تعيش الساحة السياسية اللبنانية حالة من الجدل المستمر حول التواجد الحقيقي للقاعدة داخل البلد، وخاصة بعد التصريحات التي أطلقها وزير الدفاع، فايز غصن، وأشار خلالها إلى امتلاكه معلومات حول عبور عناصر من التنظيم إلى لبنان تحت ستار الانتماء إلى المعارضة السورية.


أحد المعابر الرسمية بين لبنان وسوريا

بيروت: تستمرquot;العاصفةquot; السياسية التي أطلقها كلام وزير الدفاع اللبناني، فايز غصن، والذي أشار قبل حوالى الأسبوعين إلى امتلاكه معلومات تشير إلى حصول عمليات على بعض المعابر غير الشرعية لاسيما في بلدة quot;عرسالquot; عند الحدود اللبنانية الشمالية الشرقية مع سوريا وتشمل تهريب أسلحة ودخول بعض العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم quot;القاعدةquot; تحت ستار انتمائهم إلى المعارضة السورية، وذلك على شكل سيل من المواقف والتصريحات المتبادلة بين فريقي 14 و8 آذار في ظل استمرار وتصاعد الانتفاضة الشعبية في سوريا والضغوط الدولية والعربية التي تهدف إلى وضع حد لعمليات القمع والاعتقالات التي تقوم بها أجهزة النظام العسكرية والأمنية للمتظاهرين في مختلف المدن والبلدات السورية.

ويؤكد العضو في كتلة نواب تيار المردة في لبنان، النائب إميل رحمة، ان تنظيم القاعدة موجود في لبنان من خلال انتشار فكر هذا التنظيم في صفوف بعض الشباب، بغض النظر عن نسبة التأييد التي يحظى بها وإن كات ضئيلة جدا في أغلب الأحيان، وبعض العمليات الارهابية التي حصلت في لبنان في العام 2003 ومنها تفجير مطاعم quot;ماكدونالدزquot; واتهام معمر العوافي الملقب بـquot;إبن الشهيدquot; وتأكيد علاقته بالظواهري، واعتقال رئيس أول شبكة تابعة لتنظيم القاعدة في لبنان إسماعيل الخطيب في العام 2004، والذي توفي خلال التحقيق معه، أثناء توقيفه من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية، واعلن عن ذلك في حينه وزير الداخلية السابق إلياس المر، وما كشفته وثائق quot;ويكليكسquot; لاحقا من كلام قاله رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لسفيرة الولايات المتحدة الأميركية في بيروت حول اشتباهه بوجود لتنظيم القاعدة في لبنان.

ويشدد رحمة على أن الكلام الأخير للوزير غصن يأتي استمرارًا لما أكده الوزير المر قبل سنوات، وحيث يستند وزير الدفاع في معلوماته إلى تقارير حول الموضوع بين يديه، والى مذكرة لدى الانتربول الدولي بملاحقة احد السورين المطلوبين لهذا الجهاز، ويدعى حمزة القرقوز الذي تواجد في بلدة quot;عرسالquot; اللبنانية وحاول الجيش اللبناني اعتقاله، وقيام بعض الاهالي بمنع قوة الجيش من تحقيق هدفها، ويلفت إلى أن الحجم الكبير للتداعيات التي أحدثها كلام الوزير غصن، يعود للصراع السياسي الحاد في لبنان بين فريقي 14 و 8 آذار حمل رؤية وتفسير ما يجري من أحداث في سوريا.

ويرى أن النظام السوري قوي بما فيه الكفاية، وليس بحاجة إلى تصريح وزير الدفاع اللبناني، كي يتمكن من إنقاذ نفسه، واعتبر أن تزامن كلام وزير الدفاع مع حصول انفجارين في العاصمة السورية دمشق أمام مقر الإدارة العامة للمخبرات قبل حوالى الاسبوعين، واتهام النظام لquot;لقاعدةquot; بالمسؤولية عنهما، كان مجرد صدفة، خصوصا وان أي شخص اذا ما كان يمتلك فكر quot;القاعدةquot;، فأنه من المؤكد لن يلجأ إلا إلى منطقة تنتمي إلى النسيج المذهبي نفسه الذي ينتمي إليه الشخص نفسه، ولكن ذلك لا يعني أنه يتم بعلم أبنائها، وتحديدا بلدة quot;عرسالquot; التي تمتد أراضيها بمحاذاة الحدود مع سوريا لمسافة تصل إلى ما يقارب الخمسين كلم، وتتميز بكونها منطقة جبلية تكثر فيها الأودية، ولايمكن للجيش اللبناني مراقبتها وضبطها بالكامل، بسبب إمكانياته المحدودة، ولكن السلبي في الأمر، يبقى في محاولة قوى 14 آذار إقحام البلدة في غايات انتخابية ضيقة وزيادة الاحتقان المذهبي السني ndash; الشيعي، وامل رحمة بأن يبقى التأييد من قبل أبناء بعض المناطق اللبنانية للمعارضة السورية في حدود الموقف السياسي، بعيدا عن أي دور أمني، لان الامن السوري عندها سيسعى إلى ضبط الحدود على طريقته.

