تبدو حكومة الاكثرية اللبنانية الجديدة التي تمثل قوى الثامن من آذار، عالقة في خضم التطورات السياسية الجديدة التي جاءت بحسب البعض لغير مصلحة النظام في سوريا، وهو الراعي الاول لتشكيلها، بعد أن بدأ يتحول من نظام ممسك بعدد من الاوراق لبنانيًا فلسطينيًا وعراقيا الى ورقة بيد القوى الاقليمية والدولية، تحت وطئة الانتفاضة الشعبية التي تعم المدن والبلدات في سوريا، والعزلة المتزايدة للنظام دوليا وعربيا، والصدور المتدرج للقرار الظني في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، واحتمال توجيه الاتهام لبعض رموزه.

سألت quot;ايلافquot; العضو في كتلة حزب الكتائب اللبنانية النائب فادي الهبر والنائب السابق في كتلة حزب الله اسماعيل سكرية حول انعكاس التطورات الاخيرة في سوريا على اندفاعة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ؟ ومدى مساهمة صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري بالمزيد من اضعافها؟ وهل بات سقوط هذه الحكومة واردا في المدى المنظور، ام انها ستتحول الى حكومة جمود وتعطيل في ظل الاستحقاقات السياسية الكبيرة التي تنتظر لبنان قريبا؟

يقول النائب الهبر بان تطور ثورة الشعب السوري، ورفضه للنظام الاقلوي العلوي، وسعيه للانتقال الى نظام سياسي ديمقراطي، دفع بالنظام في سوريا الى تصعيد حالة القمع الدموي، وتشكيل حكوم سورية جديدة، لمواجهة الضغط الدولي الذي بدأ يشتد عليه من أجل وقف اراقة الدماء، والبدء بتطبيق مجموعة من الاصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وقد جاء تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي في هذا السياق، مما يجعلها أقرب الى quot;خلية ازمةquot; تابعة للنظام السوري، وبالتالي فان اولوية العمل بالنسبة لهذه الحكومة ستكون امتدادا لمصالح النظام السوري، ومواجهة المحكمة الدولية وتداعيات القرار التهامي في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، وقد بدأت ترجمة ذلك على المستوى الدبلوماسي، ومن خلال موقف لبنان الرسمي في مجلس الامن الدولي، عندما نأى بنفسه عن اجماع اعضاء المجلس حول البيان الذي صدر عنه حيال التطورات في سوريا، وستكون الهموم والمشكلات الاجتماعية والمعيشية للبنانيين في آخر سلم أولويات هذه الحكومة.

ويلفت النائب الهبر الى أن الايجابية الوحيدة لهذه الحكومة، هي قوة الصبر والانتظار لدى الرئيس نجيب ميقاتي الذي يستثمر الوقت، وهو ما يساعده في امتصاص بعض التدعيات السلبية على لبنان، وقد وصلت الامور به الى قول الشيء ونقيضه، ولكن ذلك لن يحول دون وصول حكومته الى الحائط المسدود، بعد اسقاط حكومة الوحدة الوطنية التي كان من الافضل بكثير بقاؤها، لحماية لبنان في مواجهة الظروف السياسية الراهنة، وتأليف حكومة من الاكثرية الجديدة التي تضم فوى الثامن من آذار وعلى رأسها حزب الله الذي يشكل سلاحه عامل انقسام عمودي للشعب اللبناني، مما سيؤدي الى تفاقم الازمة الاقتصادية، بسبب هروب الكثير من رؤوس الأموال جراء ذلك، وعدم اقدام المتمولين على توظيف اموالهم في المشاريع الاستثمارية فيه، وهو ما يعبر عنه التراجع في مؤشر النمو من تسعة الى اثنين بالمئة وربما صفر في المستقبل القريب، ويرى الهبر بان لبنان بات اليوم على كف عفريت بما في ذلك التعرض للاخطار الامنية.

ولا يتوقع النائب السابق في كتلة حزب الله اسماعيل سكرية وبغض النظر عن التطورات التي تشهدها سوريا الكثير من الحكومة الحالية، كونها جاءت في ظل انقسام سياسي لبناني حاد، وأكثرية غير متماسكة، والحجم الهائل للملفات التي تنتظرها، ويرى بان معالجة الملفات السياسية، ستطغى على عمل هذه الحكومة في ظل الزلزال السياسي الذي تشهده المنطقة، كموضوع تمويل المحكمة الدولية الذي من المرجح ان لا يقطع من خلاله الرئيس ميقاتي ووزرائه والنائب وليد جنبلاط شعرة معاوية مع الولايات المتحدة الاميركية وأوروبا، وهو ما يضع الاكثرية الجديدة أمام امتحان قاس، لا احد يدري اذا ما كان ممكنا بقاؤها موحدة، خصوصا وانها حكومة أكثرية الى حد معين، لانها لا تملك رؤية وبرنامجا سياسيا واجتماعيا موحدا، حيث كان الخلاف على مشروع وزير الطاقة والمياه لزيادة انتاج الطاقة الكهربائية، نموذجا لمواقف اطرافها حيال الملفات التي تنتظرها.

ويوجه سكرية الكثيرمن النقد لحكومة ميقاتي، بالرغم من تأيده لها كما يقول، بسب وجود رائحة الفساد داخلها، حيث تبقى قدرتها على العيش مرهونة بارتفاع وتيرة التحديات السياسية التي ستواجهها، وان كان من المبكر الاعتقاد بدخولها مرحلة الشلل وأدارة الازمة، ويقدر سكرية بان الاوضاع السياسية والامنية في لبنان، ستبقى تحت سقف التراشق الاعلامي، والمزيد من التوتر السياسي، والردود المتبادلة حول القرار الاتهامي بشأن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وعمل المحكمة الدولية، خصوصا وأن الكثير من الشكوك قد أحاطت بعملها، ولكن دون حصول صدام على الارض .