أثنى المعارض السوري، أحمد غنام، عضو الهيئة الوطنية الاستشارية للتغيير السورية، في حديث مع quot;إيلافquot; على الموقف السعودي من الثورة السورية، معتبراً أنه أثلج صدور الشعب السوري، وترك آثاراً سلبية على النظام الحاكم.


المعارض السوري احمد غنام خلال اللقاء مع quot;ايلافquot;

القاهرة: قال المعارض السوري، أحمد رياض غنام في مقابلة مع quot;إيلافquot; في القاهرة إن النظام السوري يرتكب فظائع، منها عمليات إغتصاب وقتل وتعذيب وتمثيل بالجثث، ووصف الإدانات الدولية والعربية بـquot;الخدعةquot; تارة وquot;العلاقات التبادلية القائمة على المصالحquot;طورًا آخر.

معتبراً أن المجتمعين العربي والدولي يمنحان نظام بشار الأسد فرصة تلو الأخرى، لسحق المعارضة، مؤكداً أن الثورة سوف تنتصر، وداعياً إلى ضرورة التدخل العسكري في سوريا من أجل إسقاط النظام. وإليكم نص الحوار:

ـ ما قراءتك للمشهد السوري حالياً بعد تصاعد المواقف العربية والدولية ضد الرئيس بشار الأسد؟

ما يحدث الآن يمكن وصفه بعلاقة تبادلية بين الطرفين النظام السوري والمجتمع الدولي، تقوم على المصالح، حيث يعطي الأخير الأول الفرصة تلو الأخرى من أجل القضاء على الثورة الشعبية، ويغتنمها الأول مرة تلو الأخرى، ولكن في كل مرة يفشل في إخماد الثورة، ويستمر الشعب السوري في الإحتجاج والمطالبة بالحرية، إنها عملية خداع دولي مغلف بمصالح سياسية وإقتصادية، المجتمع الدولي لا يريد الإطاحة بنظام بشار الأسد، يريد عملية تغيير بطيئة في السلطة من خلال تطعيم النظام ببعض المعارضة المدجنة.

في حين أن النظام فقد شرعيته، والشعب السوري يريد إسقاطه تماماً، تشترك تركيا في عملية الخداع هذه، حيث تمنح الأسد مهلة تلو المهلة للقضاء على الثورة، ولعل آخرها مهلة الخمسة عشر يوماً التي قاربت على الإنتهاء، حيث طلب بشار الأسد من وزير الخارجية التركي هذه المهلة لسحق ما يسمّيها الجماعات المسلحة، وبعدها يعلن عن عملية إصلاحية كبرى من وجهة نظره.

لذلك كان الجميع يتوقع أن يكون لتصاعد المواقف الدولية والعربية في الأسبوع الفائت أثر واضح في وقف القمع، لكن ما حدث هو العكس، حيث زادت حدته، ودخلت قطاعات جديدة من الجيش في العمليات العسكرية، منها سلاح البحرية الذي قذف اللاذقية. إضافة إلى زيادة حملات الإعتقالات، إن النظام السوري يحاول كسب الفرصة.

ـ وهل تتوقع أن تنجح ما وصفتها بـquot;الخدعة الدوليةquot; في إخماد الثورة السورية؟

لا، لن تنجح الخدعة، سيواصل الشعب السوري ثورته، وفي كل مرة يعتقد فيها نظام بشار الأسد أنه نجح في إخماد الثورة في مدينة أو محافظة، تندلع في مكان آخر، إن الثورة السورية تعمل وفق نظرية الأواني المستطرقة، فإذا أغلق النظام فتحة... فتحت أخرى، يستطيع النظام وضع ما يشاء من النظريات الأمنية، لكنه لن يستطيع تطبيقها على الأرض، لن تنجح كل النظريات الأمنية في تركيع الشعب السوري الباحث عن الحرية، لأنه إستطاع كسر حاجز الخوف، وهذه الكلمة لها معانٍ كبيرة تتجاوز المعنى الحرفي لها، لأننا في سوريا عندما ولدتنا أمهاتنا ولد معنا الخوف منذ أكثر من خمسين عاماً.

وطالما نجحنا في كسر حاجز الخوف، فلن تؤثر فينا الدبابات أو الطائرات أو البحرية، لم نعد نخاف، إننا إنتصرنا على الخوف وقتلناه، وهذا هو الأهم. إذا إستمرت المظاهرات حتى يوم الجمعة المقبل بالزخم نفسه، يكون إسقاط النظام السوري أصبح وشيكاً، لأنه سيكون بذلك قد إستنفدكل الحلول والنظريات الأمنية، ولم يعد في جعبته شيء.

ـ ما توقعاتك في ما يخص إجتماع مجلس الأمن غداً بخصوص سوريا؟

لا نعوِّل كثيراً على المواقف الدولية، لأنها متأخرة جداً عن الشارع السوري، ولا تلبّي تطلعاته، وعموماً أتوقع أن يتخذ المجتمع حزمة من العقوبات الإقتصادية ضد النظام، التي قد تكون قاسية بعض الشيء.