ويشير عضو المكتب السياسي لتيار المستقبل، حسان الرفاعي، من جهته، إلى أنه وبغض النظر عن كلام وزير الدفاع في حكومة الاكثرية الموالية لسوريا، حول وجود لتنظيم quot;القاعدةquot; في لبنان والذي يبقى خطرًا دائمًا، لأن هذا التنظيم يعمل بطريقة سرية، تحضيراً لعمليات تفجير في هذا البلد أو ذاك، وبالتالي فإن قيام الأجهزة الامنية بدورها في مراقبته ومحاصرته والقبض على عناصره إذا أمكن ذلك، يبقى أمرًا ضروريًا، ولكن أن يقوم وزير الدفاع بالإعلان عن هذا الموضوع، عبر وسائل الإعلام، فانه يعني بشكل أو بآخر، خلق المبررات لتدخل سوري في المناطق التي يتم توجيه الاتهام لها بايواء عناصر من تنظيم quot;القاعدةquot;، وبالتالي إذا لم تثبت صحة تلك المعلومات، فان الطرف السياسي الذي ينتمي اليه الوزير غصن، يكون هو المسؤول عن دماء المواطنين اللبنانيين الذين قتلوا أو قد يقتلون لاحقًا، جراء الاختراقات التي تقوم بها الأجهزة العسكرية والأمنية السورية للحدود اللبنانية.

ويكشف الرفاعي بانه ومع بداية الأزمة في سوريا عمل النظام فيها على تشكيل فريق عمل لترتيب ملفات تشوه صورة المعارضة، ومن بينهم وزراء ونواب لبنانيون سابقون وإظهار بأن هناك وجودا لمنظمات إرهابية في لبنان، وهي ما تشكل مبررًا لتدخل النظام السوري، أو افتعال مشكلة لبنانية- لبنانية إذا ما اقتضت مصلحته في ذلك.

ويستعيد الرفاعي تجربة تدخل اجهزة المخابرات السورية، وتحديدا مسؤول جهاز الأمن والاستطلاع للقوات السورية قبل انسحابها من لبنان العميد رستم غزالة غاضبًا، عندما حاول وزير الداخلية السابق إلياس المر إلقاء القبض على احد المتهمين بالارهاب في بلدة مجدل عنجر البقاعية وما زال الوزير المر يدفع ثمن ذلك حتى الآن، لأن أجهزة المخابرات السورية كانت ترعى تلك الجماعات للقيام بمهام معينة تخدم سياسة النظام فيها، وقد تغلغلت على مدى سنوات في المجتمع اللبناني، وعلى امتداد جميع المناطق وفي كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في لبنان، والدليل على ذلك تعلق الوزير نفسه بالنظام في سوريا والذي لا بد إذا ما سقط أن يترك أيتاماً له في لبنان، وهي عملية دأب عليها ذلك النظام، منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في العام 2005 حيث تم اتهام quot;أبوعدسquot; وجرت محاولة لإلباسه الجريمة، ومرورًا بظهور تنظيم quot;فتح الإسلامquot; الذي ترأسه شاكر العبسي بعد خروجه من السجن في سوريا وقدومه إلى قواعد حركة quot;فتح الانتفاضةquot; الموالية لسوريا في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ووصولاَ إلى الكلام الأخير لوزير الدفاع والذي يعزز نظرية quot;فزاعة الإرهابيين الإسلاميينquot; وتأكيد نظرية النظام السوري في قراءته للاحداث التي تدور فيها كمؤامرة تتولى تنفيذها المجموعات الإرهابية الأصولية في سوريا لضرب نظامها quot;الممانعquot;.