في وقت لا تزال تتواصل فيه تداعيات الفضائح الجنسية التي تورط بها ضباط شرطة وأفراد من قوات حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة في البوسنة والهرسك قبل سنوات، وفجرتها كاثرين بولكوفاتش، ضابطة الشرطة الأميركية التي فُصِلت من عملها على خلفية كشفها لتفاصيل تلك القضية، قالت مادلين ريز، الناشطة في مجال حقوق الإنسان، حسبما نقلت عنهت صحيفة النيويور تايمز quot; شرف لي ألا يتم ذكر اسم الأمم المتحدة في وقائع اغتصاب لنفس هؤلاء الأناس الذي يتوجب علينا حمايتهمquot;.

وأضافت ريز، التي عملت كمدير لمكتب حقوق الانسان في سراييفو في الفترة ما بين 1998 و 2006، أن النزاع الذي أثير في فيلم quot; The Whistleblowerquot; ndash; الذي بدأ عرضه مؤخراً في الولايات المتحدة ndash; قد أزيل بصورة حرفية تقريباً من حجة كانت لديها في العام 2001 تقريباً. وبعد مرور 10 أعوام، أدت سلسلة الفضائح الجنسية التي امتدت من البوسنة إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى هايتي، وتورط بها أفراد من قوات حفظ السلام، إلى اجبار الأمم المتحدة على تغيير الطريقة التي تتعامل من خلالها مع اتهامات الاتجار بالبشر والاغتصاب والجرائم ذات الصلة.

لكن القضية مازالت تربك المؤسسة الأممية، وهي النقطة التي جرى تأكيدها من خلال المناوشات التي وقعت بين كبار مسؤولي الأمم المتحدة بشأن تقبل الفيلم أو محاولة تجاهله. ومضت النيويورك تايمز تشير إلى أن تداعيات تلك الفضائح لا تزال متواصلة، حيث تظاهر هذا الأسبوع مئات من المواطنين في هايتي دعماً لصبي يبلغ من العمر 18 عاماً قال إنه تعرض للاعتداء الجنسي من جانب أفراد في قوات حفظ السلام من أوروغواي في إحدى القواعد التابعة للأمم المتحدة، وهو ما جعل رئيس هايتي يطلق تصريحات توبيخ غاضبة ودفع أوروغواي كذلك إلى التقدم باعتذار.

وأشارت النيويورك تايمز إلى أن الأمم المتحدة بدأت تولي اهتماماً كبيراً بالتعامل مع الجرائم الجنسية بين أكثر من 120 ألف موظف قامت بنشرهم في 16 مهمة خاصة بحفظ سلام في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك التدريب على نطاق واسع. ووجه خبراء في مجال حقوق الانسان وبعض الدول الأعضاء انتقاداتهم للأمم المتحدة لتركها جزءً كبيراً من مهمة إنفاذ سياسة quot;عدم التسامحquot; التي أُعلِن عنها عام 2003 للدول التي تساهم بالقوات. وتابعت الصحيفة الأميركية الحديث بنقلها عن بولكوفاتش، قولها :quot; لم يأتوا مطلقاً بحقائق فعلية، ولم يأتوا مطلقاً بحالات فعليةquot;.

وفي المقابل، لوح مسؤولو الأمم المتحدة بالاحصاءات المنشورة على موقع مهام حفظ السلام التابع للأمم المتحدة باعتباره دليل على الشفافية. وأوضحت الصحيفة أن الأرقام، التي يعد مصدرها غامضاً بعض الشيء، تشير إلى أن الحالات انخفضت من 108 اتهام مثبت بالاستغلال والاعتداء الجنسي عام 2007 إلى 85 عام 2008، ثم إلى 63 عام 2009، و33 العام الماضي، و5 حالات فقط حتى الآن في عام 2011.

لكن لا يزال هناك أكثر من 200 اتهام مماثل دون حل، وأكد تقرير الأمم المتحدة السنوي الخاص بمثل هذه الجرائم للعام 2010 أن النشاط الجنسي مع القاصرين والأشخاص غير الراغبين في الجنس شكَّل أكثر من نصف الاتهامات المُبَلَّغ عنها، أي أن الأمور لم تتغير كثيراً منذ 2008. كما ان الجهود الخاصة بجمع المعلومات من الدول التي توزع القوات بشأن الإجراءات القانونية أو التأديبية غالباً ما كان يتم تجاهلها.

وفي مقابل ذلك، دافع مسؤولون كبار عن الأرقام، مؤكدين أنها تتحسن، وأن التشهير علناً بالدول الأعضاء سيُصَعِّب من مهمة العثور على قوات لحفظ السلام. في حين أدان ناشطون وبعض الدبلوماسيين الأمم المتحدة لأنها تتصرف على استحياء، في ظل ضعف سياساتها الداخلية تحديداً تحت قيادة الأمين العام بان كي مون.