ـ لكن ألا تخشى من التأثيرات السلبية على الشعب السوري من تلك العقوبات؟

مهما كانت تلك العقوبات قاسية سيتقبلها الشعب السوري بصدر رحب، لأنها ستمثل له حبل الخلاص من القمع والبطش والقتل والإغتصاب، ما المانع من فرض عقوبات على هذا النظام الإستبدادي إذا كانت ستساهم في تسريع وتيرة سقوطه.

إن أية عقوبات لن تكون أقسى مما يعانيه السوريون حالياً، بل إنني سأغرّد بعيداً، وأطالب بتدخل خارجي عسكري محدود، ضمن عملية جراحية تساهم في إسقاط النظام وتخليص السوريين وحقن دمائهم، على أن يتم ذلك من خلال إغلاق الممرات الدولية لسوريا، سواء البرية أو الجوية أو البحرية، وإيقاف المبادلات التجارية.

احمد غنام يشيد بالموقف السعودي

واعتقد أن ذلك الإجراء سيسهم في الإسراع بسقوط النظام، لاسيما أن طبقة كبار التجار والصناع، أي رجال الأعمال، سيكونون الأكثر تضرراً، وسوف تصل رسالةإلى هؤلاء الذين يدعمون النظام بالمال أن الأخيرانتهى، وسوف تصل هذه القناعة أيضاً إلى الجيش، عندها سينقلب عليه كبار القيادات حرصاً على رقابهم. كما إن ذلك يجعل الجميع يدفع فاتورة التغيير، لأن الثوار لن يتمتعوا بالحرية وحدهم، بل سوف يتمتع بها جميع السوريين، بمن فيهم مؤيّدو النظام.

ـ لكن هذه الدعوة تجلب للمعارضة في الخارج الإتهام بالتشجيع على التدخل الأجنبي في سوريا؟

المعارضة في الداخل أو الخارج وطنية، وتسعى إلى تخليص الشعب السوري من هذا الكابوس، كل يعمل حسب اعتقاده، لكن الجميع وطني ومخلص للقضية، ودائماً يحاول النظام تشويه المعارضة الخارجية، ويصفها بالخائنة أو العميلة للخارج، إنه كلام سخيف يردده النظام من أجل أن ينفض الناس من حولنا.

إن المعارضة، سواء في الداخل أم في الخارج، تعمل تحت سقف الشارع، ولم تتقدم عنه، بل إنها تلهث من خلفه غير قادرة على اللحاق به. ألم يسأل أحد نفسه: لماذا اندلعت الثورة في منتصف مارس/آذار الماضي؟ إن السبب كان قتل وتعذيب 15 طفلاً أو شاباً حديث السن في درعا.

ـ تطلب التدخل العسكري الأجنبي بإغلاق المنافذ السورية بحراً وجواً وبراً، لكن الدعم الأكبر يتلقاه النظام من إيران عبر العراق، ما يعني إحتمالية فشل ما تدعو إليه؟

الكلمة الفصل في المشهد العراقي ليست لإيران، كما يتوهم البعض، إنها لأميركا، وإذا قرر المجتمع الدولي إتخاذ خطوات حازمة مع بشار الأسد، سوف تجبر أميركا المالكي على الانصياع للمجتمع الدولي.

ـ وماذا عن حزب الله، بإعتباره أحد الداعمين للنظام في قمع الثورة حسب قول المعارضة؟

لا يقلقني حزب الله كثيراً، ما يقلقني حقًا السيناريوهات المتوقعة حين يحاصر هذا النظام القمعي، الذي قد يتصرف بأسلوب غير عقلانيحين يجد نفسه في خطر شديد، وأنا أخشى أن ينقل المعركة إلى المحيط الخارجي، من هنا أشدد على ضرورة أن يكون الحسم من جانب الجيش السوري، لا سيما قياداته، التي لم تتلوث أيديها بدماء الشعب السوري.

وهناك أسلحة كبيرة وعديدة لم تشارك في القمع، الفرقة الرابعة فقط هي من تقوم بأعمال القتل والقمع. وفي حالة التضييق على هذا النظام من جانب المجتمع الدولي من خلال عمليات عسكرية محدودة مع إغلاق ممراته، فسوف يتأكد قادة الجيش وكبار الطائفة العلوية أنه انتهى، فينفضون من حوله، وينقلبون عليه، فينقذون سمعة الجيش السوري التي صارت في التراب، وينقذون الشعب السوري من هذا الجحيم.

ـ تراهن على الخارج، في حين أنك تصف موقفه بالخدعة، وتصف علاقته مع النظام بالتبادلية، كيف يستقيم الأمر؟

أنا لا أراهن على الخارج، بل أراهن على ثورتنا، لكننا جزء من المجتمع الدولي، ومن حقناً أن يقف أي جوار لناويسهم في حقن دمائنا من خلال القيام بفعل ضاغط، كما إن تلك العلاقة التبادلية القائمة على المصالح بين النظام والمجتمع الدولي لن تستمر طويلاً، لأن الثورة السورية لن تهدأ، إلا بتحقيق هدفها الأول والأكبر في إسقاط النظام.

