفى النائب حوري لـ quot;إيلافquot; أن يكون قد تعمد زيارة المفتي لإطلاق سهامه على quot;حزب اللهquot; من على منبر دار الفتوى، موضحاً أنه أجاب عن سؤال طرح عليه حول كلام الشيخ قاسم، وقد سبق له أن عبّر عن موقفه في هذا الخصوص في مداخلة تلفزيونية صباحية، أكد خلالها أنه لن تكون هناك فتنة سنية ــ شيعية، مشيراً الى quot;أن حزب الله quot;محشورquot; من ناحية المحكمة الدولية، ومن ناحية التغييرات في المنطقة، وهو يقوم بهجوم وقائيquot;. كما تمنى حوري ألا يقحم المفتي قباني في هذا الموضوع خصوصاً أنه ليس طرفاً فيه.

بدوره رد عضو المكتب السياسي لـ quot;تيار المستقبلquot; النائب السابق الدكتور مصطفى علوش على اتهامات quot;حزب اللهquot; لـ quot;تيار المتسقبلquot; بأنه quot;ميليشيا مسلحة يهرّب السلاح الى سوريا لزعزعة النظامquot;، فأكد quot;أن حزب اللهquot; هوإحدى أدوات القمع التي يستخدمها النظام السوري لقمع المتظاهرين وقتلهم، لذلك فإن محاولاته هي لذر الرماد في العيونquot;.

ورأى علوش quot;أن هذا الخطاب السياسي ينحدر بشكل مستمر عند quot;حزب اللهquot; خصوصاً بعد الحشرة الزمنية والسياسية التي يعيشها، وفقدان المنطق بالنسبة الى الموقف المتعلق بسورياquot;.

هذا وأبدت مصادر وزارية تخوفها من انعكاس هذه الأجواء السياسية المحمومة بين فريقي النزاع في لبنان على الأرض. فتترجم توترات أمنية، خصوصاً مع اقتراب الكشف عن مضمون القرار الاتهامي الخاص بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والذي يشير بأصابع الاتهام الى مجموعة من quot;حزب اللهquot; بالضلوع في هذه الجريمة، كما أفصحت عن ذلك مذكرات التوقيف الأربع الصادرة من المحكمة خلال الشهر الماضي، وكذلك مع مواصلة أحزاب وتيارات قيامها بتظاهرات منها المؤيدة للنظام السوري وأخرى معارضة له، والتي نجح الجيش حتى الآن في الحؤول دون حصول احتكاك وصدام بين الطرفين.

كذلك تترقب هذه الأوساط الخطاب الذي يلقيه نصر الله غداً الأربعاء في الذكرى الخامسة لانتصار المقاومة على اسرائيل في حرب العام 2006، حيث يتوقع أن يعلن فيه مواقف تصعيدية جديدة من المحكمة، ويرد على حملة الانتقادات التي توجهها قوى 14 آذار بصورة عامة وquot;تيار المستقبلquot; بشكل خاص، ضد الحزب وتصرفاته.

إزاء هذا المشهد الداخلي المضطرب، يبرز تحرك للجماعة الإسلامية يهدف الى التهدئة، وهذا ما يفسر الزيارة التي قام بها وفد منها الى مسؤولين في quot;حزب اللهquot; في الأسبوع الماضي، بحثوا معهم السبل الآيلة للتخفيف من هذا التشنج السائد على الساحة المحلية وفتح قناة للحوار بين الحزب وquot;تيار المستقبلquot;.

في هذا الإطار أبلغ ممثل الجماعة الإسلامية من البرلمان اللبناني النائب عماد الحوت quot;إيلافquot; عدم تفاؤله بالتوصل الى نتائج إيجابية في المدى القريب نظراً إلى حجم التوتر القائم حالياً بين الأطراف المعنية، والذي عمّق الانقسام في البلد، وتصعب معه المعالجات السريعة، إلا أن النائب الحوت أكد تصميم الجماعة على المضي في مهمتها بعيداً من الإعلام وعزمها تخفيف الاحتقان كخطوة أولى تمهد بخطوات لاحقة.