ـ ساهم تغييب وسائل الإعلام العربية والدولية عن المشهد السوري في خلق نوع من الضبابية، فالنظام يروّج بأن ما يحدث هو عنف مسلح، والمعارضة تصفه بأنه قمع لثورة شعبية؟

لاشك أن تغييب الإعلام العربي والدولي يأتي في مصلحة النظام، الذي يخشى من فضح جرائمه بحق الشعب السوري، هناك فظائع ترتكب بحق المدنيين، من قتل وتعذيب للرجال والأطفال واغتصاب للنساء، ولا يستطيع الناشطون حصرها أو توثيقها. هذا ساهم في تشويه صورة الثورة، وساهم أيضاً في ترويج الأكاذيب من خلال الإعلام السوري، مثل أن هناك مسلحين وسلفيين، وهذه الأكاذيب كانت ستسقط إذا كان هناك إعلام حر ومحايد.

ـ هل لديك وقائع موثقة تؤكد ما تذهب إليه؟

بالطبع هناك وقائع لاحصر لها، ولدينا واقعة مفزعة في جسر الشغور، حيث قام أربعة عناصر من الجيش باغتصاب فتاتين ووالدتهما أمام الأب والأبناء الصغار، وهؤلاء موجودات في أحد المشافي في تركيا. هل هناك فظائع أبشع من هذه؟.

ـ كيف تقوّم التحرك السعودي تجاه الأزمة، والذي جاء حازماً بشكل كبير، ولماذا تأخر رد الفعل لمدة خمسة أشهر؟

الدبلوماسية السعودية معروف عنها الأناة والصبر، توقعت السعودية أن يستجيب الرئيس الأسد لمطالب شعبه، طالت المدد، وتواصلت عمليات القتل، طفح الكيل لدى القيادة السعودية، من هنا كان لا بد من هذا الموقف السعودي النبيل. صرخة أو خطاب الملك عبد الله بن عبد العزيز أحيت في قلوبنا الكثير من الأمل بأن هناك عربًا يقفون إلى جانبنا.

ـ هل من تأثيرات واضحة لهذا الموقف على النظام السوري؟

الموقف السعودي كان له تأثير أكبر على شباب الثورة، هذه الصرخة التي أطلقها جلالة الملك عبد الله ألهبت الشعب السوري، من هناك ازدادت الثورة السورية إشتعالاً، لأنها عرفت أن السعودية تقف إلى جانبها حكومة وشعباً وملكاً، نحن لا نعوّل كثيرًا على الغرب، نحن نعوّل على العرب، السعودية بوابة العرب الآن، لذلك كان لموقفها الوقع الإيجابي الكبير على الشعب الثائر.

والمؤشر الذي جاء من السعودية ساهم في ترقية أو تصعيد المواقف الدولية، وبالفعل إرتقى الموقف الأميركي، ثم التركي، بعد خطاب الملك عبد الله بن عبد العزيز، إننا نعلم أن السعودية صارت مفتاح المنطقة، ومن هنا كانت فرحتنا بالموقف السعودي.

ـ لكن هناك من يرى أن الموقف السعودي طائفي أكثر منه سياسي، نتيجة الإنحياز إلى الطائفة السنية في مواجهة الطائفة العلوية المدعومة من إيران؟

موقف المملكة العربية السعودية ليس طائفياً، بل موقف إنساني في الأساس، إنه موقف منحاز إلى الغالبية من الشعب السوري، التي تقتل وتذبح يومياً على أيدي النظام السوري، إن آلة القتل التابعة لبشار الأسد لا تفرِّق بين سنّي وشيعي، هناك في الشارع السوري المنتفض مسيحيون وشيعة وإسماعيليون وقليل من الدروز، إن السعودية إنتصرت لهؤلاء جميعاً، ولكن هذا لا يمنع ان هوانا سعودي، نحن السنّة مرجعيتنا الأولىهي السعودية، وهي بيت المسلمين السنّة في العالم، وهذا شيء نرفع به رؤوسنا.

ـ وبما تفسّر الموقف المصري، الذي طال صمته؟

أعتقد أن الموقف المصري يتمثل في الشعب المصري، وليس في قيادته، والشعب المصري يقف معنا قلباً وقالباً، وهذا ما يعنينا. أما بالنسبة إلى القيادة فأنا أختلق لها الأعذار، لأنها محكومة بظروف صعبة تمر بها، وسط إرهاصات صعبة في المنطقة العربية، إن القيادة المصرية تحاول ترتيب البيت من الداخل أولاً، وليست في مرحلة تمكنها من اتخاذ قرارات مصيرية، لكن لمصر مواقفها الداعمة لقضايا سوريا أمتنا العربية باستمرار.